كتب ناجي شربل وأحمد عز الدين:
يجهد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون وأركان الدولة لإطلاق عجلة العمل في المؤسسات الرسمية بعد نيل الحكومة الثقة من المجلس النيابي الأسبوع المقبل. ويتطلع مع رئيس الحكومة نواف سلام إلى إطلاق زيارات خارجية تمهد لجذب استثمارات إلى البلاد، والبحث في إطلاق عملية إعادة الإعمار.
ويكثف أركان الحكم اتصالاتهم ضمن خطة عمل تم التوافق عليها في الاجتماع الذي عقده الرؤساء الثلاثة يوم الثلاثاء الماضي، لمواكبة الانسحاب الإسرائيلي، بهدف قطع الطريق على أي محاولة لتعطيل انطلاقة العهد والحكومة.
ويدرك أركان السلطة انهم يقفون أمام امتحان إطلاق ورشة العمل الداخلية، وإقرار إصلاحات مطلوبة، بينها بسط سلطة الدولة فقط من دون الاصطدام بأي فريق داخلي، إلى العمل على تأمين الانسحاب الإسرائيلي الناجز من كل الأراضي اللبنانية، انتصارا للسيادة وصونا لحدود الوطن. ولا يتحقق ذلك مع وجود قوات احتلال على أراض لبنانية تسير آلياتها وتصوب فوهات مدافعها في مواجهة المدنيين العائدين إلى قراهم وبلداتهم الحدودية، وترفع بشكل استفزازي العلم الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية.
وشكل مشهد رمي جندي لبناني للعلم الإسرائيلي وغرس العلم اللبناني بدلا منه على أحد أعمدة الكهرباء في بلدة جنوبية، شعورا وطنيا عارما، أثار معه مرارة الاحتلال وضرورة العمل على جلائه سريعا. كذلك أثارت الاغتيالات الإسرائيلية المستمرة استياء داخليا، بإصرار الجانب الإسرائيلي على إرساء منطق الحرب، على الرغم من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 27 نوفمبر الماضي.
رئيس الجمهورية قال خلال ترؤسه اجتماعا للجنة الاستشارية الدستورية والقانونية: «مهمتكم المساعدة في أداء المهام الدستورية والقانونية الملقاة على عاتق رئيس البلاد، وذلك استنادا إلى المصلحة العامة، بهدف استكمال تطبيق الدستور ومعالجة ثغراته، انطلاقا من خطاب القسم والبيان الوزاري».
وقالت مصادر نيابية بارزة لـ«الأنباء»: «تتحرك الجهود على خطين، خارجي من خلال مسارين: الأول السعي بكل الوسائل الديبلوماسية مع بقية الأطراف عربيا ودوليا لإخراج الاحتلال الإسرائيلي من كامل الأراضي اللبنانية، والثاني إطلاق الأسرى والمختطفين السبعة خلال المعارك في البلدات الحدودية وبعدها.
اما المسار الداخلي فهو عبر بسط سلطة الدولة وتعزيز الأمن، ومنع أي خروقات والتعامل بحزم مع أي محاولة لإثارة الفوضى والإخلال بالأمن. ويواكب ذلك البحث بإعداد الدراسات والخطط لإعادة الإعمار، في انتظار إقرار المساعدات العربية والدولية للبنان، من خلال تحديد حجم الأضرار وأكلافها، والآليات التي يمكن ان تعتمد لتلبية المتطلبات المؤدية لعودة السكان إلى قراهم.
وتتوزع الآليات بين تولي الدولة موضوع الإعمار مباشرة عبر شركات متخصصة على غرار ما حصل في الضاحية الجنوبية بعد حرب يوليو عام 2006، عندما تولت شركة تم تأسيسها لهذه الغاية إعادة اعمار المباني وتسليم المنازل إلى أصحابها في مهلة زمنية تراوحت بين ثلاث واربع سنوات. وقد يترك الأمر إلى المواطنين لاتخاذ الإجراء المناسب، كما حصل في القرى والبلدات الجنوبية عامذاك، من خلال إعطاء بدل مادي لأصحاب الأملاك. ويؤخذ في الاعتبار استحالة تنفيذ إعادة الإعمار في المدن والضاحية الجنوبية، الا عبر شركات متخصصة وليس مباشرة من خلال أصحاب الأملاك، نظرا إلى تعدد المالكين في المبنى الواحد، من دون ان يغيب عن الحسبان ان الدول المانحة قد تتولى مباشرة الإشراف على عملية الإعمار».
وأضافت المصادر: «يلقى مسعى المسؤولين اللبنانيين تفهما عربيا ودوليا، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ القرار 1701. وحجر الزاوية في تطبيق هذا القرار يبدأ بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار كاملا وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية كلها بما في ذلك المواقع والتلال التي لاتزال تتمركز فيها. ومن دون ذلك فإن خطوات الحكومة ستواجه بعض التعثر، مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والانتهاكات لقرار وقف النار، كما حصل خلال الأيام الثلاثة التي تلت انتهاء مهلة الانسحاب يوم الثلاثاء الماضي، من خلال شن غارات جوية واقتحام عدد من المناطق الحدودية».
وتتوقع جهات فاعلة ان يكون الأسبوع المقبل مفصليا، وان يشكل اختبارا جديا لانطلاق عمل الحكومة، خصوصا انه سيشهد التصويت على الثقة، والأخيرة مضمونة بعدد كبير من الأصوات. كذلك يمكن ان تتوضح الكثير من الأمور التي لاتزال موضع أخذ ورد، لجهة التسليم بحصر السلاح بيد السلطة الشرعية وحدها، والذي يمكن ان تظهر الصورة بشأنه خلال تشييع للأمينين العامين السابقين لـ«حزب الله» السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين بعد غد الأحد، والذي يمكن من خلاله قراءة الكثير من الرسائل وانعكاسها على المرحلة المقبلة وعمل الحكومة.
وفي الشق المتعلق بتشييع السيدين نصرالله وصفي الدين، أعلنت شركة «طيران الشرق الأوسط ـ الخطوط الجوية اللبنانية» في بيان، أنها «سوف تسير جميع رحلاتها ليوم الأحد الواقع فيه 23 فبراير2025، مع بعض التعديلات في مواعيد إقلاع وهبوط الطائرات بسبب تعليق حركة الطيران في مطار رفيق الحريري الدولي بتاريخ 23 فبراير ابتداء من الساعة الثانية عشرة ظهرا ولغاية الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم نفسه».