عاجل:

غموض مصير تمديد المهلة إلى 18 شباط بعد شروط برّي وعدم التقيد الإسرائيليّ (البناء)

  • ٣٢

بينما كان مئات الآلاف من أبناء شمال غزة يسيرون على أقدامهم عدة كيلومترات يعبرون موقع الاحتلال الذي تمّ تفكيكه مع ذرف الدموع من جنود الاحتلال في نتساريم، قاصدين مناطق شمال غزة التي دمّرها الاحتلال أملاً ببناء منطقة أمنية عازلة خالية من السكان وتمهيداً لتهجير الفلسطينيين من غزة، ضمن مخطط كشف عن تبنّيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كانت المقاومة في غزة تسجّل نصرها البائن، وقادة الكيان يتقاذفون الاتهامات بالمسؤوليّة عن الهزيمة، وكانت الوفود الشعبية ترفع وتيرة زخمها جنوب لبنان وتستهدف البلدات التي لم يستكمل منها انسحاب جيش الاحتلال مثل مارون الراس يارون في القطاع الأوسط، أو عديسة وميس الجبل في القطاع الشرقي، أو تلك التي لم يبدأ منها الانسحاب مثل مروحين في القطاع الغربي. وهذه المرة كان الأهالي والجيش يسيران قدماً إلى قدم كما في ميس الجبل، أو كان الأهالي يتقدّمون ويلحق بهم الجيش كما في مروحين.

مسيرة التحرير الشعبية ترافقت مع زخم دبلوماسيّ كان أعلن الأميركيون عن نجاحه بالتوصل إلى اتفاق يمدّد مهلة الستين يوماً لانسحاب قوات الاحتلال حتى 18 شباط، وهو ما ورد في بيان لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مشيراً إلى أنه تشاور مع رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، قبل أن يقول ميقاتي إن الجانب الإسرائيلي مسؤول عن انتهاك الاتفاق ولم ينفذ التزاماته بينما نفذ لبنان كل التزاماته. وقبل أن يصدر عن الرئيس بري إيضاح يقول إنه أبلغ ميقاتي شروطاً بوقف أعمال القتل والتدمير التي يقوم بها الاحتلال، وتأتي أخبار النهار بسقوط عدد جديد من الشهداء والجرحى، ما يعني ضمناً سقوط موافقة بري المشروطة، وبقي الصمت سيد الموقف في بعبدا في التعليق على التمديد، بينما كان الجيش يتعرّض مع الأهالي جنوباً لإطلاق نار جيش الاحتلال، بينما يواصل الجيش التقدّم مع الأهالي دون أن يظهر سلوكه التزاماً بتمديد المهلة، وجاء كلام الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الأشدّ وضوحاً بالإعلان عن رفض تمديد المهلة لحظة واحدة، معتبراً أننا “أمام احتلال يعتدي ويرفض الانسحاب والمقاومة لها الحق أن تتصرّف بما تراه مناسباً حول شكل وطبيعة المواجهة وتوقيتها”، مضيفاً أن “على “إسرائيل” أن تنسحب بسبب مرور الستين يوماً ولا نقبل بأي مبرر لتمديد يوم واحد ولا نقبل بتمديد المهلة”.

وأكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن على «إسرائيل» أن تنسحب من القرى الحدودية في جنوب لبنان بعدما انتهت مهلة الـ60 يومًا، مشددًا على أننا «لا نقبل أي مبرر لتمديد يوم واحد ولا نقبل بتمديد المهلة»، معلنًا أن حزب الله تصرّف بحكمة في موضوع انتخاب الرئيس جوزاف عون وتشكيل الحكومة «لأننا نريد بلدًا وحكومة. وقد تعاونا مع الرئيس المكلف نواف سلام. وتعقيدات التأليف ليست معنا».

