عاجل:

خمسة مواقع صفر دروس: 18 عاماً في لبنان لم نتعلم منها شيئاً (معاريف)

  • ٣٦
كتب آفي أشكينازي في صحيفة "معاريف":

إسرائيل ليس لديها استراتيجيا. وهي تتحرك مثل محطة إطفاء للحرائق. الجيش والقيادة السياسية مشغولان بإطفاء الحرائق، وليس في بناء خطوات بعيدة المدى، تستند إلى نظرة واسعة النطاق، والردع، فضلاً عن تغيير الواقع الإقليمي، في ضوء النجاحات العسكرية. هذا ما يجري في الشمال، وفي غزة، وأيضاً ما يجري في الدائرة الثالثة.

قبل أكثر من خمسين عاماً، وبعد صدمة حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973]، بنت إسرائيل لنفسها قوة عسكرية هائلة مؤلفة من فرق عسكرية وفيالق وسلاح جو هائل ومنظومات قتالية تضاهي قوة دولة عظمى. لكن بعد سنوات، اتضح لنا جميعاً أن إسرائيل، في الحقيقة، ليست بحاجة إلى جيش نظامي بهذا الحجم الكبير.

لقد كان الجيش يتطلب ميزانيات كبيرة شكلت عبئاً على موارد الدولة، وتسببت بأزمة اقتصادية في الثمانينيات من القرن الماضي، والذي وصفه الاقتصاديون، لاحقاً، بـ"العقد الضائع في الاقتصاد الإسرائيلي".
دخل الجيش الإسرائيلي إلى لبنان في سنة 1982، من أجل إبعاد "المخربين" الفلسطينيين التابعين لحركة "فتح"، الذين حولوا لبنان إلى موقع متقدم لهم. ونجح الجيش الإسرائيلي في إبعاد "فتح" عن لبنان. وحصل على صورة انتصار عندما صعد ياسر عرفات، ومعه آلاف "المخربين"، إلى السفن التي قامت بترحيلهم من ميناء بيروت.

إلّا إن الجيش علِق هناك طوال 18 عاماً. لقد أقام منطقتين أمنيتين في لبنان، لكن سرعان ما اتضح أن "المنطقة الأمنية" التي كان الغرض منها الدفاع عن المستوطنات في الشمال، تحولت إلى فخ للجنود الذين خدموا في هذه المواقع. وربما نسينا كارثة السفاري [الهجوم الانتحاري الذي وقع في سنة 1985، بالقرب من مركبة عسكرية للجيش الإسرائيلي في بلدة مرجعيون، وأدى إلى مقتل 12 جندياً]، وكارثة السلوقي [حريق نشب بسبب حادثة عملانية في وادي السلوقي، وأدى إلى مقتل 5 جنود من لواء غولاني]، وكارثة "الشييطت" [معركة وقعت في سنة 1997 بين الفرقة البحرية "شييطت 13" ومقاتلي حزب الله، والتي قُتل خلالها 11 جندياً إسرائيلياً وطبيب من قوة الإنقاذ]، وكارثة المروحيتين [اصطدام مروحيتين عسكريتين فوق سهل الحولة، أسفر عن مقتل 73 جندياً].

طوال 18 عاماً، سفكت إسرائيل دمها في بلاد الأرز "الملعونة" من دون هدف حقيقي. فكانت الكاتيوشا والصواريخ تطير من فوق رؤوس جنودنا في المواقع، وشهدنا عدة عمليات تسلُّل "للمخربين" إلى الأراضي الإسرائيلية. من "ليلة الطائرات الشراعية" [التي وقعت في سنة 1987] والهجوم البحري على نيتسانيم، وغيرها.
الآن، نحن نكرر الأخطاء عينها. وفي ظل إخفاق 7 أكتوبر، يحاول الجيش استعادة ثقة الجمهور به، وخلق الأمان والشعور بالأمن لدى هذا الجمهور.

أولاً، حسناً فعل الجيش الإسرائيلي عندما زاد قواته في الشمال ثلاثة أضعاف. 3 فرق مع آلاف الجنود وقوة نار كبيرة، من البحر إلى النهر. وحسناً فعل الجيش الإسرائيلي عندما وضع معادلة قتالية، حدد فيها أنه سيتحرك في كل أنحاء لبنان وسورية ضد أيّ محاولة من حزب الله وإيران لترميم القدرات العسكرية للحزب.

مهاجمة ناشطين ومخازن سلاح في لبنان هي السبيل إلى إظهار قوة الردع الإسرائيلية في لبنان، وفي المنطقة، لكن إقامة مواقع عسكرية من جديد، سبق أن انسحب منها الجيش الإسرائيلي قبل 25 عاماً، هي خطأ سنندم عليه طويلاً. ليس هناك أيّ منطق في الاحتفاظ بمواقع كركم وشيكد وتسبعوني، وغيرها.

لقد خضع الجيش الإسرائيلي لزعماء المستوطنات في الشمال. هو قادر على ضمان الأمن مع 3 فرق على الخط الحدودي. وهو يعلم كيف يخلق ردعاً قوياً يفرضه على لبنان. وفي إمكان الجيش توفير الشعور بالأمن لسكان الشمال، وهذا لا يتحقق من خلال إقامة مواقع عسكرية في الوحل، بل يتحقق عند وقت الاختبار، في 7 أكتوبر، على سبيل المثال.
المنشورات ذات الصلة