عاجل:

ترامب ونتنياهو يلعبان بالنار.. في الجيش الاسرائيلي يستعدون لاستئناف الحرب (هآرتس)

  • ٣٠


كتب عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس":


الجيش الاسرائيلي يستعد لتجنيد واسع جدا منذ بداية الحرب في حالة انهيار وقف اطلاق النار في قطاع غزة، واستئناف الهجوم في القطاع. الاستعدادات جرت على خلفية الازمة حول تطبيق صفقة التبادل مع حماس واقتراح الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، بأن تستأنف اسرائيل الحرب اذا لم تتم اعادة جميع المخطوفين حتى يوم السبت القادم في الساعة الثانية عشرة ظهرة.


في نهاية جلسة الكابنت أمس نشر “مصدر سياسي” بيان يعبر عن تأييد اقوال ترامب وطالب بـ “تحرير مختطفينا”، بدون تحديد اذا كان القصد جميع المخطوفين. من تناولات اخرى لجهات سياسية ومصادر اسرائيلية في الساعات القادمة، يتبين أن اسرائيل تريد مواصلة نبضات تحرير المخطوفين، وأنه اذا تراجعت حماس عن اعلانها حول تجميد النبضة القادمة المخطط لها في يوم السبت فانها ستواصل تنفيذ الصفقة.


في وقت لاحق نشر بيان آخر، الرابع، من قبل “مصدر اسرائيلي رفيع”، فيه تمت الاشارة بشكل صريح الى أن الحكومة والكابنت “متفقان مع بيان الرئيس الامريكي ترامب”، الذي يقول “جميعهم يجب أن يخرجوا في يوم السبت”.  


في هذه الاثناء، على الارض، الى جانب نشر قوات تعزيز طارئة نظامية قرب القطاع الذي تم تنفيذه، تم اعداد خطة لتجنيد كثيف لعدة فرق احتياط، بعضها يمكن أن ينتشر على طول حدود القطاع، وبعضها سيتم ارسالها الى ساحات اخرى من اجل تحرير المزيد من الوحدات النظامية لهجوم محتمل في القطاع. هذه العملية ستلقي مرة اخرى عبء كبير على منظومة الاحتياط، التي معظم الجنود فيها خدموا 100 – 300 يوم منذ بداية الحرب. القصد هو هجوم واسع وطويل في نهايته من شأن الجيش الاسرائيلي أن يدمر كل البنى التحتية العسكرية التي بقيت لحماس وازاحتها ايضا عن السيطرة المدنية في القطاع. 


المعسكر الاكبر لمؤيدي صفقة المخطوفين في اسرائيل، غالبية ساحقة في اوساط الجمهور حسب كل الاستطلاعات، يمر الآن في نفس عملية خيبة الامل المؤلمة التي مر فيها من عارضوا الصفقة قبل بضعة اسابيع. اليأس من الجمود في المفاوضات حول الصفقة خلال سنة واكثر أدى الى تعليق آمال كبيرة على الرئيس ترامب. الرئيس حقق هذه الامال عندما فرض على الطرفين صفقة تبادل جديدة، تم التوقيع عليها بالضبط عشية تسلمه لمنصبه. العملية ادت الى الاحباط وخيبة الامل في معسكر اليمين الاسرائيلي ازاء التفاجؤ من طلب ترامب من رئيس الحكومة نتنياهو وقف الحرب من اجل تنفيذ الصفقة.


أول أمس اعلنت حماس عن تجميد تنفيذ المرحلة الاولى في الاتفاق بذريعة واهية بشأن خروقات اسرائيلية. حماس اضافت أن تنفيذ النبضة القادمة المخطط لها في يوم السبت القادم، وفيها تحرير 3 مخطوفين، سيتم تأجيلها الى اشعار آخر، مشروط بتصحيح اسرائيل للخروقات. اسرائيل ادانت هذه الخطوة بشدة.


بعد بضع ساعات من ذلك صب ترامب الزيت على النار. فقد قال إنه اذا لم تطلق حماس سراح جميع المخطوفين حتى الساعة الثانية عشرة في يوم السبت فانه يجب الغاء وقف اطلاق النار والرد على ذلك سيكون “جحيم”. هو ايضا رفض اسلوب الصفقة الحالية الذي فيه يتمر تحرير المخطوفين على نبضات صغيرة مرة كل اسبوع. وقد قال “لقد حان الوقت لتقرير الموعد، ليس اثنين أو ثلاثة في كل مرة”.


