عاجل:

صفحات مطوية من أمس قريب وبعيد ..."ديك الجيران" يشوّش على رونالد ريغان

  • ٧٤

 حبيب شلوق

قد يكون البطريرك الماروني المثلث الرحمة مار أنطونيوس بطرس خريش من أصلب البطاركة الموارنة، وهو تولى السدة البطريركية من1975 إلى 1986 ، وعانى كثيراً خلال ولايته في رئاسة البطريركية. فالرجل لا يعرف البيع والشراء، الأمر الذي جعله يعاني أولاً من "أهل البيت" الذين ناصبوه العداء وأرسلوا إليه مجموعة محازبين بعضهم مسلح ليعترضوا على لقائه النائب وليد جنبلاط في روما  غداة "حرب الجبل" وتهجير المسيحيين منه (1984) . يومها كان خريش في قمة الشجاعة حيث فتح جبته وقال لهم "قوّصوني ...قوّصوني"، وقبل أن يغادروا بكركي، حطموا الطاولة الموضوعة في وسط المدخل العلوي للصرح وهي طاولة مستديرة سوداء مشغولة حفراً باحتراف، كذلك حطموا عدداً من صور البطاركة السابقين الزيتية الموضوعة على جدران الصرح. وكما زرت لاحقاً البطريرك صفير في الديمان بعد الإعتداء عليه من مجموعة حزبية عام (1989 )، فأهانوه وعبثوا مجدداً بأثاث بكركي،  زرت البطريرك خريش الذي كانت تربطني به صداقة وثيقة .

في كل الأحوال فإن منفذي الإعتداء الأول تداولت الصحف أسماءهم، أما مرتكبو الإعتداء الثاني فأخبرني  رئيسي في اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران رولان أبو جودة خلال  إحد الأسفار برفقة البطريرك صفير، أن أسماء المعتدين المباشرين على البطريرك صفير معروفة وهم 12 شخصاً من أكثر من اتجاه حزبي!

ولنعد إلى البطريرك خريش الذي كنت اتصل به ليلاً من "نهار" الحمراء إلى بكركي عبر خط "بيروتي" هوائي (يبدأ بالرقم 339/ 01 ) مأخوذ من  سنترال الأشرفية في محاولة لعدم التنصت من أجهزة أمنية رسمية إلى "قوة الردع" السورية وميليشيات من كل الطوائف والمذاهب،وخُصّص هاتف الأشرفية لعدد من الشخصيات والمقامات وبعض المحظوظين والقريبين من وزير الاتصالات آنذاك في حكومة الرئيس شفيق الوزان  المهندس ميشال المر.

ومقال اليوم من "الصفحات المطوية" موضوعه زيارة البطريرك خريش البيت الأبيض في واشنطن ولقاؤه مع الرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريغان.

ففي عام  1982 سافر البطريرك خريش إلى الولايات المتحدة الأميركية على رأس وفد كنسي في مقدمه رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران رولان أبو جوده، ورافقه مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري أنطوان الجميل الذي كنت أناديه تحبباً "الشيخ أنطون". ولما كنت عضواً في المركز الكاثوليكي إبن اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، توليت  تغطية الخبر طوال الرحلة وتوزيعه بعد تلقيه من "الشيخ أنطون" الذي كان يوافيني به فجر كل يوم من الولايات المتحدة، عبر هاتف منزلي ثم أنتقل إلى المركز الكاثوليكي حيث أتولى تحرير الرسالة وإرسالها إلى كل الصحف ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة فضلاً عن توضيب ملف خاص للبطريركية المارونية لتسليمه إلى البطريرك خريش بعد عودته، وهو ما حصل لاحقاً  ولو لم أسلمه بيدي علماً أن الملف بكامله مكتوب بخطي.

واللقاء مع الرئيس ريغان الذي شارك فيه الوفد المرافق وبينهم "الشيخ أنطون"، وكاردينال بوسطن تيرانس كوك، كان جيداً ، بل إمتد أكثر من الوقت المحدد بـ 20 دقيقة، إلى الضعف وأسهب البطريرك في شرح الوضع اللبناني لعشرين دقيقة أخرى.

وفي الخلاصة تلقيت كما العادة فجراً رسالة الخوري الجميل  وفيها كلمة للرئيس ريغان خلال اللقاء ولكن ما لم يكن في الحسبان هو أن "ديك الجيران" شاء أن يصيح في لحظة القاء الرئيس ريغان كلمته، فشوّش قليلاً عليه.

ولما كنا مضطرين إلى إرسال الرسالة إلى وسائل الإعلام، ومنها المسموعة، صدحنا "ديك الجيران" وهو يشوّش على خطاب رئيس أكبر دولة رونالد ريغان في نشرة أخبار "إذاعة صوت لبنان"، الساعة الثانية والربع بعد الظهر، ولكن ما في اليد حيلة ومرّت على خير.

المنشورات ذات الصلة