عاجل:

الرئيس عون يعد خطة عملانية لسحب الذرائع «الاسرائيلية» (الديار)

  • ٣٢

كتب ابراهيم ناصر الدين:

سؤلان لا يملك احد الاجابة عليهما بعد. متى تولد الحكومة العتيدة؟ وهل ستلتزم قوات الاحتلال الاسرائيلي بموعد 18 شباط للانسحاب من الاراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها؟ في الملف الحكومي عدم وضوح الرئيس المكلف نواف سلام، يسبب لكثير من القوى السياسية حالة من الضبابية في فهم «خارطة الطريق» المعتمدة من قبله في المفاوضات التي يجريها مع القوى السياسية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تجزم مصادر «الثنائي الشيعي» ان النقاشات على وزارة المال وعلى اسم ياسين جابر باتت من الماضي بعد حسمها في اللقاء الاخير الذي جرى يوم الاربعاء، فيما تنبري اوساط الرئيس المكلف لترويج كلام عن عدم حسم اي من الاسماء الوزارية او الحقائب. وذلك على ما يبدو امتصاصا لضغوط يقودها «خصوم» «الثنائي» وفي مقدمتهم القوات اللبنانية التي تخوض معركة مع عدد من «التغييريين» لاجهاض التفاهم بين سلام «والثنائي» الذي يغطيه رئيس الجمهورية جوزاف عون. علما ان الازمة بين سلام و»معراب» لا تزال عميقة حكوميا، وكذلك مع التيار الوطني الحر،فضلا عن ازمة تمثيل السنة. وفيما لا ياخذ احد «حق او باطل» من سلام، يراهن البعض على فرض حكومة امر واقع، في ظل التعثر القائم، معززا بموقف اميركي مستجد لمستشار ترامب مسعد بولس طالب فيه بحكومة تستبعد «المنظومة» السابقة؟!.علما ان مصادر مطلعة تستبعد ان تتجه واشنطن والرياض الى خلق صدام سياسي في البلاد يؤدي الى تعثر انطلاقة العهد.

الرئيس «مستاء» من واشنطن؟

وفي الانتظار، لا يزال اهل القرى الجنوبية يمارسون الضغط على الارض لمنع استقرار وتثبيت قوات الاحتلال لمواقعها في قراهم الحدودية، ومن المرتقب ان تتحرك المفاوضات  الدبلوماسية حول الانسحاب ومصير اسرى حزب الله في الايام القليلة المقبلة مع وصول مبعوثة الرئيس الاميركي دونالد ترامب مورغان اورتاغوس الى بيروت، علما ان لجنة مراقبة وقف النار ستجتمع اليوم لبحث الخروقات الاسرائيلية التي تتصاعد يوميا. ووفقا لمصادر مطلعة، لا ضمانة اميركية موثوقة بان يحصل الانسحاب الاسرائيلي في 18 شباط، خصوصا ان رئيس الجمهورية جوزاف عون يشعر باستياء كبير بعدما خالفت اسرائيل ما وعدته به الادارة الاميركية عشية المطالبة بتمديد الهدنة بانها ستضمن وقف الخروقات الاسرائيلية، وهو امر تبلغه ايضا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لكن لا شيء تحقق على ارض الواقع.

خطة عون

وعلم في هذا السياق، ان الرئيس عون ينتظر اورتاغوس لاطلاعها على خطة عملانية باتت جاهزة لديه لمعالجة ملف النقاط الخمس التي تتطلع قوات الاحتلال الى البقاء فيها بعد انتهاء مهلة التمديد الجديد للهدنة، وهذه الاجراءات، يفترض ان تسحب اي ذرائع من اسرائيل للبقاء في الاراضي اللبنانية، والا ثمة مخاطر جدية من حصول تحركات ميدانية غير محسوبة قد تهز الاستقرار.  

حكومة «ملائكة»؟

اذا، وغداة زيارة الرئيس المكلف الى قصر بعبدا، لا جديد على جبهة التأليف حيث ينكب بعيدا من الاضواء على رسم تركيبته الوزارية بالمعايير التي عاد وحددها بعد زيارته رئيس الجمهورية جوزاف عون، وهو ما زاد من حجم الهوة مع القوى السياسية التي تزعم انها اوصلته الى رئاسة الحكومة وفي مقدمتها القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والنواب السنة. ويبدو ان حجم المطالب كبير وسقف الشروط عالي من دون معرفة كيفية مواءمة الرئيس المكلف بين معاييره والوقائع التي تتطلب التفاهم مع القوى السياسية الممثلة في المجلس النيابي.

لا ازمة مع «الثنائي»؟

على الضفة الشيعية، لم يسمع مستشار رئيس مجلس النواب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل يوم الاربعاء من سلام اي تغيير في الاتفاق على ترشيح جابر لوزارة المال، كما لم يسمعوا منه وجود اي فيتو اميركي على منح الشيعة او جابر وزارة المال. ووفق المصادر، حصل رفض متبادل على اسماء الوزراء الآخرين، واتفق انه سيكون للبحث صلة بين الجانبين. وعلم ان الرئيس المكلف يصر على ان يتولى وزارة الصحة طبيب من مستشفى الجامعة الاميركية وطلب من الحزب اختيار اسم من المستشفى حصرا.

