عاجل:

البيان الوزاري للمرة الأولى: الدولة ولا "مقاومة"… معركة ديبلوماسية لإجلاء إسرائيل عن النقاط الخمس (النهار)

  • ٣٥

كما كان متوقعاً، سيواجه لبنان من اليوم تداعيات التمديد القسري الثاني والطويل وغير المحدد بمهلة زمنية للجيش الإسرائيلي في احتلاله لخمس تلال استراتيجية عند الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل. وإذا كان العهد والحكومة شرعا قبل 18 شباط في حملة تعبئة ديبلوماسية واسعة لدعم موقف لبنان الرافض لبقاء الجيش الإسرائيلي رفضاً تاماً في أي شبر من الأراضي اللبنانية خصوصاً مع إثبات استعدادات الجيش اللبناني لاستكمال انتشاره على كامل جنوب الليطاني وتنفيذ  كل موجبات والتزامات الدولة اللبنانية في اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن عشية موعد 18 شباط أنه "يستعد للبقاء لفترة طويلة في النقاط الخمس في لبنان"، وقال "إن تمديد مهلة الانسحاب من لبنان يتماشى مع اتفاق الهدنة"، واضاف "أن أعداداً صغيرة من قواتنا ستبقى في 5 مواقع استراتيجية في جنوب لبنان بعد 18 شباط وستكون لدينا قاعدة عسكرية في لبنان مقابل كل بلدة إسرائيلية". وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه سيسمح للبنانيين اليوم بالوصول إلى القرى التي غادروها وهي كفركلا والعديسة والحولة وميس الجبل.

واللافت أن إسرائيل مضت في عمليات الاغتيال داخل الأراضي اللبنانية فاغتالت عبر مسيرة في غارة على صيدا أمس المسؤول العسكري في حركة "حماس" محمد شاهين . كما شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات مساء على منطقة مرتفعات جبل الريحان وضواحي طيرحرفا.

البيان الوزاري

وتزامن حلول نهاية المهلة الثانية المحددة للانسحاب الإسرائيلي مع إقرار مجلس الوزراء في جلسة طالت أكثر من أربع ساعات أمس البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام بعد أسبوع واحد تماما على بدء اللجنة الوزارية لصياغة البيان مناقشاتها لمسودته. وتميّز البيان الذي ستمثل الحكومة أمام مجلس النواب لنيل الثقة على أساسه بالتركيز على الجانب الإصلاحي من سياسات الحكومة، فيما كان الشق الأمني والسيادي كما ورد فيه الأكثر استقطاباً للاهتمامات في ظل حصره المهمات الدفاعية والسيادية وموضوع السلاح بالدولة والدستور والتزامات لبنان حيال القرارات الدولية من دون أي ذكر لـ"المقاومة" الذي أسقط من البيان للمرة الأولى منذ عقدين ونصف العقد. وجاء في البيان لهذه الجهة: "إن أول الأهداف التي تضعها الحكومة أمام أعينها وأرقى المهام التي ستنكب على إنجازها، هو إصلاح الدولة وتحصين سيادتها، وهي مهمة ترقى في عدد من القطاعات إلى إعادة بنائها من جديد". وأكد أن "الدولة التي نريد هي التي تتحمّل بالكامل مسؤولية أمن البلاد، والدفاع عن حدودها وثغورها، دولة تردع المعتدي، تحمي مواطنيها وتحصن الاستقلال وتعبئ الأسرة العربية وعموم الدول لحماية لبنان، لذلك تشدّد الحكومة على التزامها بتعهداتها، لا سيما لجهة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 كاملاً، من دون اجتزاء ولا انتقاء. وتُعيد تأكيد ما جاء في القرار نفسه، وفي القرارات ذات الصلة، عن سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً، حسب ما ورد في اتفاق الهدنة بين إسرائيل ولبنان في 23 آذار 1949. كما تؤكد التزامها بالترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية كما وافقت عليه الحكومة السابقة بتاريخ 27 تشرين الثاني 2024". وشدّد على "التزام الحكومة، وفقاً لوثيقة الوفاق الوطني المُقرّة في الطائف، باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على أراضيها، بقواها الذاتيّة، ونشر الجيش اللبناني في مناطق الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً. وتؤكد حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء، وذلك وفق ميثاق الأمم المتحدة. وتدعو إلى تنفيذ ما ورد في خطاب القسم لرئيس الجمهورية حول حق الدولة في احتكار حمل السلاح. كما تدعو إلى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على المستويات الديبلوماسية والاقتصادية والعسكرية". وأضاف "أننا نريد دولة تملك قرار الحرب والسلم. نريد دولة جيشها صاحب عقيدة قتالية دفاعية يحمي الشعب ويخوض أي حرب وفقاً لأحكام الدستور"، وأشار إلى "أننا نريد دولة وفيّة للدستور ووثيقة الوفاق الوطني التي اعتمدناها في الطائف. ويقتضي هذا الوفاء الشروع في تطبيق ما بقي فى هذه الوثيقة دون تنفيذ. ويقتضي أيضاً تصويب التطبيقات المخطئة التي شابتها عبر السنين". وقال في ختامه: "اختلف اللبنانيون في مسائل شتّى، منها ما هو مهم، ومنها ما هو أقل أهمية. ولكن الأوان قد آن لنعي جميعاً أن لا خلاص لنا خارج حضن دولتنا، ولا قدرة لدولتنا على احتضان أبنائها إن رضينا بتسيّبها، أو قبلنا بتهميشها أو تعامينا عن تقصيرها. وإن كان لا مستقبل لبلدنا إن بقي المجتمع مهدداً بالخصام المتكرر، فلا مستقبل له أيضاً إن لم تكن دولته قادرة فاعلة، متعالية على النزاعات الفئوية. ولا سبيل لجعل الخارج يحترم دولتنا ويحسب لها حساباً إن لم نلتف جميعاً في كنفها، وإن لم ننضو في خدمتها وإن لم نباشر بإصلاحها".

