أكد المصرف المركزي السوري الأنباء المتداولة عن تسلم الإدارة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، أموالاً من الليرة السورية من روسيا، في حين رجّحت مصادر أن يكون مصدر الأموال إيران.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا)، الجمعة، عن المكتب الإعلامي لـ«المركزي» تأكيده وصول أموال من الليرة السورية إلى دمشق مصدرها روسيا عبر مطار دمشق الدولي، لافتاً إلى أن «الأرقام المتداولة حول حجم وكميات هذه الأموال غير دقيقة على الإطلاق». ودعا إلى «الاعتماد على المعلومات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية في المصرف المركزي، وتجنب الانسياق وراء الشائعات والمعلومات غير الموثوقة».
وكانت وسائل إعلام محلية تداولت، الخميس، وثيقة جرى تسريبها من مصدر من داخل «المركزي» تحمل توقيع وخاتم حاكمة مصرف سوريا المركزي بالوكالة ميساء صابرين، موجهة إلى إدارة مطار دمشق الدولي. وتتضمن الوثيقة تعليمات بتسديد بدلات هبوط طائرة شحن تحمل أموالاً قادمة من روسيا إلى دمشق، إلى جانب تسديد الرسوم المترتبة على خدمات الطيران والخدمات الأرضية في المطار.
وتشير الوثيقة إلى أن موعد وصول الشحنة المالية محدد في 14 فبراير (شباط) 2025، مع التأكيد على التنسيق مع الجهات المعنية لتسوية التصفيات المالية اللازمة.
مصدر الأموال ليس روسيا
الخبير الاقتصادي يونس كريم، وهو باحث أول في «منصة اقتصادي»، رجح نقلاً عن مصادره الخاصة داخل البنك المركزي السوري، أن يكون مصدر هذه الأموال إيران وليس روسيا. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك نسبة ضئيلة جداً أن تكون موسكو هي مصدر طباعة هذه الأموال». وأضاف: «المبلغ الذي تم نقله من روسيا هو 300 مليار ليرة سورية فقط، ولا صحة للأنباء المتداولة حول أرقام أكبر بالعملة الصعبة»، مشيراً إلى أن «هذا المبلغ لا يكفي لثلاثة أيام من أجل ضخه في المؤسسات والسوق السورية، ومن أجل دفع الرواتب المتأخرة»؛ إذ إن «سوريا تحتاج من أجل تغطية العجز المالي المترتب عليها لنحو مليار ليرة يومياً في هذه الفترة»، وفق تقديره. وأوضح أن «العملة السورية كانت تُطبع عادة في أوروبا، لكنها توقفت بسبب العقوبات على نظام (الرئيس المخلوع بشار) الأسد. وفي عام 2017 أصبحت في روسيا، لكن روسيا كانت تطالب النظام بدفع أجور الطباعة بشكل مباشر، وبالنقد الأجنبي؛ إذ كانت تكلفة طباعة الـ5000 ليرة نحو 25 سنتاً. وهذا ما دفع نظام الأسد في عام 2024 إلى بدء طباعة الأموال في إيران التي تطلب نحو 8 سنتات لورقة النقدية 5000 ليرة سورية، كما أن طهران لم تكن تلزم النظام في دمشق بالدفع مباشرة».
إلى ماذا تسعى إيران؟ يعتبر كريم أن «إرسال هذه الشحنة من الأموال يقع في خانة حسن النية، ومد جسور للتواصل مع الحكومة السورية الجديدة في دمشق، عبر الوسيط الروسي». ولفت إلى أن «إيران تعرف حجم الضغط المالي الذي تواجهه الحكومة الجديدة لجهة تأخر رواتب الموظفين وعدم وجود عملة في الأسواق»، مرجحاً وجود دفعات مجدولة من الأموال التي تُطبع في إيران كان النظام السابق قد اتفق على تسلمها من إيران خلال عام 2025، وفق قوله. وتابع أن «جميع هذه الأموال ليس لها رصيد»، مؤكداً «عدم وجود تغطية مالية منذ عام 2011 للأموال السورية المطبوعة؛ إذ توقفت التغطية، وهذا اسمه تمويل بالعجز؛ أي إنه تتم الطباعة والضخ في السوق والاعتماد على المساعدات وتجارة المخدرات (في زمن الأسد). لا قيمة فعلية لهذه الأموال المطبوعة، والدليل أنه عند القيام بعملية تبديل العملة في البنك المركزي في عهد النظام السابق أو الآن، يقولون: نبدل حسب المتوفر. وهذا هو التمويل بالعجز».