كتب رندلى جبور:
مَن يراقب لغة جسد ملك الاردن في حضرة الرئيس الأميركي، يدرك ماذا يعني السلام مع “إسرائيل” والتسليم للأميركي.
البعض في لبنان لا يزال يعتقد أن “السلام” مع العدو، والسير بالخط الأميركي، هما الطريق إلى الازدهار والاستقرار والعيش بأمان وبحبوحة والحفاظ على الكيان. ونسمع من يقول مثلاً: “لشو الحروب.. بدنا نعيش بسلام”، ويحمّل المقاومات كل الخطايا.
ولكن التجارب تؤكد أن السلام مع “إسرائيل” لم يكن يوماً أكثر من استسلام يقود دولنا إلى الذل، والابتزاز، وتنفيذ مشاريع تفيد العدو وتدمّرنا.
ها هي مصر، أول الذاهبين باتجاه توقيع اتفاقية سلام عام 1979، وبعدها، خسرت دورها المحوري في السياسة الاقليمية، وفقدت وزنها العربي على الصعيد الرسمي، ولم تنتعش اقتصادياً، بل إن السواد الأعظم من شعبها لا يعيش بمستوى معيشي لائق، وهي اليوم، تقف بين خيارين أحلاهما مُرّ: إما قَطْع المساعدات الخارجية عنها، وإما القبول بجزء من الفلسطينيين على أرضها، وهي تكاد تنفجر من الكثافة السكانية فيها.
وها هو الأردن، الذي لا كلمة له على أرضه وثرواته وسياسته منذ التوقيع في العام 1994، يشاهد ملكه مطأطأ الرأس أمام دونالد ترامب الذي يأمره بالطاعة أن يقبل المزيد من الفلسطينيين على أرضه، مع ما يعني ذلك من خلل ديمغرافي كبير قد يقود إلى تفوّق عدد الفلسطينيين في المملكة على عدد أهلها الأصليين.
والدول التي راهنت على الولايات المتحدة و”توأم روحها”، ووقفت في صف التطبيع منتظرةً الوقت المناسب للتوقيع العلني، تتعرض للابتزاز.
يريد ترامب مالها أولاً، وجزءاً من أرضها ثانياً، لتكون وطناً بديلاً.
فالسعودية، عدا عن الـ600 مليار التي ستدفعها لأميركا ترامب، مطروحة لتكون أرضاً للفلسطينيين هي أيضاً.
وعلى ضفة السلطة الفلسطينية التي استسلمت ذات أوسلو، فوضى وإذلال وخضوع واضطرابات وحروب ومصير غامض، وعيش من فتات ضرائب العدو – الصديق الذي يقطع عنها المصروف ساعة يشاء.
وسوريا، أين أصبحت حين انفرط عقد قوميتها العربية؟
وحتى الحلفاء والأصدقاء. كندا تحت مساعي الضمّ، وأوروبا تدفع أضعافاً مضاعفة، وأوكرانيا على مقربة من التخلّي الأميركي عنها مع “تربيح جميلة”.
والرؤساء العرب السابقون الذين ركبوا في القطار الأميركي، باتوا في خبر كان، وبذلّ.
والاستنتاج بالتالي واحد أحد: الرهان على الأميركي لا يقود إلا إلى بئس المصير، ووحدها المواجهة هي الطريق.
ونردّد ما قاله تشي غيفارا يوماً: “إذا اخترتَ العار، فستحصل على العار والحرب معاً”…