عاجل:

في وداع السيد: اكتمال التحضيرات وإعادة تأهيل المدينة الرياضية ليوم التشييع الكبير (الأخبار)

  • ٣٣

عادت الروح إلى «المدينة الرياضية» بعد سنوات من الإهمال. ملعب كميل شمعون الشاسع ينغل بالشبان الذين يرفعون الأعمدة لتثبيت الشاشات ومكبّرات الصوت، و«المؤثرين» الحاضرين من العراق لتغطية التشييع في جميع مراحله. الساحة التي كانت موقفاً للسيارات تمتلئ بآلاف الكراسي. لا أعلام لفرق أو منتخبات رياضية، بل أعلام حُمر وصُفر.

في المدينة الرياضية، الأجواء غير حماسية بل كئيبة، أصوات اللطميات والندبيات تصدح أينما كان، وصور الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين الضخمة تستقبلك وتودعك، وشعور أنّ موعد التشييع لم يعد بعيداً لا يفارقك.

لم يكن الملعب بالشكل الذي يبدو عليه قبل القرار باستخدامه لمراسم التشييع. المشهد اليوم نتيجة «ورشة تأهيل طويلة على صعيد تنظيف الكراسي من الصدأ، صيانة الحمامات والمداخل، تركيب الإنارة...»، كما يقول المشرف العام على مراسم التشييع علي ضاهر لـ«الأخبار»، متعهّداً لمجلس إدارة المدينة بـ«تسليمه أفضل مما كان عليه، وعدم إلحاق الضرر بالعشب».

وقد أنجزت الفرق المسؤولة الأمور اللوجستية من نصب الرايات واللافتات وتركيب ست شاشات في حرم المدينة بشكل يسمح بالاستفادة من كل زاوية في الملعب. ومع ذلك، لا يتوقع ضاهر أن يستوعب المكان كلّ الحضور، لكنه يبتعد عن لغة الأرقام في تقدير العدد الإجمالي، ويقول: «خلي تحكي الصورة»، لافتاً إلى أن «القدرة الاستيعابية القصوى للملعب تصل إلى 65 ألف شخص، قمنا برفعها إلى ما بين 80 و85 ألفاً».

وفي خريطة انتشار الحشود، تقدّر اللجنة العليا للتحضير لمراسم التشييع أن تستوعب أرضية الملعب 23 ألف شخصٍ، والجانب الأيمن من المدرجات المخصّص للرجال 20 ألفاً، فيما الجانب الأيسر الذي يتسع لـ 30 ألفاً سيُخصص للسيدات. وبعد امتلاء المدرجات، توجّه النساء إلى مساحة مجاورة تتسع لـ 15 ألفاً، والرجال إلى موقف السيارات الذي يتسع لـ 30 ألف شخصٍ. «ويمكن إفساح المجال للجلوس على الأرض، مع الحرص على ترك مساحة فارغة لتأمين خروج الناس».

قبل أن تبدأ مراسم التشييع عند الواحدة بعد الظهر، «سنقوم بإشغال الحاضرين منذ التاسعة والنصف صباحاً ببرنامج من الأنشطة المرتبطة بالمناسبة». ثم تنطلق المراسم بتلاوة جماعية للقرآن الكريم عبر فرقة «آيات»، وتلاوة النشيد الوطني ونشيد حزب الله عبر الفرقة المركزية لكشافة الإمام المهدي. بعدها، «يدخل النعشان في آلية مخصّصة بحجم القاطرة والمقطورة ومقفلة بالزجاج من خلف السّتار، وتدور حول أرضية الملعب لـ 10 دقائق على صوت الشهيد نصرالله وفقرة وجدانية»، على أن تلي ذلك كلمة للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.

السيناريو الذي يتوقعه حزب الله لما بعد مراسم التشييع في المدينة الرياضية أن لا تكون هناك مسارات للمشي في التشييع نظراً إلى العدد الضخم الذي سيملأها كلها، «الناس سيخرجون إلى الطرقات منذ الصباح، وستملأ السيدات خط «BHV» والرجال خط السفارة الكويتية مع جميع متفرعات الخطين». لذلك، «سينصب الشباب حواجز لتأمين مرور آلية نقل الجثمانين الثانية، والأكبر حجماً، بين الناس إلى مكان الدفن»، وقبل وصولها، سيُحمل النعشان على الأكتاف. كلّ هذه المراسم ستقوم اللجنة الإعلامية بتأمين «النقل المباشر لها بأربع لغات: العربية، الإنكليزية، الفارسية والتركية، وباستخدام 96 كاميرا».

