عاجل:

تعثر ولادة الحكومة... «شياطين» اميركية او عناد داخلي؟ (الديار)

  • ٢٧

كتب ابراهيم ناصر الدين:

من نصب الكمين لرئيس مجلس النواب نبيه بري؟ ومن اطاح «ولادة» الحكومة بالامس؟ هل هي «الشياطين» الاميركية التي كشرت عن انيابها عقب اللقاء الثلاثي في بعبدا عبر تسريبات اعلامية مريبة تحذر من توزير حزب الله، قبيل وصول وفد اميركي رفيع الى بيروت؟ تزامنا مع تواتر المعلومات عن اتصال هاتفي تلقاه رئيس الحكومة المكلف نواف سلام من مبعوث الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى المنطقة ستيف ويتكوف! ام ان ما حصل مجرد «شد حبال» داخلي يمكن تجاوزه خلال الساعات المقبلة بمساع حثيثة يقودها رئيس الجمهورية جوزاف عون؟

لا جواب واضح حتى الان، فكل شيء كان يوحي بان الحكومة ستولد امس، لكن سلام اجهض الفرصة بعد اصراره على عدم ايجاد مخرج حول تسمية الوزير الشيعي الخامس، علما ان العقدة الشيعية ليست وحدها ما يشوه ولادة الحكومة بعدما جرى احراج «التيار الوطني الحر» لاخراجه، واحتكار سلام لتسمية الوزراء السنة، وعدم بذل جهد كاف لحل ازمة المردة، والاكتفاء بنسج اتفاق حكومي مع القوات اللبنانية. اكثر المتفاجئين بموقف سلام كان رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي استقبل يوم الاربعاء القاضي عبد الرضى ناصر، وكان اللقاء جيدا جدا واقتنع به كمرشح شيعي خامس للتوزير، وظن ان لا مشكلة مع الرئيس المكلف.

بري: طلبها ماكرون ولم اقبل

وقد وصل الرئيس بري الى القصر الجمهوري والتقى عون وكانت الاجواء ايجابية، ثم استدعي سلام الذي رفض التصور المشترك لعون وبري حول ترشيح الوزير الشيعي. وبعد نقاشات مستفيضة استمرت لنحو ساعتين ابدى بري تساهلا عارضا على سلام اكثر من اسم للتوزير، وهي تتمشى مع معايير رئيس الحكومة، تصلب سلام في موقفه واصر على توزير لميا المبيض، مصرا على انه هو من يسمي وحده الوزير الشيعي الخامس بحجة عدم منح «الثنائي» القدرة على تعطيل الحكومة انطلاقا من الميثاقية اذا قررا الاستقالة لاحقا... عندئذ قال له بري «ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون طلب الامر مني سابقا لكنني لم اقبل، واذا اردت فشكل حكومة مبيض وحدك»، ملمحا الى ان «الثنائي» لن يشارك ولن ويمنحه الثقة... ثم غادر من الباب الخلفي للقصر الجمهوري، بعدها بعشرة دقائق غادر سلام دون التصريح بعدما تمنى عليه الرئيس ذلك وقال في دردشة «مشي الحال وما مشي الحال؟ وفيما لا يزال «الثنائي» يتعامل مع الامور انها غير مقفلة الا ان التعثر بقي بالامس، والرهان على مساعي الرئيس عون لتذليل العقبات، ووفق مصدر سياسي فان الامور ليست سيئة الى هذا الحد، ولا مشكلة مع الاميركيين، وقالت ان الرئيس عون طلب من سلام حل المشكلة سريعا والعودة خلال الساعات المقبلة باسم جديد واعلان الحكومة، وفيما نقل زوار سلام عنه اصراره المضي في التاليف وعدم نيته الاعتذار بتاتا، علم انه ارسل اسما جديدا الى بري وينتظر رده.

