عاجل:

بدء التحضير الحكومي للأعمار.. عون: لبنان منهوب وليس مفلساً (الجمهورية)

  • ٤٦

في انتظار جلسة الثقة بالحكومة المقرّرة يومي الثلاثاء والاربعاء المقبلين، وقبلهما الحدث الكبير المتمثل بتشييع الأمينين العامين لحزب الله الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين بعد غد الأحد، تستمر المساعي والاتصالات الديبلوماسية من مجلس الأمن الدولي والراعيين الاميركي والفرنسي لتنفيذ القرار الدولي 1701 لإلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل من المناطق الحدودية اللبنانية التي لا تزال محتلة، والتزام وقف إطلاق النار الذي تخرقه يومياً في جنوب الليطاني وشماله وصولاً إلى منطقة البقاع احياناً. فيما الأنظار منصبّة على ما يجري في المنطقة من محادثات تكتسب أهمية كبيرة، وفي أبرزها المحادثات التي ترعاها المملكة العربية السعودية لتطبيع العلاقات بين واشنطن وموسكو، وسعيها لرعاية قمة على أراضيها قريباً بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، يمكن أن تؤسس لحل يوقف الحرب الروسية ـ الأوكرانية وغيرها من الأزمات الإقليمية والدولية.

وفي خطوة لافتة في هذا الاتجاه، أفادت «وكالة أنباء السّعوديّة الرسمية (واس)» أنّ «ولي العهد السّعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود تلقّى اتصالًا هاتفيًّا من الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين، أعرب خلاله عن شكره وتقديره للسّعوديّة ولولي العهد على استضافة السّعوديّة للمحادثات المثمرة بين روسيا والولايات المتّحدة الأميركيّة». وأشارت إلى أنّه «جرى خلال الاتصال الإشادة بعمق العلاقات بين البلدين، والحرص على تنميتها في مختلف المجالات»، لافتةً إلى أنّ «من جهته، أكّد بن سلمان التزام السّعوديّة ببذل الجهود الممكنة لتعزيز الأمن والسّلام في العالم، إيمانًا منها بأنّ الحوار هو السّبيل الوحيد لحلّ جميع الأزمات الدّوليّة».

الثقة وما بعدها

وفي الشأن الداخلي اللبناني، أكّد مصدر مطلع لـ«الجمهورية»، انّ عمل الحكومة الجديدة يجب أن ينطلق بقوة وزخم بعد حصولها على الثقة النيابية عقب انتهاء مناقشة البيان الوزاري في جلستي الثلاثاء والأربعاء المقبلين في مجلس النواب. ولفت إلى «انّ هذه الحكومة ليست لديها فترة سماح، لأنّ وضع البلد في مختلف المجالات لم يعد يتحمّل التجارب وإعطاء المهل، وبالتالي فإنّ الوقت ثمين جداً ويجب أن تتمّ الاستفادة منه بعدما تمّ إهدار ما يكفي منه».

 وأشار المصدر إلى «انّ الحكومة في حاجة إلى إثبات فعاليتها بسرعة وإظهار قدرتها على ترجمة البيان الوزاري أفعالاً، بعدما اعتاد اللبنانيون على أن تبقى البيانات الوزارية حبراً على ورق». وشدّد على «أنّ المطلوب من الحكومة بعد أن تنال ثقة المجلس النيابي أن تنال ثقة الشعب اللبناني وهذه هي المهمّة الأصعب». واكّد «انّ استمرار الاحتلال الإسرائيلي للتلال الخمس في الجنوب يستوجب تفعيل الوسائل الديبلوماسية المتوافرة للضغط على تل أبيب من أجل إلزامها بالانسحاب».

 وحذّر المصدر من تحويل الاحتلال للمواقع الخمسة أمراً واقعاً طويل الأمد قد تتآلف معه الدولة مع مرور الوقت، مشيراً إلى ضرورة أن يستمر المسعى الديبلوماسي الحثيث في كل الاتجاهات الممكنة، وعدم الاستكانة حتى ضمان مغادرة القوات الإسرائيلية كل الأماكن التي لا تزال تحتلها في القريب العاجل.

التزام التحفظ

وإلى ذلك، سجّلت مصادر سياسية عبر «الجمهورية» التزام «حزب الله» جانب التحفظ عن إبداء أي موقف سياسي في الوقت الراهن، خصوصاً في ما يتعلق بالبيان الوزاري، وتبنيه بشكل واضح منطق حصرية السلاح في يد الجيش والقوى الشرعية الأخرى. ووفق المصادر، يعود هذا التحفظ في شكل أساسي إلى رغبة «الحزب» في عدم إثارة أي أزمة سياسية عشية موعد تشييع أمينيه العامين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين يوم الأحد المقبل. فـ«الحزب» يريد إمرار هذا الاستحقاق من دون توتر مع أي من المرجعيات السياسية، خصوصاً أنّه وجّه إليها الدعوات للمشاركة. وكذلك، يهمّه أن يُظهر للأطراف الخارجية المعنية بالملف اللبناني وجود حال من الانسجام بين القوى السياسية الداخلية، ما يقطع الطريق على الاستثمار في أي تباين أو خلاف في وجهات النظر.

