قدّم الرئيس الأميركي هدية سياسية استثنائية لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالكشف عن تبنيه العلني بحضور نتنياهو عن دعوته إلى تهجير وتوطين دائم لسكان قطاع غزة في الأردن ومصر أو أي بلد آخر، وبالرغم من بشاعة الدعوة وما تمثله من تطهير عرقي وتهجير قسري، يبقى السؤال حول الجهة التي تستطيع تنفيذ هذا المشروع، وقد قال سكان غزة كلمتهم طوال ستة عشر شهراً وهم تحت تهديد القتل والتدمير، بأنهم لن يتركوا أرضهم، ويوم وقف إطلاق النار جدّدوا كلمتهم بأنهم يعودون الى الركام والخراب ولا يتركون غزة.
اجتماعات ترامب ونتنياهو التي يخيّم عليها البحث في مواصلة تطبيق اتفاق غزة، وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، لا تزال موضع غموض تجاه كيفية تناول ملف التطبيع السعودي الإسرائيلي الذي يوليه ترامب اهتماماً خاصاً، وموجبات “إسرائيل” لإنجاح هذا الهدف، وما هو موقع الحديث عن قيام دولة فلسطينية كشرط تضعه السعودية للسير بالتطبيع؟
في لبنان كانت زيارة رئيس وزراء ووزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ولقاءاته مع رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مناسبة لبحث اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان والانتهاكات الإسرائيلية، كما ورد في تصريح الرئيس بري بعد اللقاء، لجهة التأكيد على خطورة الانتهاكات الإسرائيلية، بينما كان لافتاً كلام الرئيس عون عن التطلع لاستئناف التنقيب عن النفط والغاز في البقعة الاقتصادية للبنان التي يتولاها ائتلاف تقوده توتال وتشارك فيه قطر، وكلام رئيس الوزراء القطري عن الاستعداد الدائم لمساعدة لبنان.
في الملف الحكومي بقي التعثر سيد الموقف، ورغم الحملات الإعلامية التي ينظمها ثنائي القوات اللبنانية ونواب التغيير ضد الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام، استأنف سلام مفاوضاته مع القوات وتكتل الاعتدال للتداول بصيغ التمثيل في الحكومة العتيدة. وقالت مصادر نيابية متابعة إن التفاوض لم يصل بعد إلى نتيجة، لكنه مستمر وسوف يتواصل حتى تبصر الحكومة النور.
يعمل الرئيس المكلف نواف سلام على تذليل ما تبقى من نقاط عالقة، لعرض المسودة الأخيرة على رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال الساعات المقبلة. وفي وقت تتواصل المفاوضات بين الرئيس المكلف نواف سلام وموفد معراب حول دور الحكومة وكيفيّة نزع الألغام من دربها للقيام بعملها من جهة وتمثيل القوات بأوزانها الفعلية من جهة ثانية. وبحسب المعلومات أرسلت القوات اللبنانية اسمًا للحقيبة السيادية، لكن سلام رفضه وأبلغهم: «أرسلوا لي اسمًا أفضل وأنا مستعد للموافقة عليه».
وأكّد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النّائب غياث يزبك أن «حزب القوّات لن يشارك في الحكومة المرتقبة وسيحجب الثّقة عنها إذا لم يتلق التّوضيحات التّي يحتاجها لأنّه لا يريد المساهمة في غرق العهد منذ بدايته»، مشيراً إلى أن «حزب القوات لم يحسم موقفه النهائي بعد بانتظار ما سيقدمه الرئيس المكلف وهو منفتح على أي خطوات من شأنها إنجاح العهد وإنقاذ البلد».
وتقول مصادر معنية بالتأليف، أن سلام يريد إسناد 3 وزارات للقوات، وهي الطاقة للدكتور جو صدّي والسياحة الى ميراي زيادة والثقافة للوزير السابق غسّان سلامة، أما على خط تيار المردة فسوف يتولى المحامي زياد الخازن وزارة التنمية الإدارية، في حين ان وزارة الاتصالات ستكون للقيادي في صناعة وتنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات كمال شحادة، والعدل للقاضي السابق فادي عنيسي، وكما بات معلوماً فإن الوزير السابق طارق متري سيكون في موقع نائب رئيس الوزراء من دون أي حقيبة. والسفير ناجي أبو عاصي لوزارة الخارجية، واللواء ميشال منسّى لوزارة الدفاع.
وفيما يدعم حزب الطاشناق توزير كريستين بابكيان، إبنة النائب الراحل خاتشيك بابكيان، فإن الرئيس المكلف يتّجه الى توزير الفنان الموسيقي غي مانوكيان من دون التشاور مع الطاشناق. ولذلك صدر عن حزب الطاشناق بيان قال فيه «شعار تفادي تحويل الحكومة إلى مجلس نيابي أو ملّي مصغّر لا يجوز أن يُترجم إلى إنزال أسماء وشخصيات لا تمت بصلة بالمجتمعات التي تمثّلها، وفرضها على تلك المجتمعات. وحرصًا منّا على نجاح الرئيس المكلّف في تأليف حكومة تحظى بثقة مجلس النوّاب بأكثرية مريحة تمكنها من العمل، وبثقة شعبية تحاكي الارتياح الذي منحه خطاب القَسَم، فإنّنا ندعو الجميع إلى مقاربة عملية تأليف الحكومة بروحيّة تعاون وتسهيل مهمة رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف. كما ندعو الرئيس نوّاف سلام إلى مقاربة التأليف بمعايير موحّدة، تضمن مؤازرة القوى النيابية والسياسية والشعبية لمسيرة عمل حكومته العتيدة».