أمس واصل ترامب – هو نوع من قوى الطبيعة غير القابلة للتنبؤ أو الادارة – اطلاق التصريحات في وسائل الاعلام واعلن بأنه سيواصل الدفع قدما بخطة تهجير الفلسطينيين من القطاع، وحتى أنه هدد الاردن ومصر بوقف المساعدات بمليارات الدولارات اذا رفضت استيعاب اللاجئين الفلسطينيين فيها. الرئيس الامريكي يواصل تحدي  طريقة المفاوضات – بعد اشهر طويلة من الجمود في فترة سلفه جو بايدن. مع ذلك، هو يقوم بصياغة اقتراحاته المرتبطة بعملية القتال كاقتراح لاسرائيل وليس كتهديد مباشر بعملية امريكية، بصورة تترك الكرة في ملعب نتنياهو. 


لو أن الامر لم يكن يتعلق بأبناء شعبنا الذين يموتون في الانفاق في القطاع لكان يمكن رؤية في تسلسل الاحداث الاخيرة درس ممتع في العلاقات الدولية. أي طريقة تنفع مع منظمة ارهابية قاتلة ومتلاعبة؟ هل يمكن باستعراض قوة مناسب ابتزاز منهم تغيير في المواقف؟ من غير الغريب أن اليمين العميق في اسرائيل يشعر بالنشوة من تصريحات الرئيس، ومن غير الغريب ايضا أن عائلات المخطوفين التي كان ترامب البطل غير المتوقع لها في الفترة الاخيرة، تملكها الذعر. 


إن التنبؤ بخطوات ترامب لم يعد الآن مهمة للمحللين أو رجال الاستخبارات؛ نفس النجاح المتوقع لمنجم أو قاريء للكف.


الانفعال في اليمين يستند الى الافتراض الضمني بأن نتنياهو والوزير المقرب منه رون ديرمر، وجدا الطريق لقلب ترامب وهما يمكنهما املاء ردوده. خطوات الرئيس الاخيرة، بما في ذلك خطة التهجير المشوشة، تظهر وكأنه تم طبخها بالتشاور مع الحكومة الاسرائيلية. ولكن الحياة ليست فيلم هوليوودي، وترامب في طلبه المحق من حماس بوقف التنكيل بالمخطوفين وعائلاتهم واعادتهم جميعا على الفور، فانه يلعب بدرجة كبيرة بالنار ايضا. 


يصعب التقدير في هذه المرحلة كيف ستتصرف حماس ازاء الاملاء الامريكي الجديد. هل يوجد لها ما تخسره؟ ما الذي ستفعله اسرائيل والولايات المتحدة اذا رفضت؟ لنفترض أن هجوم الجيش الاسرائيلي في القطاع تم استئنافه فهل هذا سيجلب بالضرورة النصر الاسرائيلي؟. في نهاية المطاف، خلافا لوعود نتنياهو، لم يتم تحقيق أي نصر مطلق على حماس في كل اشهر الحرب. فلماذا نفترض أنه سيتم تحقيق مثل هذا النصر الآن – كم هو عدد المخطوفين الاحياء الذين سيقتلون في الطريق الى هناك.


حتى وقت متأخر التقدير المقبول هو أن ما يعني ترامب هو تحقيق نظام اقليمي جديد – انهاء الحرب في غزة، صفقة امريكية كبيرة مع السعودية، التطبيع بين السعودية واسرائيل، وبالطبع جائزة نوبل للسلام. خطواته الاخيرة يمكن أن تدل على أنه توصل الى الاستنتاج بأن حماس هي العقبة المحتملة أمام خططه، وأنه من الافضل أولا أن تقوم اسرائيل بازاحة حماس عن الطريق في القطاع، قبل أن يبدأ في الدفع قدما بتنفيذ حلمه في الشرق الاوسط.


ربما بتهديداته فان الرئيس الامريكي ترامب يقوم باعداد نفسه قبل اعطاء الضوء الاخضر لنتنياهو من اجل الانسحاب من اتفاق المخطوفين، والعمل في البداية على تدمير حماس. تدمير سلطة حماس هو هدف مناسب، لكن يبدو أن الرئيس الامريكي ورئيس الحكومة تذكرا معالجته بشكل متأخر. في الطريق الى هناك يمكن أن يموت عشرات المخطوفين ومعهم عدد غير قليل من جنود الجيش الاسرائيلي والمدنيين في غزة. من غير الواضح الى أي درجة، هذا اذا وجد، هذا الامر يزعج ترامب ونتنياهو.

المنشورات ذات الصلة