قبل ساعات من انتهاء المهلة الممدة لانسحاب إسرائيل من كل المناطق اللبنانية التي سيطرت عليها خلال الحرب الأخيرة مع حزب الله، وفق اتفاق وقف إطلاق النار، عبّر رئيس الجمهوريّة اللبناني، جوزيف عون، عن تخوّفه من عدم التزام إسرائيل بالانسحاب الكامل، وسط تأكيدات إعلامية إسرائيلية بأن القوات الإسرائيلية ستبقى في 5 خمس نقاط استراتيجية لبنانية يمكنها من خلالها الإشراف على أي تحركات ميدانية في منطقة جنوب نهر الليطاني، التي ينص اتفاق وقف النار على إزالة مواقع وسلاح حزب الله منها.
وخلال لقائه وفداً من نقابة المحررين، أمس، قال عون، إنّ «العدوّ الإسرائيلي لا يُؤتَمَن له، ونحنُ متخوّفون من عدم تحقيق الانسحاب الكامل غداً، وسيكون الردّ اللبناني من خلال موقف وطنيّ موحّد وجامع»، معتبراً أن «خيار الحرب لا يُفيد، وسنعمل بالطرق الدبلوماسية، لأن لبنان لم يَعُد يحتمل حرباً جديدة، والجيش جاهز للتمركز في القرى والبلدات التي سينسحب منها الإسرائيليون».
وكان الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، ألمح أمس الأول إلى إمكانية تحركات عسكرية للحزب بعد انتهاء المهلة، فيما سرّب مقربون من الحزب أخبارا عن استعداد الحزب للتحرك بعد تشييع أمنيه العام حسن نصرالله الذي قتلته إسرائيل قبل أشهر.
وشدّد عون على أن «المهم هو تحقيق الانسحاب الإسرائيلي، أما سلاح حزب الله فيأتي ضمن حلول يتفق عليها اللبنانيون». ورأى أنه «لا خوف من فتنة طائفية في لبنان، ولا من انقسام في صفوف الجيش، فشهداء الجيش الذين سقطوا خلال العدوان الإسرائيلي ينتمون إلى كل الطوائف ومن كل مناطقِ لبنان. ومهمة الجيش مقدسة، فاطمئنوا لذلك»، مؤكدا أنه سيعمل مع الحكومة على «إيجاد حلول وفق ما ورد في خطاب القَسَم، لنضع البلاد على السّكة الصحيحة».
وأفادت صحيفة يسرائيل هيوم، أمس نقلا عن مسؤول سياسي، بأن «الجيش الإسرائيلي سيبقى في 5 نقاط داخل لبنان». وكانت وكالة بلومبرغ قد نقلت عن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، قوله إن إسرائيل ستبقى في هذه المواقع «حتى ينفذ لبنان التزاماته بموجب المعاهدة»، زاعماً أن التزامات لبنان، كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار لا تشمل فقط إبعاد «حزب الله» عن الحدود الشمالية لإسرائيل، بل تشمل أيضا «نزع سلاح الميليشيا المدعومة من إيران ومنعها من إعادة بناء قوتها».
وفيما واصلت تل أبيب تدمير منازل وانتهاك الاتفاق في قرى حدودية لبنانية، نفذت مسيرة إسرائيلية، أمس، غارة على مدينة صيدا قتل فيها قائد عمليات «حماس» في لبنان محمد شاهين.
إلى ذلك، أشار الرئيس اللبناني إلى أن «إعادة الإعمار مشروطة بالإصلاحات، ولا مجال لأيّ مساعدة خارجيّة دون إصلاح. ستشمل عملية الإعمار كل المناطق التي دُمّرت، ونحن نُرحب بأي مساعدة لإزالة آثار الحرب».
