يديعوت احرونوت - ناحوم برنياع
أيام
مصيرية تمر علينا، مسيحانية. يخيل أن حتى المعجبين بترامب لم يتوقعوا مسبقا كم هي
عظيمة، كم هي مسيحانية. فلاول مرة يتولى في الولايات المتحدة رئيس ليس فقط وديا
لإسرائيل، ليس فقط صهيونيا في نظر نفسه بل كهاني حقيقي. في تصريحاته في نهاية
الأسبوع شجع ترامب حكومة إسرائيل على تبني انذاره، وانزال الجحيم على غزة اذا لم
تحرر حماس كل المخطوفين فورا. نتنياهو لم يعرف ما يفعله بكل هذا الخير – هل يأمر
الجيش ان يدخل مجددا الى قتال نتيجته المؤكدة الوحيدة هي موت المزيد فالمزيد من
المخطوفين، بذنبه، ام ان يظهر ضعيفا وجبانا في نظر رئيس يحتقر الضعفاء. سارع لان
ينشر تصريحا مليئا بالثناء على ترامب، على امل أن يشتري له التملق وقتا.
كل
رئيس امريكي من هاري ترومان حتى جو بايدن سعى بدوره لان يلجم خطى إسرائيل تجاه
الطرف العربي. أحيانا بتهديد صريح مثل آيزنهاور في 1956، أحيانا بخليط من العصي
والجزر، مثل نيكسون في حرب يوم الغفران، مثل بوش الاب في حرب الخليج، مثل بوش
الابن في حرب لبنان الثانية، ومثل سلسلة من الرؤساء الديمقراطيين الذين رأوا بعين
سيئة اتساع المستوطنات وسلوك إسرائيل في المناطق.
وها
هو يقوم رئيس يفكر ويتصرف بشكل مختلف. اذا كانت غزة بمليوني سكانها هي مشكلة فسنوزع
سكانها على دول أخرى. مئة سنة واكثر يستوضح يهود وعرب مسألة الترحيل، يتجادلون في
جوانبها الأخلاقية، القانونية والعملية، ولا يصلون الى الفهم. جاء ترامب وحل
المشكلة بجملة واحدة: الجيش الإسرائيلي يطهر القطاع، الولايات المتحدة تسيطر،
الأردن ومصر يستوعبان، السعوديون يدفعون والريفييرا تبنى. في غضون بضع سنوات ستكون
غزة نيتسا والنصيرات أنتيف.
هكذا
أيضا تحرير المخطوفين؛ هكذا النووي الإيراني: My way or the Highway،
يقول ترامب للعالم كله. أدخلت هذه الجملة الى تطبيق الذكاء الاصطناعي الى محمولي
وطلبت ان يعود الي مع خطاب ترامب. وترجمت خلاصة الجواب على النحو التالي: “هكذا
نحن نقوم بالامور: كفى للضعف، كفى للتأجيل – فقط نصر لم يسبق ان كان له مثيل. اذا
كنتم تصرون على طريقكم، فانتم تعرفون الى أين ستصلون في النهاية. أمريكا أولا!.
ثمة
سحر ما في ممارسة ترامب للقوة: العالم مليء بمشاكل معقدة لا ينجح احد في حلها. جاء
ترامب، ومثل الكسندر المقدوني في قصة مؤامرة الصمـت يمتشق سكينا ويقطع. صحيح، يقول
بعض من مؤيديه، تهديداته لا تنسجم وقواعد الحكم السليم والتقاليد الدبلوماسية.
لكنها تخلق جدلية إيجابية: بداية صدمة بل وحتى فزع، بعد ذلك معارضة وفي النهاية حل.
لعبته
خطيرة، يحذر معارضوه. يقوض القيم الأساس للديمقراطية الامر الاستقرار في العالم:
هو يلعب بالنار. اخشى أن يكونوا محقين.
الترامبي
الأكثر حماسة في حكومة إسرائيل هو بتسلئيل سموتريتش. في نهاية الأسبوع روى بان
طواقم مشتركة من حكومة إسرائيل وإدارة ترامب تعمل على تنفيذ خطة الترحيل للعرب في
غزة. التنفيذ سيبدأ ببطء ويتواصل بكل القوة.
رؤيا
سموتريتش نعرفها: حرب مع العالم العربي والإسلامي، فيها بمعونة الرب وباسناد
أمريكا، تبيد إسرائيل كل اعدائها وتحظى بمجيء المسيح وإقامة مملكته. رؤيا ترامب
متبلورة اقل. هو يستمد إلهامه من معارك قديمة لرعاة البقر ضد الهنود الحمر. البيض
محقون ومنتصرون؛ الحمر اشرار ومهزومون. في النهاية يتوطن المتبقين في محميات ويسمح
لهم بنيل الرزق من الكازينوهات. لكن القرن الـ 21 ليس القرن الـ 19، الفلسطينيون
ليسوا هنودا حمر والشرق الأوسط ليس الغرب القديم – هو قنبلة نووية موقوتة. بدلا من
مساعدة نتنياهو على الاستقرار على ارض الواقع، ترامب يدفعه الى الحد الأقصى. هذا
يحصل أيضا في الانقلاب النظامي: نتنياهو عاد من أمريكا بقرار لان يطبق هنا كل ما
يمليه ترامب هناك. هذا هو الميل: من دولة قوية، عزيزة، أصبحنا ترامبولينا.
ترامب
يمكنه ان يغير رأيه: ان يفرض فجأة على نتنياهو ان يوافق على المرحلة الثانية في
اتفاق المخطوفين ويمنعه من استئناف القتال؛ التوقيع على اتفاق نووي مع ايران يكون
مناقضا لمصالح إسرائيل. بالنسبة له الشرق الأوسط هو حقل تجارب؛ بالنسبة لنا هو
حياة وموت: هذا كل الفرق.