عاجل:

اقتراح ترامب بشأن غزة: قنبلة سياسية أم وهم خطر؟ (معاريف)

  • ٩
  • كتب دان بيري في صحيفة "معاريف":

  • إن اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن نقل سكان غزة إلى دول أُخرى وسيطرة الولايات المتحدة على القطاع، هو بمثابة هدية لرئيس الحكومة نتنياهو. ولليمين الإسرائيلي المتطرف الذي هدّد بإسقاط الائتلاف، والآن، سيكون من الصعب عليه تنفيذ تهديداته، حتى لو توقفت الحرب.

  • ومثلما هو معلوم، عارض اليمين الصفقة التي ستعيد، في حال تنفيذها كاملةً، جميع المخطوفين الإسرائيليين في غزة، في مقابل الانسحاب العسكري الإسرائيلي وإنهاء الحرب. وكان معنى هذا، حتى إعلان ترامب، بقاء "حماس" في السلطة وإعلان انتصارها، على الرغم من الدمار. لكن ترامب كرر، أكثر من مرة، أن الولايات المتحدة هي التي ستسيطر على المنطقة، وتعيد بناءها من جديد بطريقة "فاخرة"، بتمويل من دول أُخرى، على ما يبدو، من الدول الخليجية الغنية. وبقيَ من غير الواضح لمصلحة مَن، وكم يستغرق من الوقت، لكن الكلام، سواء أكان وهماً، أو غير مدروس، فإنه كان بمثابة إلقاء قنبلة.

  • لم يتضح بعد كيف سيُخرج ترامب ونتنياهو "حماس" من هناك، من دون استئناف إسرائيل الحرب حتى النهاية، وهذه الخطة قد تستغرق سنوات، ولا يرغب ترامب في ذلك. يمكن الافتراض أن ترامب يتوقع أن يقوم الضغط الإقليمي الكبير على "المخربين" بهذه المهمة. وعلى الرغم من شعبية مثل هذه الفكرة وسط اليمين الإسرائيلي، وربما وسط تيار الوسط الذي يبحث عن أفكار جديدة، فإنها قوبلت بالرفض القاطع من مصر والأردن ودول عربية أُخرى. وماذا عنا؟ هل هذا الاقتراح هو خدعة لتعزيز الائتلاف الحكومي، أم فيه شيء حقيقي؟  تعالوا نفحص ذلك.
  • إن الغضب إزاء تهجير الفلسطينيين مغروس عميقاً في تاريخ الفلسطينيين. حالياً، هناك أكثر من 6 ملايين فلسطيني يعتبرون أنفسهم لاجئين، بينهم أغلبية سكان غزة. هذه الحالة النفسية، ساهمت الأونروا في إدامتها، وكذلك الدول العربية التي رفضت منح الفلسطينيين حقوقاً، وبهذه الطريقة، حافظت على استمرار النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. إن فكرة إجبار الفلسطينيين على الخروج، سواء بصورة مباشرة، أم بالإكراه غير المباشر، ستُعتبر تطهيراً عرقياً وجريمة حرب. ومع ذلك، لم يكن ترامب على خطأ البتة في قوله إن غزة مكان غير صالح للعيش. وحتى قبل الحرب الحالية، كانت ظروف الحياة في غزة قاسية.

  • هذا يخلق مفارقة غير مريحة. فأصحاب النية الطيبة من أنصار الفلسطينيين، يمكن أن يجدوا أنفسهم مصرّين على بقاء أشخاص محاصرين في داخل جيب مدمّر، ببساطة، للحؤول دون اتهامهم بالتطهير العرقي. لقد عملت صحافياً في الميدان أعواماً عديدة، وتوليت إدارة وكالة AP في غزة، وأعلم من مصادر أولية بأن الغزيين، في أغلبيتهم، يريدون الرحيل منذ زمن طويل، وجزء منهم نجح في ذلك، لكن الجزء الأكبر لم يتمكن من القيام بذلك بسبب الحصار والقيود الأُخرى.
  • من المؤكد أن التهجير الدائم لمليونَي غزّي تقريباً، سيخلق مشكلات إضافية. الطريقة الوحيدة لإنجاح مثل هذه الخطة، من الناحيتين الأخلاقية والعملية، هي منح الذين سينزحون عن القطاع حق العودة.  وتوجد فرصة ضئيلة في التوصل إلى المغادرة الطوعية، إذا كان الانتقال إلى الضفة الغربية، أو دولة ثالثة. من دون هذه الشروط، فإن هذه الفكرة ليست غير واقعية فحسب، بل خطِرة، وتخلق وهماً خطِراً.
المنشورات ذات الصلة