على الصعيد الأمني، «نسّقنا مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية وستنتشر عناصرهم إلى جانب عناصر الانضباط في حزب الله لحفظ الأمن». وستكون هناك مضائف شعبية في أماكن التّجمعات ومواقف السيارات والمسارات الرديفة غير الأساسية المؤدية إلى مكان التشييع. أما عن تأمين وصول الناس من المناطق البعيدة، فستشرح اللجنة العليا لمراسم التشييع في المؤتمر الصحافي اليوم، عن الطرقات التي ستكون مقفلة أو مفتوحة أمام الحضور، علماً أن هناك مبادرات فردية لتأمين نقل الضيوف من المناطق البعيدة ومبيتهم، كما «ستُفتتح مؤسسات ومجمّعات ومدارس خاصة لاستقبال الحاضرين مساء غد السبت».

إلى جانب الحضور المحلي، هناك وفود رسمية وشعبية من عدة بلدان، «وأكبر الوفود الشعبية من الجمهورية الإسلامية في إيران والعراق، علماً أنه لو كانت شركات الطيران تنقل الركاب بشكل طبيعي من إيران ولو كانت الحدود السورية البرية مفتوحة كما كان عليه الوضع قبل سقوط نظام بشار الأسد لتضاعف عدد الحاضرين».

1500 متطوّع «صحّي» و100 سيارة إسعاف

يحضّر الدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية لتغطية استثنائية لخدمات الإسعاف والإطفاء والإنقاذ والطوارئ في يوم تشييع الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين بعد غدٍ الأحد. ويشارك في لجنة الطوارئ «1500 متطوّع بين مسعف/ة وممرّض/ة وطبيب/ة، موزّعين على 60 خيمة مجهّزة بغرفة عمليات خاصة لاستقبال المصابين والتدخل السريع، إلى جانب 100 سيارة إسعاف ستنتشر على طول مسار التشييع»، بحسب المسؤول الإعلامي في الدفاع المدني محمود كركي.

وفي تفاصيل خريطة انتشار الفرق الصحية والطبية، «سيكون هناك أكثر من 5 أطباء من مختلف التخصصات في 32 خيمة إلى جانبي مسار التشييع في طريق المطار وصولاً إلى مرقد الشهيد نصرالله، و12 طبيباً في كلّ من الخيمتين في المدينة الرياضية، كما ستنتشر الفرق في الطرقات التي سيسلكها الضيوف من صور والنبطية إلى الزهراني ومنها إلى خلدة وعلى خط ضهر البيدر للقادمين من البقاع».

واستعداداً لهذا اليوم على أكمل وجه، «شبّكنا مع الجهات الصحية المختلفة: كشافة الرسالة، والدفاع المدني اللبناني، والصليب الأحمر، وهيئة الإسعاف الشعبي، للانتشار على كل الطرق. كما ستكون المستشفيات القريبة من مكان التشييع في حالة استنفار عالية تحسباً لأي طارئ، علماً أن الخيم الإسعافية يمكنها التدخل الفوري وعلاج المصابين من دون حاجة إلى نقلهم إلى المستشفيات».

والإصابات التي يتوقع الدفاع المدني التصدّي لها بحسب طبيعة الحدث وبعد جولة ميدانية للمخاطر المحتملة وإجراءات السلامة العامة هي «حالات اختناق وإغماء وإصابات قد تنجم عن التدافع والضغط النفسي». وفيما يزيد احتمال وقوع حالات اختناق داخل النفق الذي يمرّ من السفارة الكويتية إلى مستديرة الجندولين «زوّدت الهيئة الصحية المكان بأجهزة أوكسيجين، وشفاطات مربوطة بمنظومة كهربائية خاصّة».

وإلى جانب خدمات الإسعاف، وضعت الهيئة خططاً للإطفاء والإنقاذ، تقوم على «نشر 20 سيارة إطفاء داخل مسار التشييع و10 سيارات خارجه، و25 دراجة نارية مجهّزة بأجهزة إطفاء للتدخل السريع تحسباً لوقوع حوادث سير أو أي خلل كهربائي في الشاشات العملاقة المنتشرة على الطرقات». وعلى صعيد الإنقاذ، «ستكون هناك فرق على الطرق المؤدية إلى مكان التشييع للتصدي لحوادث السير التي قد تعيق حركة المرور».

