عاجل:

سلام يُخفي الحكومة الأصلية بانتظار إشارة دولية (نداء الوطن)

  • ٣٠

جاء في نداء الوطن:


يتعمّد "الحزب" الإلهي بذراعيه العسكري والسياسي "أمل" إغراق البلد بسلسلة لا تنتهي من الشائعات والتسريبات، حول حصوله على كل ما يبتغيه من الرئيس المكلّف نواف سلام، حصصاً وأسماءً، ويبرع في تحويلها إلى أساس النقاش السياسي القائم، انطلاقاً من اعتياد الرأي العام على معادلات وأعراف فرضتها هيمنة السلاح على الحياة السياسية طوال عقدين.

تتقاطع هذه الشائعات مع صدور كتاب "البرزخ – أيام لوطنٍ لم يأتِ بعد" لرئيس البرلمان نبيه بري، لمنحها المزيد من المصداقية "الهُلامية"، وبالتحديد ما نشر منه حول تحضيرات قوى "8 آذار" لتنفيذ اعتصام وقطع طرقات في كانون الثاني 2007، من أجل الهدف نفسه: تعطيل عمل الدولة للحصول على حصة وزارية، يُراد من خلالها استكمال نهج التعطيل من داخل مجلس الوزراء بما يمثّل من مركز صنع القرار الرسمي.

استمر هذا المسار منذ انتهاء "حرب تموز 2006"، حتّى "غزوة 7 أيار 2008"، وأرهق الأشقاء العرب، وعلى رأسهم السعودية، ومعها الجامعة العربية، في بذل الوساطات لحماية السلم الأهلي من الانفجار، حيث ينقل الراوي علي حسن خليل لامبالاة الخليل الآخر، مساعد حسن نصرالله، إزاء فكرة سقوط دماء.

بيد أن اللافت هو لعب الرئاسة الثانية دور "غرفة العمليات" ضد الرئاسة الثالثة، ولا سيّما مع طرح فكرة اقتحام "السراي الحكومي" واحتلال الوزارات، بما يؤكّد أن الطبع الميليشيوي يغلب التطبّع الدولتي عند من يُوصف زوراً بـ "صمّام أمان الدولة"، مع الحرص على كتمان هذا الدور، حسبما يكشف الراوي في الرسالة التي نقلها من بري إلى نصرالله وفيها أنه "من غير المناسب أن تُكشف إدارة رئيس البرلمان للحدث".

يحاول "الحزب" اليوم إعادة إنتاج المشهدية نفسها، عبر إنزال فوج الدراجات النارية في شوارع بيروت وساحل الجبل، في رسالة ضغط على العهد والرئيس المكلّف، ما يؤكّد عدم حصوله على ما يريده. إلا أن ذلك، لن يفيده في شيء، فالمعادلات تغيّرت.

تذهب مصادر سياسية إلى أبعد من ذلك لتتحدث عن هزيمة خامسة ستعصف بـ "الحزب" من ضمن سلسلة راح يراكمها تحت تأثير "الطوفان"، بدءاً من الهزيمة الموجعة أمام إسرائيل، مروراً بسقوط نظام الأسد، وصولاً لرضوخه صاغراً انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، ومن بعده تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة.

لم يحدث في عالم السياسة أن حصل بلد أو فريق على مكافأة لقاء هزيمته، والأمثلة كثيرة. أبرزها احتكار الفائزين بالحرب العالمية الثانية العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وحرمان ألمانيا واليابان منها رغم كل المتغيّرات التي حصلت مذّاك. وبالتالي ليس من المنطقي منح "حزب الله" حق الدخول إلى الحكومة وفوقه مفتاح تعطيلها.

وتشير المصادر إلى أن القصف الإسرائيلي ليل الثلثاء هو رسالة دولية تروم تذكير "الحزب" بما وقّع عليه في "وثيقة الاستسلام"، معزّزة برسالة ثانية ينبغي التوقف عندها مليّاً، وهي تسلّم الجيش اللبناني شبكة أنفاق تشبه إلى حد كبير منشأة "عماد 4"، وتؤكد بأن عملية اجتثاث "الحزب" من "جنوب الليطاني" تمضي حلقاتها تباعاً.

وتعتبر المصادر أن الرئيس المكلف يحاول استيعاب "الحزب" ورهطه، بالشراكة مع رئيس الجمهورية، عبر خطاب وطني يسهم في تخفيف حدة الاحتقان، فيما يجري مناورة سياسية بارعة، حيث يظهر رضوخه لشروط "الثنائي التعطيلي"، وفي الوقت نفسه، يفسح الفرصة أمام تشكّل مزاج شعبي رافض، عصبه الأساسي "17 تشرين" وجمهورها. وبالتالي يترك اللعبة السياسية المحلية تستنفد مداها لتصل إلى حائط مسدود نتيجة "الفيتوات" المتبادلة، ريثما تنضج لحظة استيلاد الحكومة على التوقيت الدولي، المرتبط حالياً ببدء فريق وزارة الخارجية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ممارسة مهماته عملياً.

إذّاك تعود كاسحة الألغام الدولية، كما حصل إبّان انتخاب رئيس الجمهورية، لتعبيد الطريق أمام حكومة مغايرة تماماً لكل ما يُتداول به، يحتفظ الرئيس المكلّف بجيبه، وبكتمان شديد، بأسماء الوزراء الأساسيين فيها من اختصاصيين "مسيّسين"، مهمّتها إحداث تحوّل نوعي في الحياة السياسية، والتخلّص من هيمنة السلاح حكومياً ولغويّاً.

وتستدل المصادر بتصريحات سلام و"لاءاته"، ومعياره القاسي للتمثيل السني، والذي ينسحب على الجميع، ودعم التغييريين المطلق له، رغم أن موقفهم كان يجب أن يكون مغايراً بالنظر إلى المناخ السائد حيال مسار العملية التفاوضية. وتذكّر بأن عملية إسقاط الأسد استهلكت قرابة 14 عاماً. لتخلص إلى أن عملية إسقاط القوى السياسية التقليدية في لبنان، التي بدأت بشكل أو بآخر قبل 17 تشرين الأول عام 2019، ربما حان وقت نضوجها مع حكومة نواف سلام، التي سيكون من أولوياتها إنتاج قانون انتخابي جديد يفسح المجال أمام قوى تمثيلية جديدة، تكتسب حضورها من نجاح الحكومة العتيدة بشكلها ونهجها وتوازناتها.

وتختم المصادر بأن الرئيس المكلف ليس مراهقاً سياسياً ليستقيل من رئاسة محكمة العدل الدولية من أجل تكرار سيناريو مصطفى أديب أو حسان دياب، بل لأنه وضع نصب عينيه "ثنائية" وحيدة: إمّا أن ينجح وإمّا أن ينجح. تبقى الإشكالية في إمكانية تبدل معايير النجاح بالنسبة إليه وتالياً إحباط فئة عريضة ممّن وثقوا به. 


المنشورات ذات الصلة