عاجل:

"المقاومة الشعبية" تبدّد تضحياتها في أزقة بيروت.. الحكومة في مخاضها الأخير (الجمهورية)

  • ٣٨

ما جنته «المقاومة الشعبية» من بطولة في وجه الجيش الإسرائيلي المحتل في جنوب لبنان نهار الأحد، بدّدته «المسيرات غير الشعبية» في شوارع بيروت والجميزة وغيرها في الداخل، مساء.

نهاراً أربكت العدو ودفعت الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا الى الإسراع في الضغط على إسرائيل لإرغامها على سحب قواتها في 18 شباط المقبل، وليلاً ضيّعت بوصلتها وتحرّكت في مواكب لا لزوم لها، وشوّهت نصاعة ما رسمته من مشاهد عزة وكرامة.

في السياق، قال ديبلوماسي عربي لـ «الجمهورية» إنّ «إسرائيل ارتكبت خطأ جسيماً بعدم التزامها الانسحاب ضمن المهلة المحدّدة بموجب اتفاق وقف العمليات العدائية بينها وبين لبنان، وقدّمت خدمة كبيرة إلى «حزب الله» الذي عرف كيف يستثمر هذا الخطأ ويعيد الاعتبار معنوياً الى نفسه وبيئته».

أضاف الديبلوماسي، انّ «الحزب بدوره ارتكب خطأ جسيماً بتشويه هذا النصر وحرقه في أزقة بيروت بلا أي موجب. فإذا كان الحزب وراء التحريض على «عرض العضلات» في الداخل، مشكلة، وإذا لم يكن له دور في مسيرات الاستفزاز، فكأنّه فَقَد السيطرة على أرضه، وبالتالي المشكلة أكبر. وفي الحالتين قدّم الحزب على طبق من فضة هدية مجانية لخصومه السياسيين.

خمس ملاحظات

إلى ذلك، سجّل مرجع سياسي لـ«الجمهورية» الملاحظات التالية:

1- نجح «حزب الله» وحركة «أمل» عبر «المقاومة الشعبية» في الجنوب بالضغط سياسياً وشعبياً من أجل دفع المعنيين في واشنطن وباريس للإسراع ببتّ الانسحاب الإسرائيلي.

2- أكّد الثنائي الشيعي من خلال سلمية التحرك الشعبي على عدم وجود نية بالعودة إلى الحرب، والتمسك باتفاق وقف إطلاق النار.

3- ثبت انّ المجتمعين الدولي والعربي كما الداخل الإسرائيلي، لا يريدون عودة التوترات والمواجهات العسكرية.

4- نجح الحزب في استثمار عدم الانسحاب الإسرائيلي، لترميم علاقته المتصدّعة مع بيئته، ولإظهار انّه لم ينته، وانّه قادر على استخدام وسائل مواجهة غير عسكرية.

5- وجّه الثنائي الشيعي رسالة في أكثر من اتجاه بأنّ موازين القوى الداخلية لم تتغيّر، وفي الوقت نفسه لتحسين شروطه التفاوضية في عملية تأليف الحكومة الجديدة.

تفاوض قاسٍ

إلى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون قاد مفاوضات قاسية ولساعات طويلة في نهاية الأسبوع الماضي مع العواصم المعنية، وطلب من الإدارة الأميركية الجديدة والفرنسيين الضغط على إسرائيل من أجل انسحابها ضمن مهلة الـ60 يوماً لاتفاق وقف النار، فيما كانت إسرائيل تصرّ على تمديد المهلة حتى نهاية آذار المقبل، ما أدّى في النهاية إلى تحديد 18 شباط للانسحاب.

كما علمت «الجمهورية» انّ الرئيس جوزاف عون طلب من الأميركيين تأكيد التزامهم بمتابعة قضية الأسرى اللبنانيين البالغ عددهم 11، 7 خلال الحرب و4 الاحد الماضي، والعمل على إطلاقهم ضمن المهلة الفاصلة قبل 18 شباط.

بري... وميقاتي

وفي السياق، استقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، امس، في دارته، سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون ورئيس لجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي الجنرال جاسبر جيفيرز.

وقال ميقاتي: «بعد التشاور مع فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس النواب لعدم إعطاء إسرائيل أي عذر لعدم الانسحاب من كل الأراضي اللبنانية، وافقت الحكومة على استمرار العمل بموجب تفاهم وقف إطلاق النار حتى 18 شباط 2025، ولكن هذا الامر يتطلّب في المقابل الضغط لوقف الاعتداءات الإسرائيلية والخروق المتكرّرة وتأمين الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة في الجنوب».

واستقبل رئيس الحكومة سفير فرنسا هيرفيه ماغرو في السرايا الكبير، وبحث معه في المساعي الفرنسية لمعالجة الوضع في الجنوب.

ومساء، أدلى رئيس مجلس النواب نبيه بري بالتصريح الآتي: «تعليقاً على تصريح دولة الرئيس نجيب ميقاتي بعد لقائه الوفد الأميركي، بأنّه تشاور معنا حول إعطاء مهلة إلى 18 شباط المقبل مقابل الضغط لوقف الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية، فإنّ الحقيقة أنني اشترطت وقفاً فورياً لإطلاق النار والخروقات وتدمير المنازل وغيرها بالإضافة للتعهد بموضوع الأسرى.

وكنت قد اتصلت بفخامة رئيس الجمهورية متمنياً عليه تبنّي هذا الاقتراح».

الميدان وانتشار الجيش

وفي اليوم الثاني للعودة، قُتل مواطن وجُرح 7 آخرون أحدهم حالته خطرة، نتيجة إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهم لدى محاولتهم الدخول إلى قراهم.

وانتشرت وحدات من الجيش اللبناني امس في بلدة دير ميماس - مرجعيون في القطاع الشرقي ومناطق حدودية أخرى في منطقة جنوب الليطاني بعد انسحاب العدو الإسرائيلي، وذلك بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار.

وأصدرت قيادة الجيش - مديرية التوجيه بياناً جاء فيه: «على خلفية قيام بعض المواطنين الذين يستقلون دراجات نارية ويرفعون أعلامًا حزبية بمسيرات في عدد من المناطق اللبنانية ليل أمس، تخلّلها إطلاق نار واستفزازات، ما يؤدي إلى تهديد السلم الأهلي، سيّرت وحدات من الجيش دوريات لمنع الأعمال المخلّة بالأمن والاستقرار، وأوقفت أشخاصاً عدة، فيما تستمر ملاحقة بقية المتورطين.

ودعت قيادة الجيش المواطنين إلى التحلّي بالمسؤولية، والتصرف بحكمة حفاظًا على الوحدة الوطنية والعيش المشترك».


المنشورات ذات الصلة