كتب ناجي شربل وأحمد عزالدين:
يسير قطار تأليف حكومة العهد الأولى للرئيس جوزف عون على السكة التي رسمها سعيا إلى إحداث نقلة نوعية في يوميات المواطن اللبناني، وبإيقاع الرئيس المكلف نواف سلام، الذي كرر بعد لقائه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا عصر الأربعاء، ان العرقلة ليست من عنده. فيما ضبط إيقاع سرعة قطار التأليف بالمعايير الأربعة التي حددها، والمغلفة بمرونة تناولها في رده على أسئلة الإعلاميين في القصر الجمهوري.
ويمضي الرئيس المكلف في وضع مسودته الوزارية التي حــدد عنوانها العريض بـ 24 وزيرا، من دون محاصصة ووضع «فيتو» على أحد. وفي معلومات لـ «الأنباء» ان ملامح الحكومة العتيدة بدأت تظهر بتوزيع المقاعد على الكتل السياسية والأحزاب الأكثر تمثيلا في البرلمان. وباتت المقاعد المتاحة عمليا بواقع اثنين لدى الطوائف المسيحية، بعد توزيع 3 مقاعد لكل من حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» (للأخير مقعدان زائدا مقعدا للطائفة الأرمنية يدرج في حصة «التيار»)، إلى مقعد لكل من «الكتائب» و«المردة»، فضلا عن مقعدين لحقيبتي الدفاع والخارجية يختار رئيس الجمهورية المرشحين لتوليهما. ويبقى مقعدان قد يحصل عليهما نواب التغيير أو تكتلات أخرى متوسطة العدد وتضم مزيجا من النواب من طوائف مختلطة.
والشيء عينه في الحقائب الخمس المخصصة للطائفة السنية، مع اختيار الرئيس المكلف بتوزير سيدة ورجل لحقيبتين (الشؤون الاجتماعية والاقتصاد)، على ان يختار اسما يحظى بالقبول من «تيار المستقبل» لحقيبة الداخلية. ويبقى مقعدان برسم الكتل النيابية السنية وبينها كتلة «الاعتدال الوطني» التي تطالب بتمثيلها في الحكومة.
في حين ان المقاعد الوزارية الخاصة بالطائفة الشيعية ستؤول كلها للثنائي المؤلف من حركة «أمل» و«حزب الله»، وكذلك المقعدان المخصصان للطائفة الدرزية، بحيث اختار الزعيم وليد جنبلاط اسما (فايز رسامني)، وينتظر عرض الاسم الثاني من الرئيس المكلف للموافقة عليه.
ويتحدث الرئيس المكلف عن أسلوب جديد في التشكيل والعمل الحكومي، يريد عبره إحداث صدمة إيجابية تنعكس انفراجا في التعثر الاقتصادي والمالي الذي ترزح تحته البلاد. ويوازن بمرونته بين طلبات الكتل السياسية وذهابها في الاعتراض على وزارات قد تؤول إلى كتل أخرى، وبين إصراره على اختيار وزراء من أصحاب الكفاءة من غير الحزبيين وغير الطامحين للترشح إلى الانتخابات البلدية والنيابية، سعيا إلى تحريرهم من ضغوط قد يتعرضون لها من محيطهم من أحزاب وغيرها.
ويأخذ الرئيس المكلف وقته ويعمل بوتيرة سريعة بعيدا من التسرع، ويمضي في العمل باتجاه التأليف، لحكومة تلبي طموحاته، ويثق بقدرتها على إحداث تغيير إيجابي تحتاجه المؤسسات بقوة.
وقال مصدر مطلع لـ «الأنباء» ان جزءا كبيرا من النقاش يتعلق بالبيان الوزاري وعناوينه، وخصوصا موضوع المقاومة في ظل ما حصل في الجنوب منذ الأحد الماضي موعد انتهاء المهلة المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار، قبل ان يتم تمديده حتى 18 فبراير المقبل. وتوقع ان تشهد الأسابيع الثلاثة المقبلة «تطورات قد تفرض نفسها على الواقع، خصوصا في ظل التصعيد الإسرائيلي الواضح بعودة الغارات خارج المنطقة المعنية بالاتفاق وهي جنوب الليطاني».
كما توقع المصدر «ان تأخذ مسألة البيان الوزاري حيزا من النقاش، لإيجاد توصيف مقبول في البيان اذا تم تجاوز عبارة المقاومة، كاعتماد تبني الخيار الديبلوماسي أو اتفاق وقف إطلاق النار لتأمين الانسحاب الإسرائيلي، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لبلدات في الجنوب، وتأكيد إسرائيل الدائم انها لن تنسحب من كل الأراضي اللبنانية».