وتابع الشيخ قاسم: “الانكشاف المعلوماتيّ وسيطرة العدوّ على الاتّصالات والذكاء الاصطناعيّ وسلاح الجو من العوامل المؤثرة في الضربات التي وجّهت لنا. وأمام الانكشاف الكبير نُجري تحقيقًا لأخذ الدروس والعبر”. مشددًا على أن المقاومة قويّة بقراراتها وإرادتها والمؤمنين بها، وهي أقوى باستمراريّتها. وأشار إلى أن حزب الله وافق على طلب المعتدي وقف عدوانه بشروط “لأننا لا نريده بالأصل ولم نقرّر الحرب ابتداءً، ولأن الدولة قرّرت التصدّي لحماية الحدود وإخراج “إسرائيل””، مشيرًا إلى أن “هذه فرصة لتؤدي الدولة واجباتها وتختبر قدرتها على المستوى السياسي”. أضاف: “التزمنا وفضّلنا أن نصبر وألّا نردّ على الخروق “الإسرائيلية” رغم حالة الشعور بالمهانة والأعمال الانتقاميّة”.

ولفت إلى أن مشهد العودة الذي كان في 27 تشرين الثاني الساعة الرابعة صباحًا إلى الجنوب والضاحية والبقاع كان مشهد انتصار، فعمّت احتفالات النصر كلّ المناطق. والمقاومون في الميدان لم يغادروه، ورؤوسهم مرفوعة والمقاومة ثابتة وقويّة. مضيفاً: “انتصرنا، لأننا رجعنا، ولأن المحتل سيخرج وينسحب غصبًا عنه.. المقاومون لم يغادروا الميدان والمقاومة ثابتة وقوية”.

وأوضح أن الراعي الأميركي للاتفاق هو نفسه الراعي للإجرام “الإسرائيلي” ولم يقم بدوره، مع ذلك قررنا عدم إعطاء أي ذريعة. مشيرًا إلى أن المقاومة قرّرت بمرحلة من المراحل الردّ على خرق العدو لاتفاق وقف إطلاق النار “وقد طُلب منّا الصبر قليلًا رغم حالة الإهانة التي اتبعتها “إسرائيل” انتقامًا لهزيمتها وخسائرها”. وشدّد على أن ما جرى في خرق الاتفاق يؤكد حاجة لبنان إلى المقاومة. وقال: “شُنّت علينا حملة مضادة حتّى في أثناء الحرب، جزء كبير منها داخلي لتصويرنا على أننا مهزومون.. البعض ربما أصيب بنوبة قلبيّة لأن أحلامه لم تتحقق بهزيمة المقاومة”.

وأضاف: “المقاومة وعلى رأس السطح انتصرت.. المقاومة انتصرت بهذا الشعب الذي زحف إلى القرى الأمامية رغم عدم الانسحاب “الإسرائيلي” والمواجهة مع العدو.. مَن يملك كرامة يقف ويزحف إلى المواقع الأماميّة، ولا تخيفه سياساتهم والدعم الأميركي لهم”. وأكد أنه “لا يمكن لـ”إسرائيل” أن تبقى محتلة مع هذا الشعب الأبيّ الذي لا يمكن هزيمته والاستمرار في احتلال أرضه، منوّهًا بثلاثيّة الجيش والشعب والمقاومة التي وضعت حدًا لـ”إسرائيل” ومنعتها من الوصول إلى بيروت وإلى جنوب نهر الليطاني، وهي كالشمس الساطعة وستبقى مشعّة، لكن المشكلة في مَن لا يراها”.

وشدّد الشيخ قاسم على وجوب انسحاب “إسرائيل” “بعدما انتهت مهلة الـ60 يومًا وقال: “لا نقبل أي مبرر لتمديد يوم واحد، ولا نقبل بتمديد المهلة..”، معربًا عن اعتقاده بأن “الرئيس جوزاف عون لا يمكن أن يعطي “إسرائيل” مكسبًا واحدًا، ولا أحد في لبنان سيقبل مع العدوّ تمديد العدوان على لبنان”.

وقال: “أي تداعيات تترتب على التأخير في الانسحاب تتحمّل مسؤوليتها الأمم المتحدة وأميركا وفرنسا و”إسرائيل”.. استمرار الاحتلال عدوان على السيادة اللبنانيّة، والجميع مسؤول في مواجهة هذا الاحتلال، الشعب والجيش والدولة والمقاومة.. نحن أمام احتلال يعتدي ويرفض الانسحاب، والمقاومة لها الحق بأن تتصرّف وفق ما تراه مناسبًا حول شكل المواجهة وطبيعتها وتوقيتها”.

