عاجل:

خطة سعودية بـ17 مليار ريال لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الدواجن

  • ٤٥

رغم أن السعودية تُعد إحدى أشد المناطق حرًا وجفافًا في العالم، إلا أنها تمكنت من زيادة إنتاج الدواجن بنحو الضعف خلال العقد الماضي، في ظل جهود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء.

وتستورد المملكة حوالي 80% من احتياجاتها الغذائية، وهو ما أثار قلقًا من نقص الواردات في فترة تشهد تصاعد التوترات الجيوسياسية، وانتشار الأمراض الحيوانية المعدية، وتزايد أزمات سلاسل التوريد.

وتم تناول الكثير من التفاصيل حول استراتيجية “رؤية السعودية 2030″، التي تسعى إلى تنويع مصادر الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط من خلال تعزيز قطاعات مثل السياحة، وصناعة السيارات، وأشباه الموصلات، مع تخصيص أكثر من تريليون دولار لتمويل هذه المشروعات حتى الآن.

يُعد الغذاء أحد المحاور الرئيسية لهذه الاستراتيجية، إذ خصص 17 مليار ريال (4.5 مليار دولار) على الأقل لقطاع الدواجن وحده، كما تسعى المملكة إلى زيادة مزارع الفواكه والخضراوات والأسماك، وتخزن احتياطيات استراتيجية من الغذاء لمواجهة الأزمات في المستقبل.

وتتجه السعودية إلى الخارج أيضًا عبر الاستثمار في شركات إنتاج الدواجن مثل “بي آر إف” البرازيلية، و”إم إتش بي” (MHP) الأوكرانية. فضلًا عن تشغيل المملكة مزارع في أريزونا وكاليفورنيا، وسعيها للاستحواذ على وحدة الأعمال الزراعية التابعة لمجموعة “أولام غروب” (Olam Group) السنغافورية.

كما أعلنت “التنمية الغذائية” في وقت سابق من هذا الشهر عن شراكة مع وحدة المقاولات التابعة لمعهد تشنغدو للتصميم والبحوث في الصين لإنشاء 100 مزرعة لتربية الدجاج اللاحم في أنحاء البلاد.

ويقول روبرت كلاكستون، مدير قطاع اللحوم والماشية لدى شركة “غيرا” الاستشارية لوكالة بلومبرج: “مصدر القلق واحد لدى كل الحكومات: الأمن الغذائي، فكلها حساسة لفكرة تفوق دول أخرى عليها في هذا المجال”.

تُعد السعودية إحدى أسرع الدول نموًا في إنتاج الدواجن في العالم، بمعدل يقارب 6%، بحسب “غيرا”، وأصبح لدى سلاسل مطاعم مثل “البيك” قاعدة هائلة من العملاء المخلصين، وتجاوز حجم الاستهلاك السنوي في البلاد 1.5 مليون طن.

ولفت الرئيس التنفيذي لشركة “التنمية الغذائية” ذو الفقار حمداني إلى أن مزارع الدواجن في البلاد حققت تقدمًا كبيرًا خلال فترة قصيرة نسبيًا، فقبل عقد فقط، كانت واحدة من كل 5 دجاجات تنفق قبل الوصول إلى المسلخ. بينما يبلغ معدل النفوق حاليًا أقل من 4%، وهذا هو الحد الأقصى في المزارع المحلية التابعة للشركة، ويمكن للموردين الحصول على مكافآت إضافية عند استيفاء هذا الشرط.

أضاف حمداني، أن “الصحراء ليست البيئة الطبيعية للدجاج، أليس كذلك؟ وطالما شكلت تربيته هنا تحديًا”.

أظهرت البيانات الرسمية أن إنتاج السعودية من لحوم الدواجن بلغ مستوى غير مسبوق عند 558 ألف طن خلال النصف الأول من 2024، ما يمثل ارتفاعًا بنسبة 9% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وفي 5 منشآت بمختلف أنحاء البلاد، تذبح شركة “التنمية الزراعية”، الوحدة التابعة لـ”التنمية الغذائية”، حوالي 550 ألف دجاجة يوميًا، ما يمثل ارتفاعًا بمقدار 12 مرة مقارنة بعام 2013.

قال ماركوس ديلورينزو، الرئيس التنفيذي للوحدة، إن محور الاهتمام الأبرز هو تحديد النظام الغذائي المتميز ودرجات الحرارة المناسبة، ولا تُستخدم أي مضادات حيوية أو هرمونات نمو، كما تتغذى الطيور على علف غني بالبروتين والأحماض الأمينية والمكملات الغذائية.

يفضل السعوديون وضع الدجاجة بأكملها في وسط أكلات مثل الكبسة والمضغوط، وعادة لا يتجاوز وزنها 1.3 كيلوجرام (حوالي 3 أرطال). ويُعد ذلك الحجم نصف الوزن المعتاد للدجاج الأمريكي أو البريطاني أو البرازيلي.

وقال إيغور مارتي، نائب رئيس “بي آر إف” لشؤون أسواق الحلال، إن “المرأة ترغب في ما يناسبها. فهي تريد العودة إلى المنزل لتجد طعامًا سهل الطهي ومغذيًا في نفس الوقت”. جدير بالذكر أن الشركة تملك علامة “ساديا” التجارية وتصدر الدجاج إلى المملكة منذ السبعينيات.

يبلغ حجم مبيعات “بي آر إف” السنوية 350 ألف طن، ويعمل بها محليًا نحو 1000 موظف، واشتركت مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي في الاستحواذ على حصة 26% في شركة “دواجن الدوحة”. وتُعد الصفقة جزءًا من استراتيجية “بي آر إف” لبناء حضور محلي يمتد من التفريخ إلى المعالجة، بحسب مارتي.

كما أن تغيير كفة الميزان التجاري بشكل دائم من الاستيراد إلى إنتاج اللحوم محليًا سيكون له تبعات عالمية، حيث يُرجح أن تنخفض الصادرات البرازيلية والأوكرانية.

مع ذلك، فإن زيادة واردات السعودية من فول الصويا والذرة والحبوب الأخرى لتغذية الدواجن داخل البلاد وليس للاستهلاك المحلي فقط- قد يخفف من هذه التداعيات.

وقالت دلال الغواص، خبيرة الأمن الغذائي المقيمة في دبي: “طالما أعطت هذه الخطوات أهمية خاصة للشركات السعودية في منطقة الخليج. فهي تسعى دومًا لتلبية الطلب على المستويين المحلي والإقليمي على حد سواء”

المنشورات ذات الصلة