(النص الكامل لمسودة البيان الوزاري على موقع "النهار" الالكتروني).

ولخص وزير الاعلام بول مرقص بعد الجلسة أبرز مضامين البيان الوزاري لا سيما لجهة التزام الحكومة تحرير كل الاراضي اللبنانية وواجب احتكار الدولة لحمل السلاح وبسط سيادتها والتزام القرار 1701 كاملاً وتحييد لبنان عن صراعات المحاور وعدم استخدام لبنان منصة لاطلاق تصريحات ضد دول شقيقة.

وبازاء إبقاء إسرائيل تمركز قواتها في النقاط الخمس الحدودية، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون "أن الاتفاق الذي وقع في 27 تشرين الثاني 2024 يجب أن يحترم"، معتبراً "أن العدو الإسرائيلي لا يؤتمن له ونحن متخوفون من عدم تحقيق الانسحاب الكامل غداً (اليوم) وسيكون الردّ اللبناني من خلال موقف وطني موحّد وجامع". وقال: "إن الجيش جاهز للتمركز في القرى والبلدات التي سينسحب منها الإسرائيليون وهو مسؤول عن حماية الحدود وجاهز لهذه المهمة وإذا قصّر فحاسبونا"، كاشفاً أننا "نعمل ديبلوماسياً لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي الكامل، ولن أقبل بأن يبقى إسرائيلي واحد على الأراضي اللبنانية". واعتبر "أن المهم هو تحقيق الانسحاب الإسرائيلي وسلاح "حزب الله" يأتي ضمن حلول يتفق عليها اللبنانيون".

"الخماسية"

وشكل موضوع الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب المحور الأساسي لزيارتي سفراء المجموعة الخماسية المعنية بلبنان، الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، للرئيسين عون وسلام أمس، مؤكدين وقوف بلدانهم الى جانب لبنان واستمرارهم في العمل لمساعدته في مواجهة الاستحقاقات المنتظرة ودعم الجيش اللبناني. وأوضح السفير المصري علاء موسى باسم السفراء الخمسة، "استمرار دعم اللجنة الخماسية للمرحلة الجديدة التي يمر بها لبنان ولما هو آتٍ من استحقاقات وتحديات تمر بها الدولة اللبنانية، وفرصة للتأكيد أن موقف الخماسية ثابت والتزامها كامل بالوقوف إلى جانب لبنان في كل ما يمر به من أمور في الفترة المقبلة". وأضاف "أن جزءاً كبيراً من اللقاءين تناول الاستحقاق القادم الخاص بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية. وكان هناك التزاماً من جانب الدول الخمس أننا مستمرون في الدفع باتجاه إتمام الانسحاب الإسرائيلي الكامل وفقا لاتفاق وقف الأعمال العدائية". وقال: "نؤكد وجود أمرين مرفوضين تماما: الأول، الاعتداءات المتواصلة على لبنان، وهذه الاعتداءات هي اعتداء على سيادة لبنان وترفع  أيضاً تكلفة إعادة الإعمار، أما الأمر الثاني المرفوض، فهو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، وبالتالي هناك التزام من الخماسية وأصدقاء لبنان العمل على انهاء هذا الاحتلال في أسرع وقت".

وفي سياق متابعة تداعيات الأحداث التي حصلت على طريق المطار ترأس الرئيس عون، قبل جلسة مجلس الوزراء اجتماعاً ضم رئيس الحكومة نواف سلام، ووزراء الدفاع الوطني ميشال منسى والخارجية والمغتربين يوسف رجي، والداخلية والبلديات أحمد الحجار، والأشغال العامة والنقل فايز رسامني ورئيس جهاز أمن المطار العميد الركن فادي كفوري. وصدر بيان بعد الاجتماع أفاد أن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء "أثنيا على عمل الأجهزة العسكرية والأمنية للمحافظة على الأمن المحيط بالمطار وإبقاء الطريق المؤدية إليه سالكة"، واعلن "إعطاء التوجيهات اللازمة والصارمة للأجهزة العسكرية والأمنية بعدم التهاون أو السماح بإقفال طريق المطار والمحافظة على الأملاك العامة وتكليف وزير الخارجية والمغتربين متابعة الاتصالات الديبلوماسية لمعالجة مسألة الرحلات الجوية بين طهران وبيروت وتأمين عودة المسافرين اللبنانيين الذين ما زالوا في إيران، والتأكيد على التدابير والإجراءات المتّبعة في تفتيش الطائرات كافة وتكليف جهاز أمن المطار متابعة الالتزام بالتوجيهات اللازمة، وتكليف وزير الاشغال العامة والنقل تمديد مهلة تعليق الرحلات من وإلى إيران".


المنشورات ذات الصلة