بدوره، أكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد أن ما يجري وما جرى اليوم في القرى الحدودية في جنوب لبنان عيّنة تفضح كذب ادعاءات العدوّ بالنصر وزيف أوهامه بالقدرة على ‏مواصلة احتلاله، مشددًا على أن أهالي القرى الحدودية أثبتوا أن ‏الشعب والجيش والمقاومة هي المعادلة الواقعية الوحيدة التي تحمي البلاد وتحرّرها من ‏الاحتلال.

وقال رعد في كلمة له: “يا أهلنا الشرفاء يا درّة الشعوب الحرة والشجاعة ‏بوركت أنفاسكم وجوارحكم واحتسب الله صبركم ووفاءكم وسدّد خطاكم وبيّض وجوهكم، هنيئًا ‏للوطن بكم، تصنعون لأبنائه كلهم على اختلاف طوائفهم ومناطقهم واتّجاهاتهم مستقبلًا حرًا ‏عزيزًا لهم ولأحفادهم ولا تأبهون بكلّ ما قيل بحقكم وعنكم تضليلًا وكيدًا واستخفافًا بصمودكم ‏وبمقاومتكم.. لقد أثبتم مجددًا بوقفتكم وبحضوركم إلى قراكم المهدّمة على تخوم الوطن أن ‏دمكم الطاهر أقوى من سيف العدوان وأن إرادتكم أفعل وأصلب من سلاح المعتدين المجرمين وأن ‏الشعب والجيش والمقاومة هي المعادلة الواقعيّة الوحيدة التي تحمي البلاد وتحرّرها من ‏الاحتلال وأن القانون الدولي على أهميته ما لم تدعمه إرادة الشعوب وتصميمها تذهب تطبيقاته ‏أدراج الرياح والوعود والمصالح والمساومات”.

وكانت المقاومة الإسلامية أصدرت بيانًا خاطبت فيه أبناء القرى الحدودية في الجنوب، الذين كسروا إرادة العدو وعبروا إلى قراهم رغم أنوف جنوده الجبناء.

وجاء في البيان: “يا شعبنا… يا كرام خلق الله ويا أشرف الناس؛ اليوم انبرت إرادة العزم فيكم وانكسرت إرادة العدو وعبرتم رغم أنوف جنوده الجبناء نحو قراكم التي تحطمت عند أسوارها أهداف العدو واحترقت دباباته على أيدي أبنائكم المجاهدين في المقاومة الإسلامية. إن أجساد الشهداء المزروعة في التراب تتلمس اليوم وقع خطاكم وتحوم أرواحهم المطهرة حول الراية التي لم تنكسر والتي تعبرون بها نحو نصر كنتم أهله كما كنتم أهل كل الانتصارات. يا شعبنا وأهلنا… لقد كان عبورُكم أمس واليوم أمام عيوننا المرابطة عبورَ الفاتحين الواثقين، وها نحن ننحني بهاماتنا ونقدّم تحية السلاح والجهاد والمقاومة لكل أم وأب وأخ وأخت وشيخ وطفل صغير، باسم كل مجاهد منا وباسم أرواح الشهداء الذين رووا بدمائهم تراب الوطن”.

وكانت الدولة اللبنانيّة وافقت على الطلب الأميركيّ بتمديد اتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار حتى الثامن عشر من الشهر الحالي، ووفق معلومات “البناء” فإن ضغوطاً أميركية كبيرة مورست على مرجعيات رئاسية لتمديد اتفاق الهدنة لشهر كامل، تحت ذرائع متعددة منها استكمال انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب وأسباب لوجستية وأمنية وإطلاق عملية تفاوض حول الأسرى اللبنانيين لدى “إسرائيل”، إلا أن الدولة اللبنانية رفضت في بداية الأمر، وبعد تكثيف الضغوط الأميركية والإرباك بين المرجعيات الرئاسية تمّت الموافقة على تمديد اتفاق الهدنة فقط حتى الثامن عشر من الشهر المقبل.

وشدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال لقائه سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون ورئيس لجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي الجنرال جاسبر جيفرز في دارته، على أنَّ “لبنان قام بتنفيذ البنود المطلوبة من التفاهم، إلا أنّ “إسرائيل” تماطل في تطبيق بنود التفاهم وما زالت تقوم بانتهاك القرار الدولي الرقم 1701”.

