شيء واحد يمكنني قوله. أنا شاهدت شهية قليلة جدا في مجلس الشيوخ لسيطرة أمريكية على غزة بأي شكل من الاشكال”، قال السناتور الأمريكي ليندزي غراهام، وهو أحد الأشخاص المقربين والمؤثرين جدا في الرئيس دونالد ترامب. هذا لن يكون بمثابة تخمين مبالغ فيه جدا اذا تم الافتراض أنه بدون سيطرة أمريكا لن تكون ريفييرا في غزة، ولن يتم إقامة ملاعب غولف في حي الشجاعية، وأن مستقبل الفيلات مع برك السباحة في ضواحي رفح يلفه الضباب.
أيضا بالون الترانسفير يفقد الهواء بسرعة. “أنا سأعمل مع إسرائيل على إيجاد دول تكون مستعدة لاستضافة الفلسطينيين اذا اختاروا المغادرة. ولكن نحن لا نتحدث عن الطرد بالقوة من قبل إسرائيل أو من قبل أي جهة أخرى”، هكذا بدد ليندزي بلباقة عنان هذه الهراءات. للأسف، الآن نحن عالقون مع “إدارة التهجير الطوعي”، التي أنشئت من قبل كيان مجرد سخيف يسمى وزير الدفاع.
في حين أن فصل الهذيان الذي تناول حل قضية غزة آخذ في التلاشي، على الصعيد العملي يتبين أن الولايات المتحدة تدفع باتجاه استكمال الجزء الأول في اتفاق تحرير المخطوفين، معدات هندسية وكرفانات سمح بادخالها الى قطاع غزة، وربما سنرى تحرير المزيد من المخطوفين في هذا الأسبوع، مبعوث ترامب ستيف ويتكوف أكد ما قام نتنياهو بنفيه وهو أن مفاوضات المرحلة الثانية بدأت، وهو يدفع نحو تنفيذها بالكامل. المعنى هو أن جميع المخطوفين سيتم اطلاق سراحهم، وإسرائيل يجب عليها الانسحاب من القطاع ووقف الحرب. “لن نترك أي أحد خلفنا”، وعد ويتكوف. ولسبب ما القلب يميل الى تصديقه أكثر من تصديق نفس الكلام بالضبط عندما يخرج على لسان نتنياهو.
ويتكوف، الذكي والواقعي والذي في السابق اثبت جدارته، يعترف بتعقيد هذه المرحلة. هو لا يتحدث عن ترانسفير للسكان، بل ابعاد حماس عن القطاع، أو على الأقل منع تدخلها في نظام الحكم الذي سيقوم في غزة. “تربيع الدائرة”، هكذا يسمى اللغز الهندسي الذي يشغله. أي اقامة في غزة سلطة ليست أمريكية أو حمساوية، وبدون مواصلة الحرب التي يمكن أن تؤدي الى موت المخطوفين.
تلميح لحل هذا اللغز ربما يوجد في اقوال غراهام. “لا أحد يتوقع من إسرائيل السماح لحماس بالسيطرة، ولا أحد يصدق أن السلطة الفلسطينية ستكون الحل بصورتها الحالية”. “صورتها الحالية” هي عبارة رئيسية لأن صورتها موضوع مرن يعمل على تشكيله الامريكيون مع نظرائهم في مصر، السعودية، قطر، الأردن والسلطة الفلسطينية، على أساس الاقتراح الحالي الذي يستند الى شراكة ناجعة للسلطة في إدارة غزة.
لا توجد أي جهة فلسطينية أخرى يمكنها الاستجابة للخطة العربية، ويوصى بعدم الاستناد بشكل كبير الى افتراض أن الولايات المتحدة سترفض أي خطة غير مقبولة على إسرائيل، اذا كانت هذه الخطة تلبي رغبة الرئيس. على كفة الميزان يوجد استثمارات سعودية بمبلغ 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، خلف دفاع امريكي – سعودي، الدفع قدما بالمفاوضات مع ايران، بتدخل من السعودية، التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وبالطبع تحرير جميع المخطوفين. إزاء كل ذلك فان هامش حرية تقرير إسرائيل آخذ في التقلص، لأن ترامب وشركاءه العرب يتحملون مسؤولية قيادة خطة “اليوم التالي.
بالتوقيع على صفقة المخطوفين فان إسرائيل وافقت على مبدأ الانسحاب من غزة، ووقف الحرب، واطلاق سراح حوالي 2000 سجين فلسطيني. وقد تعهدت أيضا بمناقشة إعادة اعمار غزة في المرحلة الثالثة. الاتفاق لا يستبعد تطلعها لتصفية حماس، لكن في حين أنه يوجد للحروب ضد الإرهاب “اشكال كثيرة” مثل الشكل الذي تديره إسرائيل في الضفة أو الشكل الموجود في لبنان، الذي انتهى باتفاق لا يطالب بتصفية حزب الله، فانه سيكون للمخطوفين فقط “شكل واحد” اذا قررت الحكومة التسلي بفكرة الترانسفير أو التمسك بخطة الحرب الخالدة: العيش بألم حتى يموتوا.