 لا «حق ولا باطل»

 في هذا الوقت، تقود القوات اللبنانية تصعيدا ممنهجا ضد سلام لدفعه الى عدم توزير جابر، واعتبار موافقته استسلاما لرغبات «الثنائي» ورضوخا لهما، وتحت التهديد بعدم المشاركة في الحكومة اذا لم يتم اعتماد معايير موحدة، خصوصا ان سلام رفض مرشحي القوات للتوزير، سرب رئيس الحكومة المكلف عبر مصادره ان الاسماء الشيعية لم تحسم بعد.وانه لا اتفاق نهائي. ما دفع باحد من التقى سلام مؤخرا الى القول اننا لا ناخذ منه «لا حق ولا باطل». «وحتى حين نسأله اذا كان يدفع الامور نحو فرض حكومة امر واقع؟ فهو لا يجيب لا سلبا ولا ايجابا»!.

وعلم في هذا السياق، انه لا اتفاق حتى الان بين سلام والقوات اللبنانية والاجتماع الاخير يوم الاربعاء مع مدير مكتب جعجع ايلي براغيد كان سلبيا، بعد رفض سلام تلبية معظم مطالب «معراب».

العقدة السنية

وفي سياق متصل، لا يزال سلام يواجه اعتراض القوى السنية، وهو التقى النائب فيصل كرامي ووفق مصادر مطلعة، لم يثمر الاجتماع عن نتيجة واضحة لا سلبية ولا ايجابية. وقد ابلغه كرامي بضرورة توحيد المعايير وسال كيف يطرح احدى السيدات من طرابلس دون استشارة نواب المنطقة؟ وعلم ان احدى صيغ التسوية تتضمن ان يتنازل سلام عن جزء من حصته السنية لارضاء كتلتي الاعتدال والتوافق الوطني.ويفترض ان تمنح وزارة الزراعة لوزير من عكار بينما حسمت وزارة الاشغال للحصة الدرزية.

سلام والميثاقية

في المقابل، قالت مصادر مقربة من سلام انه يطبق ما يعلن ويتعاطى مع مختلف الاحزاب انطلاقا من قناعاته ، وليس في وارد ترك مصير حكومته في يدّ اي فريق من الافرقاء السياسيين بمعنى انه سيبقي السيطرة على مجلس الوزراء بين يديه بالتنسيق مع الرئيس جوزاف عون . وهو يصر على  ان يكون للرئيس وله وزير من كل طائفة او على الاقل الطوائف الكبرى الاساسية حتى لا يحاول احد في اي لحظة ان يسحب بساط الميثاقية من تحت الحكومة على غرار ما حصل في عهد الرئيس سعد الحريري حينما استقال من الحكومة كل الوزراء الشيعة فطارت ميثاقيتها. واضافت: على سبيل المثال، اذا كانت حصة الشيعة خمسة وزراء سيسمون اربعة بعد موافقته على الاسماء بطبيعة الحال، ويسمي الخامس  هو او رئيس الجمهورية وينسحب الامر على سائر الطوائف فلا تتحكم اي منها بمصير الحكومة.

الموقف الاميركي

وفي موقف اميركي هو الاول من نوعه، اكد مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مسعد بولس،  ان بلاده تراقب التطورات السياسية في لبنان عن كثب، وتتطلع إلى التغييرات الشاملة». وأضاف: «كما حدث في رئاسة الجمهورية والحكومة، نأمل أن ينعكس ذلك على التشكيلة الحكومية بحيث تعكس الإصلاح المطلوب، وأن لا يُعاد تعيين من كان له دور في المنظومة السابقة، وذلك من أجل استكمال مسيرة النهوض واستعادة ثقة المجتمع الدولي. 

غضب «التيار الوطني»

في المقابل، وفيما لم تصل المشاورات بين سلام والتيار الوطني الحر الى نتائج حاسمة، صدر عن التيار بيان يشير الى عدم الرضى بل الغضب من مسار التاليف، وقد رد فيه عما اسماه « الأكاذيب والمغالطات المتعلقة بتشكيل الحكومة، واشار الى ان التيار يقدِّم كل التسهيلات الممكنة واللازمة لتشكيل الحكومة، وهو لذلك لم يصرّ على عدد محدد من الوزراء ولا على حقيبة بعينها ولا على إسم، لكي لا تدخل عملية التشكيل في تعقيدات ومزايدات ومطالبات معاكسة وتحدّيات لا فائدة منها. وخلص بيان التيار الى القول» بإن ما يصرّ عليه التيار هو أن تُعتمد  المبادئ  نفسها في التشكيل بالنسبة إلى جميع القوى السياسية والنيابية، ونصح التيار كل الجهات المنخرطة في عملية تأليف الحكومة باعتماد الواقعية اللازمة من دون التنازل عن أي من المبادئ الحاكمة في الدستور والصلاحيات المنوطة برئيس الجمهورية والحكومة والوزراء وعدم الإنجرار الى مغامرات قد تودي بالبلاد الى الهلاك او تسبّب للعهد إنتكاسة غير مرغوبة أبداً، خاصةً وأن عملية تأليف هذه الحكومة بالذات أمر سهل إذا إعتمدت العدالة وحسن التدبير والتعاطي السوي.


المنشورات ذات الصلة