ولفت إلى أنه “بعد التشاور مع فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس النواب لعدم إعطاء إسرائيل أيّ عذر لعدم الانسحاب من كافة الأراضي اللبنانية، وافقت الحكومة على استمرار العمل بموجب تفاهم وقف إطلاق حتى 18 شباط 2025، ولكن هذا الأمر يتطلب في المقابل الضغط لوقف الاعتداءات الإسرائيلية والخروقات المتكرّرة وتأمين الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة في الجنوب”.

من جهته، أشار الرئيس برّي في تصريح له تعليقاً على تصريح ميقاتي إلى أنه “تشاور معنا حول إعطاء مهلة إلى 18 شباط المقبل مقابل الضغط لوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، فإن الحقيقة أنني اشترطت وقفاً فورياً لإطلاق النار والخروق وتدمير المنازل وغيرها بالإضافة للتعهّد بموضوع الأسرى. وكنت قد اتصلت بفخامة رئيس الجمهوريّة متمنياً عليه تبنّي هذا الاقتراح”.

في غضون ذلك، استكمل الجنوبيّون في ثاني أيام تحرير أرضهم، التوجّه إلى بلداتهم الحدودية، بمؤازرة الجيش اللبناني الذي يعمل على فتح الطرقات، راسمين مشهدًا تاريخيًا في ذاكرة الوطن.

وتقدّم الجيش اللبناني مواكب العائدين إلى بلدة ميس الجبل، برفقة جمعية كشافة الرسالة الإسلامية – مركز ميس الجبل التطوعي، كما انتشر الجيش اللبناني في ساحة القدس وسط بلدة عيتا الشعب، ودخلوا لاحقاً إلى بلدة حولا في الحي الغربي للبلدة.

وعند مدخل بني حيان لجهة مركبا، أقام الجيش اللبناني حاجزًا، بينما باشرت البلدية بفتح الطرق وتعبيدها والمدخل لجهة وادي السلوقي.

كما أفيد أن المواطنين دخلوا الى البستان ومروحين سيرًا، كما تمركز الجيش للمرة الأولى في مروحين بينما بقيت قرية البستان من دون انتشار للجيش اللبناني.

وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة في بيان أمس، أن “اعتداءات العدو الإسرائيلي خلال محاولة مواطنين الدخول إلى بلداتهم التي لا تزال محتلة، أدت حتى الساعة إلى ارتفاع عدد الشهداء إلى اثنين والجرحى إلى 17 جريحًا من بينهم طفل ومسعف من جمعية “كشافة الرسالة الإسلامية” خلال قيامه بواجبه الإنقاذي الإنساني.

وجاءت الحصيلة التفصيلية وفق التالي: – العديسة: شهيد و3 جرحى – برج الملوك: جريحان – حولا: 6 جرحى- مركبا: 3 جرحى – يارون: جريح – بني حيان: شهيد وجريحان”.

وتعرّض فريق من كشافة “الرسالة الإسلامية” إلى إطلاق نار من قبل جيش الاحتلال أثناء محاولته انتشال جثماني شهيدين من أبناء بلدة كفرا، ارتقيا أمس برصاص الاحتلال. ورغم خطورة الموقف، تمكن فريق آخر من فوج كفرا من تأمين إخلاء الفريق المستهدف والجثمانين بسلام.

وكان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون استقبل في قصر بعبدا، الرئيس ميقاتي وعرض معه الأوضاع العامة في البلاد والتطورات الأخيرة في الجنوب في ضوء الاتصالات الجارية لاستكمال الانسحاب الإسرائيلي مما تبقى من قرى وبلدات محتلة في الجنوب. كما تناول البحث شؤوناً وزارية وإدارية تتعلق بتصريف الأعمال.

وسجل موقف أميركي حيال الشأن اللبناني، حيث رأى مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، أن “انتخاب رئيس في لبنان أمر رائع”، مؤكداً “أننا سنعمل مع الرئيس والحكومة الجديدة”. أضاف “تغلّبنا على عثرات بشأن تمديد الاتفاق بين لبنان و”إسرائيل” بالحوار الجيّد وهذا مؤشر إيجابي”.

المنشورات ذات الصلة