عاجل:

اجتماع بعبدا الثلاثي انتهى بسيناريو غير مسبوق في تاريخ لبنان.. لا حكومة! (الأنباء الكويتية)

  • ٢١

كتب ناجي شربل وأحمد عزالدين:

عرفت البلاد السيناريو الأسوأ في تاريخ تأليف الحكومات في لبنان، عند المحطة الأخيرة. إذ انتهى الاجتماع الثلاثي في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام، من دون الإعلان عن ولادة حكومة العهد الأولى، والتي كانت منتظرة بصدور مراسيم تأليفها، بعد استدعاء الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية إلى القصر الجمهوري للإعلان عن التشكلية.

والتقطت صورة للاجتماع الثلاثي للرؤساء، وفجأة أعلن عن مغادرة الرئيس بري، الذي كان دخل إلى القصر من غير الباب الرئيسي، حيث يتمركز رجال الصحافة. وبدا الأمر عاديا، ذلك ان رئيس المجلس النيابي يغادر عادة تاركا إصدار المراسيم بعد توقيعها من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. إلا ان المفاجأة كانت في مغادرة سلام من دون الإدلاء بأي تصريح، ومعه «طار التأليف» الذي كان مقررا أمس الخميس.

وتردد ان خلافا حصل حول الوزير الشيعي الخامس، ورفض الرئيس بري تسمية سلام للوزير المعني. وما لم يتم تدارك الأمور بسرعة، فإن البلاد أمام أزمة حكومة وحكم، جراء «ضربة» غير محسوبة، تعاكس الدعم الدولي والعربي غير المسبوق للعهد.

وكان الرئيس المكلف نواف سلام دخل إلى قصر بعبدا ظهر أمس، وهو يعول على الخروج بلقب «دولة الرئيس» ليدخل نادي رؤساء الحكومات في لبنان منذ نيل البلاد الاستقلال. وجهز سلام لحديث تلفزيوني عبر شاشة «تلفزيون لبنان» يحاوره فيه 3 صحافيين، ويبث عبر كل الأقنية، بعد صدور مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة، الأمر الذي لم يحصل.

وزار سلام دار الفتوى قبل ظهر الخميس، والتقى مفتي الجمهورية سماحة الشيخ عبداللطيف دريان. وقال من منبر دار الفتوى: «كانت الزيارة مناسبة للتداول في الشؤون الوطنية وللاطمئنان على صحته (المفتي)، وأطلعته على مسار تأليف الحكومة وما تم التوصل إليه، وأكدت له أنني أعمل بكل ما أوتيت من قوة للإسراع في التأليف كما استمعت من سماحته إلى الرؤى الوطنية والحكمة التي تشكل بوصلة لنا».

وكان إعلان الحكومة تأجل من مساء الأربعاء لإجراء بعض التعديلات الطفيفة على التشكيلة الحكومية بالتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل الحكومة.

وكانت كلمة الرئيس المكلف لدى مغادرته القصر الجمهوري في بعبدا مساء الأربعاء، بمثابة تقديم كشف حساب عن الاتصالات وما واجهه من الأطراف جميعهم.

وجاءت الساعات الأخيرة لإنضاج التشكيلة وتوزيع الحقائب لصالح حزب «القوات اللبنانية»، بحصوله على 4 حقائب وازنة بينها واحدة سيادية هي الخارجية، فيما اختار «التيار الوطني الحر» البقاء خارج الحكومة، عندما شعر ان هناك تحجيما لدوره بدا وكأنه متعمد بحسب أوساط مقربة منه، فارتأى البقاء خارج الحكومة، متفاديا الحصول على دور هامشي فيها.

وفي معلومات خاصة بـ «الأنباء» ان جهة عربية دخلت من بعيد على خط تأمين تمثيل جامع للقوى السياسية اللبنانية داخل الحكومة، وتحديدا «التيار الوطني الحر»، إلا ان رئيسه النائب جبران باسيل، قال انه لن يرضى بتمثيل «التيار» بأقل من حجمه ونيله حصصا وازنة.

وتحدثت مصادر مطلعة لـ «الأنباء» عن «أسباب عدة لإحراج التيار تمهيدا لإخراجه، ومنها تجنب العودة إلى تحالفاته السابقة، وبالتالي عدم توفير عناصر الثلث المعطل في الحكومة، على رغم إعلان رئيسه باسيل انه لم يعد هناك تحالف بينه وبين «حزب الله»، كما ذكر ان الحديث عن ثلث معطل لم يعد له مكان».

غير ان هذا الأمر، وبحسب المصادر، «بدا واضحا، وهذا ما أشار إليه الرئيس المكلف في كلمته المكتوبة من قصر بعبدا بالقول: أعمل على تشكيل حكومة إصلاحية، ولن اسمح بتعطيل عملها، كما انها لن تحمل في داخلها إمكانية تعطيلها».

في أي حال، تعرضت الحكومة المنتظرة لضربة غير سهلة، على رغم كونها تحظى بمظلة سياسية واسعة من غالبية الكتل النيابية والأحزاب السياسية. وكان الجميع، حتى غير المشاركين فيها، يعولون على انطلاقتها ومنحها الوقت لتبيان مسارها وما ستقدم عليه من خطوات في ضوء ملفات «ثقيلة» بينها الانسحاب الإسرائيلي من بلدات حدودية لبنانية دخلت إليها في شكل أكبر بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان في 27 نوفمبر 2024. وملفات متراكمة ترزح تحتها البلاد من إعادة إعمار، وانهيارين نقدي واقتصادي وقطاع مصرفي فاقد للثقة منذ نهاية 2019.

ويرى الجميع انه لابد من التعاطي بإيجابية مع العهد الذي يقوده رئيس الجمهورية، ومنحه ما يستحق من وقت وتفهم لمعالجة مشكلات، لا بل لمحاولة التأسيس لإنقاذ جمهورية متهالكة. والدعم الداخلي مطلوب لملاقاة الدعم الدولي والعربي غير المسبوق للبنان.

المنشورات ذات الصلة