عاجل:

إحباط «إسرائيلي» شعبي وسياسي وإعلامي من مشاهد الزحف الشعبي في لبنان وغزة (البناء)

  • ٤٩

لم تُخفِ تل أبيب قلقها مما أعلنت أنها تبلغته من واشنطن لجهة نيتها سحب قواتها من سورية، وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن حكومة بنيامين نتنياهو تبلغت النية الأميركية بشكل رسمي، وتزامن الإعلان مع تصريح وزير حرب الكيان نية جيش الاحتلال البقاء إلى أجل غير محدّد في جبل الشيخ الذي احتلته قبل شهر في إطار توسيع دائرة السيطرة على الأراضي السورية مع دوريات تجوب مناطق في العمق السوري باتجاه العاصمة السورية، وتمركز في نقاط عديدة بعمق يصل إلى خمسة عشر كيلومتراً من العاصمة. وأعلن مكتب نتنياهو عن تلقيه دعوة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لزيارة واشنطن في الرابع من شباط المقبل، حيث يتوقع أن يكون القرار الأميركيّ على جدول الأعمال ومعه الترتيبات والطلبات الإسرائيلية لتفادي انعكاسه على الأمن الإسرائيلي، كما تقول التعليقات الاسرائيلية، إضافة لمتابعة مسار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في كل من لبنان وغزة.

يأتي هذا التحول المرتقب على خلفية ارتباك إسرائيلي ناتج عن العجز عن تحقيق الأهداف في حربي لبنان وغزة، والاضطرار إلى توقيع اتفاقات تضمن الانسحاب الكامل من الأراضي التي احتلتها «إسرائيل» دون الحصول على تعهّدات بتخلي المقاومة في غزة ولبنان عن سلاحها، بينما يسود الإحباط الأوساط الشعبية والسياسية والإعلامية في الكيان جراء مشاهد الزحف الشعبي نحو القرى الحدودية في جنوب لبنان وإجبارهم جيش الاحتلال على الانسحاب رغم سقوط الشهداء والجرحى برصاص الاحتلال، ما ترك صورة نصر مثلته أعلام المقاومة وصور الشهداء التي رافقت مسيرات العودة، ونشر صور الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله على طول خط الحدود، وتراكم الإحباط على الإحباط في الكيان مع الصور التي جاءت من غزة لمئات الآلاف يعبرون مشياً نحو شمال غزة الذي قيل إنه منطقة أمنية خالية من السكان بعدما دمّرت كل أسباب الحياة فيه، وزاد الطين بلة ما رافق عمليات التبادل من صورة القدرات العسكرية المنظمة لقوات القسام وسرايا القدس بطريقة «أسقطت» مزاعم تدمير بنية المقاومة العسكرية، وصار التداول الرائج في التعليقات، نعم نصر مطلق لكن لهم وليس لنا، في سخرية من حديث نتنياهو عن النصر المطلق.

في محاولة لتعويض صورة النصر المفقودة من الحرب لجأ طيران الاحتلال إلى شن غارات على النبطية أسفرت عن 24 جريحاً، والنبطية الواقعة شمال الليطاني تستهدف بعدما تعهّد الأميركيون بان يتضمن تمديد الاتفاق بأن يتوقف الاحتلال عن الاعتداءات والتجاوزات. وهذا ما دفع برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى إصدار موقف يدين ويستنكر الاعتداء الجديد، ويقوم بالاتصال بالجانب الأميركي طالباً وضع تعهداته موضع التنفيذ، بينما كان لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان موقف من مسيرات العودة التي فرضت إيقاعها المقاوم على المشهد الوطني داعياً إلى مواكبتها والاستثمار على المعاني التي حملتها لجهة تأكيد ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة داعياً إلى تسريع تشكيل الحكومة.

بين التسريبات التشاؤمية أن عملية تأليف الحكومة تراجعت خطوات إلى الوراء وبين التسريبات التفاؤلية القائلة أن الحكومة في مخاضها الأخير، يسعى الرئيس المكلف نواف سلام إلى أن تبصر الحكومة النور هذا الأسبوع، وكتب على منصة «أكس»: «تعليقاً على كل ما يتردّد في الإعلام حول تشكيل الحكومة لجهة موعد إعلانها والأسماء والحقائب، يهمني أن أؤكد مجدداً، أنني فيما أواصل مشاوراتي لتشكيل حكومة تكون على قدر تطلعات اللبنانيات واللبنانيين تلبي الحاجة الملحة للإصلاح، لا أزال متمسكاً بالمعايير والمبادئ التي أعلنتها سابقاً». أضاف: «كما أعود وأؤكد أن كل ما يتردّد عار عن الصحة وفيه الكثير من الشائعات والتكهّنات يهدف بعضها إلى إثارة البلبلة. فلا أسماء ولا حقائب نهائيّة. أما بالنسبة إلى موعد إعلان التشكيلة فإنني أعمل بشكل متواصل لإنجازها».

في السياق، أشارت المعلومات إلى اجتماع مرتقب خلال ساعات بين سلام والثنائي الشيعي وفي ضوء نتائجه سيزور سلام قصر بعبدا. وأفادت مصادر نقلاً عن رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن «لا مشكلة بين رئيس الحكومة المكلف نواف سلام وحركة أمل وحزب الله». وقال بري أمس: «خيارنا لوزارة المالية هو ياسين جابر، والحملة التي تُشنّ ضده غير مبرّرة». واعتبر أن «هذا الاختيار يأتي من باب الكفاءة والخبرة في هذا المجال، رافضاً الهجوم الإعلامي الذي استهدفه».

