خاص - "إيست نيوز"
توقفت مراجع عسكرية وديبلوماسية أمام الآلية التي اعتمدت لتطويق الأحداث التي اندلعت على الحدود الشمالية والشمالية – الشرقية اللبنانية – السورية باهتمام، بالغ ولفتت الى جملة ملاحظات ايجابية يمكن ان تشكل نموذجا يحتذى به لتطويق أي أحداث مماثلة يمكن ان تطرأ على جانبي الحدود وخصوصا حيث التداخل الجغرافي والسوسيولوجي والاقتصادي والعائلي قائم بين اللبنانيين والسوريين وعائلاتهم على خلفياتهم العشائرية وقياسا على حجم التعاون القائم في ما بينها، وحالات المصاهرة التي جمعت عائلات من البلدين وهي جميعها انعكست على يومياتهم خلال عقود من الزمن جرى خلالها التهاون بملف تحديد وترسيم الحدود حيث يجب ان يتم بين البلدين.
وقالت هذه المصادر لـ "ايست نيوز" انها رصدت بكثير من القلق مجرى الاحداث التي امتدت لعدة ايام، على نقاط حدودية مختلف من حولها للاسباب السابقة الذكر بين البلدين ليس على خلفية ما انتهت اليه من خسائر في الأرواح وعمليات خطف واحتجاز متبادلة بين الطرفين، انما على أنها قد تمهد لانهاء فترة من التعاون الامني والعسكري بين الدولتين والتي تحولت نموذجا امتد لعقود من الزمن ضاع فيها الصالح بعزاء الطالح كما يقال، وخصوصا ان احتسبت المناوشات بأكثريتها بين مجموعات من العصابات المشتركة بفعل مشاركة لبنانيين وسوريين فيها، والتي امتهنت تهريب كل شيء بما فيها المحروقات والمواد الغذائية عدا عن الإنتاج الزراعي من الفواكه والخضار والصناعات الكهربائية الخفيفة التي كان يتم التبادل فيما بينها مع مواد زراعية أبرزها اليانسون السوري المشهور بنوعيته في فترات غابرة، ومعها مواد مختلفة تنتجها الأراضي السورية عدا عن شبكات الاتجار بالبشر والمخدرات على أنواعها من الحشيشة إلى الكبتاغون.
وقالت هذه المصادر ان الأسلوب الذي اعتمد لمعالجة الوضع على اعلى المستويات تجلى في الاتصال الذي كشف عنه بين الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون والرئيس السوري احمد الشرع حيث تم الاتفاق كما تسرب على آلية تعتمد على تسليم النقاط الحدودية الساخنة للجيشين الشرعيين في البلدين وهو ما جرى تطبيقه في خلال الأيام القليلة الماضية التي سبقت عطلة نهاية الأسبوع فأعلن الجيشان في توقيت متقارب عن اتفاق لوقف النار، مرفقا بالتعهد الذي ابعد أفراد العصابات ومسلحي العشائر عن جانبي الحدود وفرض حالة من الطوارئ المحلية الى حين استتباب الأمن على طول الحدود بين البلدين وخصوصا ان الاحداث الاخيرة انتهت الى مقتل اكثر من سبعة لبنانيين وعدد اكبر من السوريين عدا عن عشرات الجرحى.
ولفتت المصادر ان المعالجة بدأت بإعلان الجيش اللبناني عن التدخل ردا على القصف المدفعي الذي استهدفت فيه المواقع السورية القرى اللبنانية الآمنة، فدمر لها ثلاثة مرابض مدفعية ودبابة واكثر من آلية عسكرية بعدما رصدت مشاركتها من الجو. وكل ذلك جرى بعد ان تعهد مسلحو العشائر اللبنانية بإخلاء المناطق المتقابلة مع السوريين لصالح الجيش اللبناني. وهو امر تحقق تزامنا مع مجموعة من الغارات الاسرائيلية العنيفة التي استغلت انكشاف المسلحين اللبنانيين من الحزب وبيئته الحاضنة فاستهدفتهم بحجة قصف المعابر غير الشرعية وقوافل نقل السلاح والمسلحين التي كانت قد انتشرت على الجانب اللبناني من الحدود.
وانتهت المصادر لتقول ان أهم ما صدر من بيانات رافقت مجرى العمليات العسكرية على تناقضها والتي صدرت عن الطرفين كان في البيان الصادر عن كل من وزارة الدفاع السورية، التي أكدت ضبط الحدود والمباشرة بوقف المخالفات المرتكبة لسنين طويلة التي كانت قائمة على طرفي الحدود برعاية امنية وفرتها وحدات "الهجانة" السورية في فترات سابقة قبل ان ترعاها وحدات الفرقة الرابعة في الجيش السوري التابع للنظام السابق التي يقودها ماهر الأسد، والتي كانت سببا في اللجوء من قبل الجيش السوري الجديد والمنظمات التي تكون منها الى نوع من الكيدية في التعاطي مع اللبنانيين على خلفية تدخل الحزب في الأحداث السابقة لسنوات عدة والتي دفع ثمنها آمنون لا علاقة لهم بما شهدته سنوات الحرب السورية من مخالفات واعمال عسكرية فاقت كل تصور لما انتهت إليه من أعمال تهجير وقتل وتدمير .
والاهم ختمت المصادر لتقول ان الأبرز في ما حصل كان تبني التفاهم من قبل وزارة الدفاع السورية بعد بيان صدر عن الجيش اللبناني تاكيدا على مسؤولية الطرفين بفرض الامن في المنطقة، كنموذج يمكن ان يعتمد على باقي النقاط الحساسة وخصوصا تلك التي تحولت معابر التهريب وحصرها بالمعابر الشرعية دون غيرها واللذان انتهيا الى التاكيد كل بأسلوبه على وقف العمليات العسكرية وضبط الحركة عبر المعابر الشرعية بين البلدين وبان مسألة الأمن على الحدود من مهام القوتين الشرعيتين. ولم تعد في عهدة مجموعات مسلحة غير شرعية تتقاتل عندما تختلف على عمليات التهريب او عند اقتسام "الغلة" سواء تكونت من عصابات التهريب او الفصائل السورية التي شاركت في الثورة على النظام السوري او من العشائر اللبنانية، بعيدا من انتمائها الى حزب الله ان كان مصدرا لاسلحتهم من المدفعية والصواريخ الخفيفة والثقيلة كما قال البعض.
ولا ينسى في هذا المجال ما تركته إجراءات الجيش اللبناني من ارتياح لدى الجانب اللبناني بحيث ان العشائر عبرت عن ترحيبها بها، مطمئنة إلى ان المسؤولية باتت على عاتقه وقد وضعت قدراتها بتصرفه بكل رحابة صدر بانتظار النتائج التي ترتبت على ما اتخذ من تدابير يؤمل ان تعمم على باقي النقاط الحدودية حيث تجري الاحداث المماثلة والتي لا تعود بالامن المنشود من قبل اللبنانيين حيث المعاناة واحدة ومتشابهة.