القوى الأمنيّة في أعلى درجات الجهوزيّة

يفرض تشييع الشهيد السيّد حسن نصرالله على القوى الأمنيّة التحسب لكل السيناريوهات بسبب الحجم غير المعتاد للجماهير التي يتوقّع أن تتدفّق إلى الشوارع. ولهذه الغاية أعدّ الجيش وبقية الأجهزة الأمنيّة خطّة أمنيّة دقيقة، مع رفع تدابير الجهوزيّة إلى أعلى مستوياتها، بما فيها عدد ضخم من العناصر سيكون على الأرض، وعدد مماثل جاهز للتدخّل في حال حصول أي طارئ، علماً أن الجيش وقوى الأمن أصدرا تعميمين بحجز كل العسكريين يوم الأحد.

وقالت مصادر أمنيّة متابعة إنّ التنسيق بين الأجهزة الأمنيّة سيكون على أعلى مستوياته، بعدما شُكّلت غرفة عمليّات مقرّها «ثكنة هنري شهاب» تنسّق بين الأجهزة والقطعات، لحفظ أمن المدينة الرياضيّة ومحيطها، ومحيط مكان دفن السيّد نصرالله. وبالتوازي ستُتخذ تدابير مماثلة في كل المناطق والأقضية التي سيسلكها المُشاركون، والتي سينتشر فيها عناصر أمنيّون من مختلف الأجهزة، على أن تتولى المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي إجراءات تسهيل المرور وفتح الطرقات ربطاً بالازدحام المُرتقب وباحتمال اشتداد العاصفة. كما سيُقفل عددٌ من الطرق المؤديّة إلى مكان التشييع، كجسر عماد مغنية في الضاحية وأنفاق خلدة باتّجاه طريق المطار، وتحويل مسالك المطار، لتحويلها إلى طرقٍ أُخرى. فيما سيتم تأمين مسارات موحّدة للمشاركين، وأُخرى للمغادرين أو الواصلين إلى مطار رفيق الحريري في بيروت بقصد السفر.

ولفتت المصادر إلى أنّ قوى الأمن ستبدأ الإجراءات من اليوم، لتصل إلى ذروتها بعد ظهر غد السبت، من إقفال طرقات ومنع ركن السيارات على جوانب الطرقات في عدد من المناطق المؤدية إلى المكان. وبالتالي، ستكون تدابير السيْر استثنائيّة، مع إجراءات أمنيّة تفرضها قوى الأمن التي ستنتشر أيضاً في عدد من الأماكن، باعتبار أن مهام عناصرها لن تكون محصورة بالسيْر.

أمّا الجيش فسيقوم بإجراءات متعدّدة بعدما رفع درجات الجهوزيّة إلى أعلى مستوياتها، وتحضّر لخطّة ضخمة سينفّذها بعد غد الأحد في الساعات التي تسبق موعد التشييع، على أن ينتشر في العديد من المناطق، مع الأخذ في الاعتبار حجم المشاركة الشعبيّة من مختلف المناطق، إضافةً إلى الفرضيّات والهواجس الأمنيّة، وسبل معالجتها سريعاً، خصوصاً داخل مكان الحدث. وفي هذا الإطار، يفترض أن ينتشر عناصر الجيش عند المداخل المؤدية إلى المكان، وكذلك داخله، وعلى سطوح الأبنية في المناطق والمخيّمات المحيطة بالمدينة الرياضية.

وفي سياق متّصل، أصدر وزير الدّفاع ميشال منسّى قراراً بتجميد مفعول تراخيص حمل الأسلحة على الأراضي اللّبنانيّة كافّة، اعتباراً من الغد وحتّى يوم الثلاثاء، باستثناء حمل الأسلحة صفة دبلوماسيّة، وصفة خاصّة الممنوحة لمرافقي الوزراء والنّواب الحاليّين والسّابقين ورؤساء الأحزاب ورؤساء الطّوائف الدّينيّة، عندما يكونون برفقة الشّخصيّة فقط، إضافةً إلى التراخيص الممنوحة لموظّفي السّفارات الأجنبيّة.


المنشورات ذات الصلة