في حين تردّدت معلومات مفادها أن القوات اللبنانية أبلغت سلام بأنها ستسمّي وزراءها وتسقطهم على الحقائب الأربع التي تريدها في حين أن الرئيس المكلف أبلغ موفدي القوات أن حصتها 3 حقائب إذا كان الثنائي الشيعي سيفعل ذلك، كما أن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أبلغه أنه يريد حصة وزارية تساوي القوات وأكثر وأنه يريد حقيبة أساسية إما الاتصالات أو الشؤون الاجتماعية.

وعلى خط المطالب السنيّة اعتبر تكتل التوافق الوطني أن الطائفة السنية لم ولن تكون مكسر عصا لأي كان ويجب أن ينطبق عليها ما ينطبق على باقي الطوائف وألا نكون في لبنان طوائف «بسمنة» تسمّي وزراءها وتختار حقائبها وطوائف أخرى «بزيت» تغيب بشكل كامل عن الحكومة.

وشدّد التكتل على رفضه المطلق للطريقة وللتصرّفات غير المسؤولة المتبعة في عملية تشكيل الحكومة العتيدة والتي لا تعتمد كما هو واضح، مبدأ وحدة المعايير في التعامل مع القوى والأحزاب والكتل النيابية بل تعتمد على الازدواجية في التعاطي، وخصوصاً على مستوى التمثيل السني في الحكومة.

وكتب النائب وليد البعريني على منصة «إكس»: «لقد بلغ السيل الزبى وطفح الكيل، سكتنا لأيام وأعطينا فرصة للرئيس المكلف لكي يكمل استشاراته، لكن أن يمنح الذين هزّوا العصا وحرّكوا موتوسيكلاتهم واستعملوا أسلوب الترهيب أكثر مما يحق لهم ويتمّ تجاهلنا كممثلين عن عكار وطرابلس والمنية والضنية والشمال فهذا تجاوز لكل الخطوط الحمر. ندعو الرئيس عون إلى تصحيح المسار بصفته الضمانة وإلا ستكون هناك انتفاضة في وجه تهميشنا، كذلك أدعو نواب الشمال وخارجه للاجتماع ورفض منطق الإقصاء والإلغاء ورفع السقف عالياً، وقد أُعذر من أنذر». وأشار إلى أن «لم تعُد المسألة تتعلق بتمثيل وزاري لعكار والشمال، القصة باتت تطال كرامة كل عكاريّ واعتباره مواطناً درجة عاشرة، وأمام عدم إعارتنا اي اهتمام، سواء بالإنماء أو بالتمثيل، لم يعُد أمامنا سوى المطالبة بالفدرالية، وعندها ندبر كعكاريين شؤوننا بأنفسنا ونعرف أن لا دولة تتطلع فينا بل نتطلع بأنفسنا».

وقال نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب من عين التينة بعد لقائه رئيس المجلس نبيه بري: «تكلمنا عن الموضوع الحكومي وتشكيل الحكومة وحكماً مع بداية هذا العهد وتشكيل هذه الحكومة هناك أمل عند اللبنانيين، وهذا الأمل لا يجب أن ندعه يذهب. هذا الأمل بتشكيل الحكومة حالياً وستشكل ومع تشكيلها هناك عدد من القوانين الإصلاحيّة التي يجب أن تقرّ ونحن ناقشناها مع دولة الرئيس الذي هو طبعاً معها ومصرّ على إنجازها في المجلس النيابي. كل القوانين الإصلاحية سنعمل على إقرارها لتسهيل عمل الحكومة وانطلاقة هذا العهد لتعطي أملاً للبنانيين ببلدهم للعودة الى الاستقرار المالي والاقتصادي والسياسي وهناك شيء واحد لا يمكن أن نقبل به أو أن يشرّع في هذا المجلس وهو شطب ودائع الناس. باستثناء ذلك كل القوانين الإصلاحية سينظر بها وإن شاء الله نستطيع أن نقرّها في المجلس النيابي ونمشي بوقت أسرع مما كان متوقعاً. هذه المواضيع التي ناقشتها مع دولة الرئيس وإن شاء الله في الأيام القادمة نشهد تشكيل الحكومة وبعد التشكيل نبدأ بموضوع المشاريع وإقرار القوانين في المجلس النيابي».

وقال النائب طوني فرنجية من قصر بعبدا: نحن سنكون عاملًا مسهّلًا لتشكيل الحكومة، وداعماً لمشروع هذا العهد، ونرى أن أمامنا فرصة حقيقية، ولن ننتظر لنرى إذا كانت هذه الفرصة ستأخذ حقها أم لا. سنضع أنفسنا وكل طاقتنا لإنجاح هذه الخطة وإنجاح هذا المشروع. لن ننتظر على ضفة النهر لنرى إذا كانت البوسطة ماشية والأوضاع جيدة، فنركب فيها، وإذا الأوضاع سيئة نتركها ونبقى على الطريق. هذا ليس أسلوب تعامل، ولا يعتبر من المسؤولية الوطنية.


المنشورات ذات الصلة