ونقلت قناة الحدث أمس عن وزارة الخارجية الأميركية قولها إنه تم «إيقاف جميع المساعدات الأميركية للبنان بهدف مراجعتها، لضمان توافقها مع سياسة واشنطن»، مشيرةً إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد أن «واشنطن لن توزّع الأموال دون عائد للشعب الأميركي». ونقلت القناة عن مصدر أميركي قوله إنه «لا مساعدات للجيش اللبناني وبقية المؤسسات بناءً على وعود، وان ترامب يشترط تقديم الإنجازات أولًا».
وكانت إدارة ترامب أعلنت وقف جميع المساعدات الخارجية، بما في ذلك مساعدات «يو إس ايد» لكل الدول وليس فقط لبنان لمدة 90 يوماً، لمراجعة إذا كانت تتلاءم مع سياسات ترامب.
في سياق متصل، أكد سفير مصر، علاء موسى، بعد لقاء سفراء اللجنة الخماسية (السعودية والولايات المتحدة وفرنسا وقطر ومصر) مع عون «استمرار دعم المرحلة الجديدة التي يمرّ بها لبنان، والتزام كامل للوقوف الى جانب الدولة اللبنانية».
وأشار إلى أننا «استمعنا من رئيس الجمهورية إلى تقديره لبعض الأحداث الأمنية في الأيام الأخيرة، والدولة اللبنانيّة عازمة على بسط سلطتها، والجميع خاضع للقانون. ما حدث من اعتداء على «يونيفيل» غير مقبول، ويجب محاسبة المسؤولين عنه». وكان مناصرون لحزب الله اعتدوا على قافلة للقوات الدولية قرب مطار بيروت الددولي خلال احتجاجهم على منع الطيران الإيراني من الهبوط في مطار بيروت بعد تهديدات أميركية وإسرائيلية.
وأكد موسى «التزام الخماسية بملف إعادة الإعمار، على أن يتم بالكامل تحت إشراف الدولة اللبنانية».
ومع توقعات بإعلان بيروت موقفها اليوم من عودة الطيران الإيراني الى مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة اللبنانية، أشار المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إلى أن المحادثات مستمرة بين البلدين لـ «الوصول إلى حل منطقي ومقبول للجانبين».
بيان وزاري «محرر» من «المقاومة»
أنجزت الحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام بيانها الوزاري الذي يمكن وصفه بأنه البيان الأكثر تقدماً منذ سنوات طويلة، لا سيما لجهة الالتزام بخطة شاملة للإصلاح الاقتصادي، والعمل على حصر السلاح بيد الدولة، ويستبدل مفهوم عمل المقاومة بتعزيز مفهوم الدولة وحفظ سيادتها، بجيث تتحمل هذه الدولة وحدها مسؤولية الدفاع عن سيادة البلد وأمنه وصيانة حدوده، و«تردع المعتدي» و«تحصن الاستقلال» وتلتزم هي نفسها تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 بحذافيره «من دون اجتزاء ولا انتقاء»، لتعيد التأكيد على ما ورد فيه كما في بقية القرارات ذات الصلة لجهة استقلال لبنان وصيانة حدوده المعترف فيها دولياً، حسب ما ورد في اتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان وإسرائيل عام 1949.
كما تلتزم الحكومة بوثيقة الوفاق الوطني المقرة في الطائف، فيما يتعلق باتخاذ الاجراءات كافة لتحرير كل الأراضي المحتلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وبسط الجيش في المناطق اللبنانية على الحدود المعترف بها دولياً، وتؤكد حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء.
ويتبنى البيان ما ورد في خطاب قسم رئيس الجمهورية جوزيف عون لناحية «حق الدولة في احتكار حمل السلاح».
والبارز في البيان دعوته إلى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية. الجديد في البيان مطالبته بحصرية الدولة بقرار السلم والحرب وامتلاك الجيش عقيدة قتالية دفاعية تحمي الشعب وأن تمكنه من القيام بدوره من خلال تزويده بالعديد والعدة اللازمين بما يمكنه من القيام بدوره جنوباً وشرقاً وشمالاً وبحراً، ومنع التهريب ومكافحة الإرهاب.