من نصب «الكمين»؟

ومن وجهة نظر مصادر مقربة من «الثنائي»، فانه في السادس من شباط، وهو تاريخ له رمزيته عند رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثمة من حاول نصب كمين سياسي محكم له في قصر بعبدا امس، لكسره، واللعب على رمزية هذا التاريخ حين تمرد عام 84 على اتفاق  17 ايار واسقطه، لاعلان افول «الشيعية السياسية». فهو وصل الى القصر الجمهوري على اساس ان الامور منتهية بالنسبة الى اسم الوزير الخامس من حصة الطائفة الشيعية، بعد التوافق مع الرئيس عون على اسم القاضي عبدالرضى ناصر، الا انه فوجىء بان الرئيس المكلف نواف سلام مصر على توزير لميا المبيض التي سبق وتم ابلاغه بان «الثنائي» لا يقبلها، وللضغط عليه تم استدعاء الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية للايحاء بان المراسيم «قاب قوسين» او ادنى من الصدور، وما عليه الا القبول بالمطروح او يتحمل مسؤولية افشال ولادة الحكومة امام الراي العام اللبناني والخارج الذي يراقب عن كثب مجريات الامور. لكن بري انتفض مرة جديدة رافضا «لي ذراعه» بهذه الطريقة غير المألوفة في الحياة السياسية، خصوصا ان الرئيس جوزاف عون كان ممتعضا وحاول تأدية دور الوسيط للانتقال الى طرح تسميات اخرى، الا انه ووجه بعناد غير مفهوم من قبل سلام. على الرغم من ذلك، فان دوائر القصر الجمهوري رفضت اي حديث عن عودة الامور الى نقطة الصفر، ولفتت الى ان الرئيس عون يتابع اتصالاته لتقريب وجهات النظر.

«رسالة» اميركية مريبة!

وفي توقيت مريب جاء بعد الانتكاسة في بعبدا، وقُبيل ساعات قليلة على وصول الوفد الأميركي مساء امس الى بيروت، برئاسة مورغان أورتاغوس، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في الإدارة الأميركية وديبلوماسي غربي ومصادر حكومية إقليمية، تاكيده، أنّه «من المقرر أن توجّه مبعوثة الرئيس دونالد ترامب رسالة حازمة إلى الزعماء اللبنانيين خلال زيارتها بيروت، مفادها أنّ الولايات المتحدة لن تتسامح مع النفوذ غير المقيّد لحزب الله وحلفائه على تشكيل حكومة جديدة، حاملة رسالة أميركية بأنّ لبنان سيواجه عزلة أعمق ودماراً اقتصاديّاً ما لم يُشكّل حكومة ملتزمة بالإصلاحات والقضاء على الفساد والحدّ من قبضة حزب الله.

واشنطن: لا لمشاركة حزب الله

 وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية «من المهم بالنسبة لنا أن نُحدّد الصورة التي نعتقد أن لبنان الجديد يجب أن يبدو عليها في المستقبل»، مؤكداً أن «واشنطن لا تختار وزراء الحكومة بشكل فردي ولكنها تضمن عدم مشاركة حزب الله في الحكومة. وأضاف «كانت هناك حرب وهُزم حزب الله ويجب أن يظل مهزوماً... أنت لا تريد شخصاً فاسداً. إنه يوم جديد للبنان. لقد هُزم حزب الله، والحكومة الجديدة بحاجة إلى مواكبة هذا الواقع الجديد.

«فيتو» على حركة امل

اما ديفيد شينكر، وهو مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، فاكد ان الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يأتي من شخصيات تابعة لحركة أمل. «لا يمكن أن يكون العمل كالمعتاد» وأضاف شينكر، الذي يشغل الآن منصب زميل بارز في معهد واشنطن للأبحاث: «إذا كان للبنان أن يصبح دولة لا تعجّ بالفساد، وتحتضن الإصلاح وتتطلع إلى المضي قدمًا كدولة ذات سيادة، فلن يتمكن نواف سلام من تعيين حزب الله أو حركة أمل. وفي سياق متصل، عين الرئيس الاميركي دونالد ترامب انطوان بريدي، اللبناني الأصل، سفيرا للولايات المتحدة الاميركية في لبنان خلفا للسفيرة ليزا جونسون.

لا «فيتو» اميركي!

هذه الاجواء «المريبة»، ردت عليها مصادر مطلعة على التاليف، واشارت الى ان الرهان بات معقودا على جولة مشاورات جديدة تتسم بدفع قوي من رئيس الجمهورية جوزاف عون، واجتراح صيغة لحل عقدة الشيعي الخامس، نافية ما أشيع عن حظر اميركي على حزب الله وطلب منع اشراكه في الحكومة، وقالت» انه لو كانت واشنطن قد فرضت حظرا حكوميا على الحزب، لما خاض سلام معه مفاوضات منذ اللحظة الاولى ولا انزل اسماء في مسودة تشكيلته، وقبل اسناد حقيبة المال للوزير ياسين جابر...

المنشورات ذات الصلة