أما رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، فقال خلال مؤتمر صحافي، أهميّة تشكيل حكومة جديدة قادرة على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي يمرّ بها لبنان، مشيرًا إلى أن هناك تخوفًا من تعثر عملية التأليف.
وشدّد باسيل على أن الحكومة المقبلة يجب أن تتمتع بدعم نيابي ثابت، وأن تكون قائمة على أسس سياسيّة واجتماعيّة صلبة لضمان استقرارها وقدرتها على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة. وأوضح أن التمسك بالتمثيل السياسيّ لا يعني تعيين وزراء يفتقرون إلى الكفاءة، بل يجب أن يتمتعوا بالخبرة والقدرة على إدارة الملفات الأساسية.
ولفت باسيل إلى أمر أساسيّ هو وحدة المعايير وحصلت مخالفات كثيرة ولسنا مع منح وزارة المال إلى الشيعة.
إلى ذلك ذكرت المعلومات أنّ النائب وليد البعريني زار الرئيس المكلف حاملًا أسماء لوزارة الزراعة، لكن سلام رفضها.
هذا ووصل الخلاف إلى البيت التغييري، حيث قال النائب ميشال الدويهي «حتى اللحظة، وإن بقيت التشكيلة كما نسمع، فلا حاجة لانتظار إعلانها، إو لبيانها الوزاريّ: لا ثقة بالمنهجية الحالية ولا ثقة بالمعايير الموضوعة، والأهم من ذلك كله، لا ثقة بحكومة يشارك فيها فريق الثنائي بوزارة المالية، فريق عمّق الانهيار وساهم بالفساد، وعقّد الحياة السياسية اللبنانية، وكان ولا يزال ممسكاً بمفاصل هذه الوزارة، فيما اللبنانيون ما زالوا يدفعون أثمان الانهيار الاقتصادي والكوارث والحروب التي خلّفها». في المقابل قال مارك ضو «أنا أؤيّد الرئيس نواف سلام ومعه لإنجاز هذه الحكومة وبسرعة لما فيها مصلحة لبنان وخطوات كثيرة نحو الدولة التي نطمح لها».
إلى ذلك جدّد رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجيّة القطريّ، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، ومن قصر بعبدا بعد لقائه رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، ترحيب قطر بانتخاب عون رئيسًا للجمهوريّة، وقال بعد زيارته «زيارتنا هي زيارة دعم من دولة قطر للبنان، وقطر ستكون حاضرة بملف إعادة إعمار لبنان، ونتطلع لاستكمال تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وتحقيق آمال الشعب اللبناني، وأكدنا التزام دولة قطر باستمرار دعم القوات المسلّحة اللّبنانّية، ونحن نشدّد على ضرورة تطبيق القرار 1701 ليستعيد لبنان سيادته». أضاف «أكدنا كذلك على أهمية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب».
وأكد رفض «خروق «إسرائيل» لبنود اتفاق وقف إطلاق النار وانتهاك الأجواء الّلبنانيّة»، مشدداً على أن «دولة قطر ستكون حاضرة بملف إعادة إعمار لبنان». وأشار إلى أنّه «منذ بداية العام الحالي تسير المؤشرات بشكل إيجابي في المنطقة، ونحن نسعى إلى تحقيق كل بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة وتنفيذ المرحلة الثانيّة».
من جهته، اعتبر الرئيس عون خلال لقائه رئيس الوزراء القطري بأنّه لطالما كانت قطر إلى جانب لبنان، مساندةً للبنانيين في الأوقات الصعبة. ولفت الرئيس عون إلى أنّه «نتطلع إلى عودة الأشقاء القطريّين إلى لبنان، ونحن نُثمّن عالياً الدور القطري في دعم اقتصاد لبنان، لا سيّما في قطاع النفط والغاز، ونتطلّع إلى استئناف أعمال التنقيب قريباً بالتعاون مع توتال إنرجيز».
وبعد بعبدا، اتجه آل الثاني والوفد المُرافق له، إلى عين التينة، حيث كان رئيس مجلس النّواب نبيه برّي بانتظاره، وتمّ التشاور بالعلاقات الثنائيّة بين البلدين والمستجدّات السّياسيّة والإقليميّة.
وتوجّه برّي بالشكر لدولة قطر أميرًا وحكومة وشعبًا على وقوفهم الدائم والداعم للبنان في كافة الحقبات وعلى مختلف المستويات إنسانياً وإنمائياً ودعم المؤسسة العسكرية. ووضع رئيس المجلس، رئيس الوزراء القطري بأجواء الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار والقرار الأممي 1701 واتباع إسرائيل لسياسة التدمير الممنهج للقرى الحدودية مع فلسطين المحتلة وتحويلها الى أرض محروقة ناهيك عن الإمعان بعدم تنفيذ الاتفاق وتعطيل عمل اللجنة الخماسية. وأكد الرئيس بري لرئيس وزراء قطر أنه سوف يزوّده بتوثيق مفصل عن كافة الانتهاكات والخروقات الإسرائيلية اليومية لبنود الاتفاق.
وبعد عين التينة، توجّه الرئيس القطريّ ووفده المرافق إلى دارة الرئيس المكّلف نواف سلام.
ومساء التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رئيس مجلس الوزراء القطري، في دارته، وعقدا خلوة تناولت الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين، وشدّد الرئيس ميقاتي على أنّ «الأولوية في هذه المرحلة هي لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من المناطق التي لا يزال فيها في الجنوب، ووقف العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان وتدمير مقوماته وبناه التحتية».