وتحدثت مصادر مقربة من «الثنائي» لـ «الأنباء» عن «التزام الصمت حيال رمي مسؤولية تأخير التشكيل عليه، لتجنب الدخول في سجالات سياسية تزيد الأمور تعقيدا». وأضافت: «مادامت الكتل والأحزاب ترشح الأسماء للحقائب وتفاوض على حصصها، فهذا الأمر ينطبق على الثنائي تحت سقف المعايير التي حددها الرئيس المكلف، وهي عدم توزير النواب أو الحزبيين أو المرشحين إلى الانتخابات». وخلصت المصادر إلى القول: «اقتربت الأمور من خواتيمها والثنائي هو الأحرص من الآخرين على قيام حكومة قادرة على العمل بأسرع وقت، خصوصا ان لديه هما إضافيا بإعادة الإعمار وإنهاء الاحتلال للأراضي اللبنانية».
في المواقف، أكد الرئيس جوزف عون خلال استقباله رئيس طائفة اللاتين في لبنان المطران سيزار أسايان أمس، انه «ليس هناك أكثرية وأقلية، بل كفاءات لأننا نتفيأ جميعا بظل العلم اللبناني».
وعلى صعيد الوضع الجنوبي، هناك 3 أسابيع صعبة قد تصبح معها الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، في ظل التصعيد الإسرائيلي اللافت في مواجهة التحرك الشعبي من أبناء القرى لجهة إصرارهم على تفقد بلداتهم بدعم حزبي. ووجهت دعوات إلى تحرك حاشد الأحد المقبل على غرار ما حصل يوم الأحد الماضي. ويعتصم أبناء بلدة كفركلا في خيمة أقاموها على مقربة من البلدة للتعبير عن إصرارهم على تحدي القرار الإسرائيلي بمنعهم من الدخول.
وأبدت مصادر أمنية خشيتها من ان تؤدي هذه المواجهات إلى تصعيد تدريجي، قد يشكل تهديدا لاتفاق وقف إطلاق النار.
وعلى الرغم من العراقيل التي تفتعلها القوات الإسرائيلية فإن الجيش اللبناني يواصل انتشاره، ويدعو في الوقت عينه المدنيين إلى الالتزام بتوجيهاته وتعليماته لتسهيل مهمة انتشار الجيش وفقا لبنود القرار 1701، وبالتالي انسحاب قوات الاحتلال من الأراضي اللبنانية حتى الحدود الدولية.
وفي يوميات المواطنين الجنوبيين، تحدث ابن الخيام وسام شيري لـ «الأنباء» عن توجهه يوميا إلى بلدته في طريق العودة من مرجعيون، حيث يوصل بناته إلى مدرسة راهبات القلبين الأقدسين.
ترك شيري منزله ومطبعته في البلدة ونزح إلى مناطق عدة في الحرب، قبل ان يستقر في بيروت، بعدما وسعت إسرائيل عملياتها العسكرية اعتبارا من 20 سبتمبر الماضي.
بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، عاد شيري إلى النبطية بسبب تعذر الوصول إلى الخيام التي تتحرر تباعا من الاحتلال. وقد دمر منزله ومطبعته بالكامل. ويضيف: «أعود يوميا من مرجعيون إلى الخيام لآخد نفسا من هوائها، ثم أتوجه إلى بيروت، وتتولى زوجتي اصطحاب البنات (عددهم 4) إلى المنزل في طريق العودة». وشيري بطل سابق ومدرب وإداري في لعبة كرة الطاولة، وعضو في اللجنة الإدارية لاتحاد اللعبة. وإحدى بناته بيسان بطلة واعدة مدرج اسمها في لائحة الاتحاد الدولي لتصنيف الناشئات.
هذا، ويزور وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي بيروت اليوم الجمعة، حاملا رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى نظيره اللبناني العماد جوزف عون.
وأعلنت السفارة المصرية في بيروت في بيان أن الزيارة وهي الثالثة لوزير الخارجية المصري في الأشهر القليلة الماضية، «تهدف إلى تأكيد الدعم المصري للبنان بعد انتخاب الرئيس عون وتكليف الرئيس نواف سلام بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، حيث تحرص مصر على إعادة تنشيط التعاون بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات الاقتصادية والتنموية، فضلا عن تعزيز التنسيق السياسي بين البلدين».