كتب ناجي شربل وأحمد عز الدين:
برزت المواقف المتكررة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، لجهة «استعادة الدولة مسؤولية ضبط الأمن والحدود بعدما استعادت قرارها وهو قرار اللبنانيين وليس غيرهم» وتأكيده في غير مناسبة «على إعادة بناء جسر الثقة بين اللبنانيين»، رافضا ان يستقوي أحد بالخارج. وتشديده على «عدم وجود حصار على الطائفة الشيعية كما يروج البعض».
مواقف رئيس الجمهورية المتكررة، تأتي ردا على ما يروجه البعض من اشتراط نزع سلاح «حزب الله» شمال الليطاني، تمهيدا لمبادرة الدول الأجنبية وغيرها إلى مساعدة لبنان في عملية إعادة الإعمار. مواقف تريح الشارع وتعطي زخما للحكومة لمباشرة عملها بعد نيلها ثقة المجلس النيابي الأسبوع المقبل.
رئيس الجمهورية قال أمس أمام وفد السفراء العرب ان «ما يحصل في المنطقة لا تقتصر تداعياته على الشعب الفلسطيني فقط، بل تطول الدول العربية كلها، ومن بينها لبنان. ولا يمكن مواجهة التحديات الراهنة إلا من خلال موقف عربي موحد».
وأمل في «دعم الدول العربية كي يعود لبنان شرفة العرب»، مجددا التأكيد على أن «لبنان لن يكون منصة للهجوم على الدول، ولا سيما الدول العربية الشقيقة».
إلى ذلك، أبلغ رئيس الجمهورية مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز ضرورة «إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في النقاط المتبقية واستكمال تنفيذ اتفاق 27 نوفمبر 2024 لضمان تعزيز الاستقرار في الجنوب وتطبيق القرار 1701».
وشدد في اتصال هاتفي تلقاه من المسؤول الأميركي، على «ضرورة الإسراع في إعادة الأسرى اللبنانيين المعتقلين في إسرائيل».
بدوره، أكد والتز للرئيس عون «متابعة الإدارة الأميركية للتطورات في الجنوب، بعد الانسحاب الجزئي للقوات الإسرائيلية واستمرار احتلالها عددا من النقاط الحدودية»، مشيـدا بـ «الدور الذي لعبه الجيش اللبناني في الانتشار في المواقع التي أخلاها الإسرائيليون»، مؤكدا «أن الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة تجاه لبنان بالعمل على تثبيت وقف إطلاق النار وحل المسائل العالقة ديبلوماسيا».
وكانت طويت صفحة الاحتلال للقرى والبلدات الجنوبية، وبقيت المواقع الخمسة المحتلة عالقة، وستبقى محور البحث والاتصالات خلال الفترة المقبلة، وسط إصرار لبناني على اعتبار ان التحرير لم يكتمل قبل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الأنباء»: «في حين لجأ الجانب اللبناني إلى الخيار الديبلوماسي، فإنه يتمسك بحقه في السعي إلى إنهاء الاحتلال، سواء من خلال التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، أو عبر الاتصالات مع الدول القادرة على ممارسة الضغوط على إسرائيل لتحقيق الانسحاب.
وهذا ما أكد عليه اللقاء الرئاسي اللبناني الذي عقد في القصر الجمهوري مواكبة لمسار الانسحاب وانتشار الجيش اللبناني في القرى الحدودية، والذي كان موضع تقدير دولي، سواء لجهة سرعة الانتشار والسيطرة على الأرض، أو لجهة تأمين دخول المدنيين إلى قراهم لتفقد المنازل التي تحولت إلى أكوام من الركام، وغابت معالم هذه البلدات كليا».
وأضافت المصادر: «يتمسك لبنان بحقه في اعتماد كل الوسائل لفرض انسحاب العدو، ويؤكد في الوقت عينه ان استمرار الاحتلال ستكون له نتائج سلبية على اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701. وتاليا فإن الحكومة اللبنانية لن تكون قادرة على تنفيذ مندرجات هذا القرار في ظل استمرار وجود الاحتلال على الاراضي اللبنانية، وخصوصا لجهة موضوع سيادة الدولة وحصر السلاح بيد السلطة الشرعية».
وأكدت مصادر مراقبة «انه لا قيمة عسكرية أو أمنية لاستمرار احتلال إسرائيل لهذه المواقع بحجة المراقبة مع وجود المسيرات والأقمار الاصطناعية».
ورأت انها «محاولة من حكومة بنيامين نتنياهو لدفع المستوطنين إلى العودة إلى المستوطنات الشمالية الحدودية، والتي وفقا لتقارير وسائل إعلام إسرائيلية لا تتعلق بمحاذير أمنية، بقدر ما يرتبط بعضها بدوافع سياسية، وأخرى تخضع للمساومة وتحقيق مكتسبات حصل عليها النازحون من الشمال منذ اندلاع حرب الإسناد في الثامن من أكتوبر 2023».
على صعيد آخر، ومع اكتمال الانسحاب من البلدات الحدودية، يطل موضوع الإعمار ومطلب العودة إلى هذه البلدات بقوة، في وقت تم ربط اية مساعدات في مجال الإعمار بتنفيذ بنود القرار 1701، وفي مقدمها موضوع السلاح خارج إطار اجهزة الدولة الرسمية.
وقد حصرت المساعدات الخارجية في أقنية ضيقة للغاية، تتعلق بالمتطلبات الضرورية للجيش والأجهزة الأمنية، مع عدم إعطاء الضوء الأخضر لتحريك الأموال، في انتظار ما ستقدم عليه الحكومة من خطوات إصلاحية.
وهي، أي الحكومة، ستتقدم من المجلس النيابي الأسبوع المقبل للحصول على ثقه يتوقع ان تكون عالية وتتجاوز تأييد مئة نائب، كتعبير عن الثقة بالتعهدات التي أطلقتها.
في المواقف، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» د. سمير جعجع أمام وفد طلابي: «خرجنا من عهد الظلام، لكننا لم ندخل بعد في عهد النور»، معتبرا «أننا اليوم في مرحلة التخلص من تبعات عهد الظلام، وإن أحسنا التصرف، فالمستقبل لنا كي نبني لبنان الذي طالما حلمنا به. أما إذا أسأنا التصرف، فقد يضيع المستقبل من بين أيدينا». وقال للطلاب: «الخيار بين أيدينا، المسيرة مستمرة، والطريق مفتوحة أمامنا. فلنمض قدما».
على الأرض، استمر تدفق العائدين من أهل القرى والبلدات الحدودية إلى مناطقهم. وبات واضحا، والصورة أصدق من الكلام، ان بلدات الحافة الحدودية تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات العيش، وأقلها إمكانية التنقل في أرجائها.
وقد اختارت قلة من الميسورين، تأمين بيوت جاهزة لوضعها فوق أراضيهم بعد رفع الركام. الا ان هذه البيوت تحتاج إلى مقومات بينها حفر آبار خاصة بالصرف الصحي، بعد التدمير الكلي لشبكة الصرف الصحي وغيرها من قبل الجيش الإسرائيلي.