عاجل:

رسالة سيادية: لبنان تعب من حروب الآخرين (نداء الوطن)

  • ٢١

مع دفن الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله تُطوى مرحلة وتُفتح مرحلة تختلط فيها إشارات التفاؤل بالتغيير الكبير الذي حصل، والخوف من أن تكون انحناءة «حزب الله» بسبب ما تكبده من خسائر، انحناءة ظرفية يعود بعدها إلى تعطيل الدولة وانتهاك القرارات الأممية، التي تحكم الوضع الأمني في الجنوب، وتشدد على نزع سلاح «حزب الله» في كل لبنان. والحشد الكبير الذي واكب تشييع نصرالله وابن خالته الأمين العام بعده هاشم صفي الدين، لا شك أرضى مسؤولي «الحزب» بحجم الاستجابة الشعبية، وإن كان من المبكر القياس في المستقبل على مشهد الأمس، وهو مشهد عاطفي ووجداني. لقد مضى التشييع على خير، خصوصاً مع تضافر جهود القوى الأمنية التي واكبت الحدث، وكانت مستعدة لكل طارئ. وإسرائيل أبت إلا أن تتدخل في المشهد الجنائزي وحلقت فوق مدينة كميل شمعون الرياضية بمقاتلات قيل إنها ذاتها التي نفذت إغتيالَي نصرالله وصفي الدين. كذلك شنت غارات طاولت أكثر من منطقة لبنانية، واستهدفت مخازن ومراكز لـ»حزب الله».

وفي عرض لوقائع التشييع، الحضور الدبلوماسي لم يأت على مستوى تقديرات «الحزب» الذي ذهب بعيداً بتأكيده دعوة أكثر من ستين دولة حيث بدت المشاركة باهتةً وخلت من شخصيات لها وزنها السياسي أو ذات سمعة دولية، حتى أن المشاركة الرسمية اللبنانية بدت خجولة وكانت في حدها الأدنى. وفي وقت حضر «حزب الله» على الأرض، وإسرائيل حضرت في الجو، والسيد حسن نصرالله «حضر» بنعشه، أطل الأمين العام الجديد الشيخ نعيم قاسم عبر شاشة عملاقة بثت كلمته مباشرة، ما يعني أن «ربط النزاع» مع إسرائيل ما زال قائماً، وأن الاغتيالات صفحة لم تُطوَ بعد.

ولعل أفضل توصيف لكلمة الشيخ نعيم قاسم أنها عبارة عن «معنويات» لا تنطبق على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يقول: «سنُمارس عملنا في المقاومة، نصبر أو نُطلق متى نرى مناسباً، ولن تأخذوا بالسياسة ما لم تأخذوه بالحرب، إنَّ المسؤولين في لبنان يعرفون توازن القوى».

ويتابع: «نمارس حقنا في المقاومة بحسب تقديرنا للمصلحة والظروف ونناقش لاحقاً استفادة لبنان من قوته عندما نناقش الاستراتيجية الدفاعية».

امتعاض من كلام قاسم

مصادر سياسية رفيعة أبدت لـ»نداء الوطن» امتعاضها من كلمة الشيخ قاسم، ووصفتها بالاستفزازية، وسألت: كيف يقول: «نمارس حقنا في المقاومة، ونناقش لاحقاً استفادة لبنان من قوته عندما نناقش الاستراتيجية الدفاعية؟».

وتتابع المصادر: «كأن الشيخ قاسم لم يقرأ خطاب القسم للرئيس جوزاف عون، الذي يقع على طرفي نقيض مع ما طرحه قاسم، فعن أي استراتيجية دفاعية يتحدث وهي لم ترِد لا في خطاب القسم ولا في البيان الوزاري الذي ستبدأ مناقشته غداً وبعد غد؟».

كلام عون أمام الوفد الإيراني

ولعل أفضل رد على «منطق» الشيخ نعيم قاسم، ما أدلى به رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمام رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، ووزير الخارجية عباس عراقجي، والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني مع وفد مرافق، وفي كلامه جرأتان: الأولى أنه قال كلاماً لم يسبق لرئيس جمهورية أن قاله منذ التسعينات، والثاني أنه قاله أمام وفد إيراني حيث تتدخل إيران في شؤون لبنان، وهي التي كانت تعتبر أنها تسيطر على أربع عواصم عربية منها بيروت، قال الرئيس عون: «لقد تعب لبنان من حروب الآخرين على أرضه، وأوافقكم الرأي بعدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأفضل مواجهة لأي خسارة أو عدوان، هي وحدة اللبنانيين».

وتابع الرئيس عون: «إن لبنان دفع ثمناً كبيراً دفاعاً عن القضية الفلسطينية»، معرباً عن أمله بالوصول إلى حلّ عادل لها.

وكان لافتاً جداً، في معرض ترحيبه بالوفد الإيراني، قوله إنه «على مدى عقود طويلة، خسر لبنان زعامات كبيرة»، وفي ذلك إشارة بالغة الأهمية إلى أن السيد حسن نصرالله ليس الزعيم الوحيد الذي خسره لبنان، كما بدا لافتاً تذكير الرئيس عون بأن خسارة لبنان لزعامات كبيرة جاءت على مدى عقود.

وأكدت مصادر لـ «نداء الوطن» أن ما قاله الرئيس عون أمام قاليباف أتى بعد سلسلة مواقف إيرانية تشكل تدخلاً بالشأن اللبناني، وهذه المواقف كانت تطال دور لبنان والمقاومة وتحاول تحديد سياسة لبنان الخارجية وتشكل انتهاكاً لسيادته، ولم يشأ الرئيس الرد على تلك التصاريح في الإعلام أو عبر بيانات بل انتظر زيارة الوفد الإيراني فأسمعهم الكلام الذي يجب أن يقال ووضع النقاط على الحروف وكان حازماً في أن اللبنانيبن هم من يقررون سياسة بلدهم ويجب على الدول احترام سيادة البلد وعدم التدخل في سياستنا، ولبنان الساحة قد انتهى وأصبح هناك رئيس جمهورية ودولة مسؤولة عن حدودها ومرافئها ومطارها وهي من تحدد الإجراءات، وكدليل على أن عون كان يريد إيصال الرسالة إلى الإيرانيين استشهد بالمادة التاسعة من الدستور الإيراني التي تنص على عدم تدخل أي دولة بشؤون إيران الداخلية فطالب إيران بتطبيق هذا الأمر على البلدان الصديقة ومن ضمنها لبنان. واللافت أن الضيف الإيراني استوعب رسالة عون ولم يعترض بل أكد العمل بموجب ما تقتضيه العلاقات الإيرانية – اللبنانية.

زيارة السعودية أولاً

وفيما لبنان على موعدٍ غداً وبعد غد مع جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة التي يرجَّح أن تنال الثقة في آخر الجلسات، مساء الأربعاء، يزور الرئيس جوزاف عون السعودية الأحد المقبل يرافقه وزير الخارجية يوسف رجي، ذلك قبل التوجه إلى مصر للمشاركة في القمة العربية الطارئة بشأن فلسطين.


المنشورات ذات الصلة