 إلّا أنّ هذا التحفظ من جانب «حزب الله» لا ينفي استعداده لتظهير حقيقة مواقفه، على مداها، في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ما يتعلق بالسلاح وباستمرار احتلال إسرائيل لعدد من النقاط الاستراتيجية في المناطق الحدودية. وهو سيبدأ بإيضاح مواقفه في احتفال التشييع، على أن تتبلور أكثر في جلسات الثقة المحدّد موعدها بعد ذلك بيومين، ويُتوقع أن تشهد الساحة تصعيداً سياسياً بعدها.

بدء التحضير للإعمار

في غضون ذلك، ترأس رئيس الحكومة نواف سلام بعد ظهر أمس اجتماعاً في السراي الحكومي ضمّه إلى وفد من البنك الدولي برئاسة المدير الإقليمي جان كريستوف كاريه وشارك فيه عدد من الوزراء. وخُصّص للإطلاع على مشروع تقرير مسح الأضرار الناجمة عن الحرب الإسرائيلية والخطة الأولية لتمويل مشاريع إعادة الإعمار.

وقال وزير المال ياسين جابر:‏ «كان الاجتماع مع رئيس مكتب لبنان وخبراء في البنك الدولي واللجنة الوزارية التي تبحث في موضوع الإعمار، فالبنك الدولي أعدّ دراسة أولية لمشروع إعادة الإعمار تتركز بشكل أساسي على البنى التحتية وإزالة الركام الموجود اليوم في المناطق، وخصوصاً في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع، وكلفة المشروع نحو مليار دولار، وسيقدّم البنك الدولي 250 مليون دولار، ولكن بمجرد إقراره هذا المبلغ من المؤكّد انّه ستكون هناك مساهمات من دول أخرى، من اجل السير قدماً في المشروع». واضاف: «كلنا يعلم انّه في العام 2024 حصل تراجع في النشاط الاقتصادي، مما يُعتبر خسائر غير مباشرة، الامر يحتاج إلى جهد حتى نستطيع تحضير أنفسنا بسرعة لإنجاح المشروع، الذي من الممكن ان يُعرض أواخر آذار على مجلس إدارة البنك، وفي هذا الوقت يكون لبنان قد حضّر مؤسساته لمواكبة هذا المشروع».

لبنان ليس مفلساً

في غضون، ذلك قال رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال استقباله أمس وفد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة القاضي كلود كرم: «همّي الكبير هو مكافحة الفساد الذي نخر إدارات الدولة وصار ثقافة، ولا يوقف هذا الفساد الّا المحاسبة. انا اراهن على دوركم في هذا المجال، لأنّ الهيئة يجب ان تقوم بدورها كاملاً، واعملوا وفق ضميركم ونصوص القانون، ولا تترددوا في مواجهة الفاسدين وكشفهم تمهيداً لمحاسبتهم». وأضاف: «لبنان ليس مفلساً بل دولة منهوبة، تحكّم به اشخاص أساؤوا إدارة مقدّراته، ودوركم اليوم تصحيح هذا الواقع، والكل تحت القانون بدءاً من رئيس الدولة. لن تستقيم الأمور الّا من خلال مكافحة الفساد والمفسدين».

وخلال استقباله وفداً من عشائر بعلبك ـ الهرمل أكّد عون «انّ منطقة بعلبك - الهرمل هي جزء من الدولة، وأبناءها كانوا دوماً في موقع الانتماء لها وفي كنفها». وقال للوفد: «نحن ملزمون بحمايتكم، فكفاكم حرماناً وابتعاد الدولة عن منطقتكم التي لا يمكن إهمالها، فأنتم مؤمنون بالدولة، وعلى الدولة أن تؤمن بكم. وأعدكم، خلال ولايتي، أن تذهب الدولة اليكم وليس العكس».

زيارات ديبلوماسية

وعلى صعيد الزيارات الديبلوماسية، بدأت المفوضة الأوروبية لمنطقة المتوسط دوبرافكا شويتزا زيارة للبنان في أول مهمّة لها في الشرق الأوسط. وأشار بيان للاتحاد الاوروبي إلى أنّ «الزيارة تأتي كتأكيد على دعم الاتحاد الأوروبي القوي للزخم السياسي الجديد في لبنان، وهو فرصة سانحة لجميع اللبنانيين لتشارك المستقبل الوطني نفسه كجزء من مصير لبناني مشترك وسلمي ومزدهر. ويواصل الاتحاد الأوروبي دعمه للبنان وشعبه. وستشكّل زيارة المفوضة أيضاً فرصة لدفع المشاورات الواسعة النطاق بشأن الميثاق الجديد للمتوسط».

وذكر البيان أنّ شويتزا ستلتقي رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ووزير الخارجية يوسف رجّي. وستناقش معهم «أولويات تنفيذ حزمة دعم الاتحاد الأوروبي، ولا سيما منها دعمه لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والحكومية الأساسية، وتعافي البلاد».

كذلك يزور وفد من الكونغرس الأميركي، يضمّ السيناتور داريل عيسى وعدداً من الشخصيات، غداً بيروت للقاء المسؤولين الكبار والبحث معهم في التطورات العسكرية والأمنية وتطبيق القرار 1701 وتدعيم اتفاق الهدنة. فضلاً عن مناقشة عدد من القضايا السياسية والديبلوماسية.


المنشورات ذات الصلة