هآرتس
– عاموس
هرئيل جثث أبناء
عائلة بيباس قد تفاقم أزمة
المفاوضات
على الرغم من أن الايام الاخيرة
انتهت باصلاح الامور – اعادة جثة شيري بيباس، بتأخير يوم، واطلاق سراح ستة مخطوفين
أحياء – إلا أنها ستذكر كأيام رئيسية في تاريخ الحرب، وربما في تاريخ كل النزاع
بين اسرائيل والفلسطينيين. سيل من الانباء السيئة (نتائج الطب الشرعي التي تدل على
أن اطفال عائلة بيباي كفير واريئيل قد قتلا على يد آسريهم، وملحمة اعادة جثة الأم،
والعبوات التي انفجرت في الحافلات الفارغة في منطقة تل ابيب الكبرى)، مرة اخرى
اشعلت الرأي العام في اسرائيل. هناك شعور الانتقام في الاجواء، بقوة غير مسبوقة
منذ المذبحة في 7 اكتوبر. هذه المشاعر تصل حتى الاستوديوهات، بما في ذلك دعوات
لاستئناف الحرب، ونكبة ثانية وتدمير كامل لقطاع غزة، وهي تنزلق من هناك الى اماكن
اخرى، اكثر اهمية، من الحكومة وحتى الشارع.
خلافا لاتهامات رئيس الحكومة
بنيامين نتنياهو، فانه مشكوك فيه اذا كانت حماس تنوي من البداية اعادة جثة
فلسطينية بدلا من جثة شيري بيباس. مصلحة حماس العليا الآن هي استكمال المرحلة
الاولى في الاتفاق، بما في ذلك اطلاق سراح الـ 47 من محرري صفقة شليط من العام
2011 الذين تم اعتقالهم مجددا. الغضب الذي اثارته في اسرائيل قضية الجثة فقط عوق
التنفيذ المخطط له. ابناء العائلة الثلاثة تم اختطافهم من قبل عائلة جريمة من
خانيونس، التي اختبأت تحت اسم عملياتي كما يبدو هو “سادة الدمار”. العلاقة بين
حماس وهذا التنظيم لم تكن منظمة وملزمة. قضية الجثة كان يمكن أن تكون نتيجة فوضى
أو تضليل متعمد من قبل التنظيم الخاطف. منذ اللحظة التي تبين فيها ذلك سارعت حماس
الى اعادة جثة الأم في اليوم التالي.
كل ذلك بالطبع لا يعفي حماس من
المسؤولية الرئيسية عن كل هذه الحادثة الفظيعة. فهي التي قامت باقتحام النقب
الغربي وذبحت سكانه ونكلت بهم. نتائج معهد الطب الشرعي في أبو كبير تزيد فقط
الفظاعة: الخاطفون قتلوا بأيديهم الاطفال، الذين اشغل مصيرهم الجمهور في اسرائيل
خلال 16 شهر ونصف. واذا لم يكن ذلك كاف، فان احداث يوم الخميس انتهت بمحاولة طموحة
لتفجير خمس حافلات بركابها في حولون وبات يم، وفقط الخلل الذي لم يتم حتى
الآن توضيح سببه أدى الى انفجار الحافلات وهي فارغة في المساء. هذه المسألة اعادت
الى الذهن ذكرى جماعية صادمة من فترة ارهاب الانتحاريين في الانتفاضة الثانية،
وعززت الدعوة الى استئناف الحرب والانتقام.
العملية التي كان يمكن أن تنتهي
بمزيد من القتل الجماعي هي فشل كبير للشباك واذرع الامن الاخرى (قائد لواء تل ابيب
في الشرطة، الذي احسن تشخيص روح القائد، حاول القاء المسؤولية بشكل علني على
الشباك وحده). بعد مرور بضع ساعات على التحقيق تم اعتقال مواطنين اسرائيليين بتهمة
أنهم قاموا بنقل واضعي العبوات من الضفة الغربية الى داخل الخط الاخضر. هذه ميزة
اخرى من ميزات الفترة الحالية، حيث مرة تلو الاخرى يتم كشف في اسرائيل شبكات تجسس
تم تفعيلها من ايران. الآن هناك يهود من مواطني اسرائيل لا يترددون في مساعدة
العدو في فترة الحرب، ويتجاهلون أن افعالهم يمكن أن تعرض للخطر حياة مواطنين آخرين.
نتنياهو سارع الى الذهاب الى
طولكرم، وخارج مخيم اللاجئين صور فيلم تفاخير فيه وقال: “نحن نقوم بتسوية شوارع
كاملة يستخدمها الارهابيون”. وقد اعلن عن تعزيز قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة
وهدد بتوسيع العمليات هناك. وهو يشخص تخوفات ومشاعر الانتقام في اوساط الجمهور ويرد
وفقا لذلك بهدف استغلال ذلك بأقصى حد لصالح بقائه السياسي. تجمعات غلاف غزة،
الغارقة في الحداد، لا يسارع الى الوصول اليها.
التوتر المتزايد في شمال الضفة
يندمج مع التخوف والغضب من افعال حماس في القطاع. في المرحلة الاولى من صفقة
التبادل بقيت نبضة واحدة، التي في اطارها يتوقع اعادة اربع جثث اخرى لمخطوفين
اسرائيليين مقابل اطلاق سراح مئات الاسرى الفلسطينيين. واستكمالها سيبقي في الأسر
في قطاع غزة 59 مخطوف، الذين أقل من نصفهم ما زالوا أحياء. ليس سرا أن نتنياهو
يبحث عن طرق التفافية مثل تمديد المرحلة الاولى بنبضات اخرى من اجل تأجيل الصعوبة
السياسي التي تنطوي على تحرير بضع مئات من السجناء القتلة الفلسطينيين، وعلى
الانسحاب الكامل للجيش الاسرائيلي من القطاع وانهاء الحرب. في بداية شهر آذار
القادم، يجب التذكر، الجيش الاسرائيلي سينسحب من محور فيلادلفيا على الحدود بين
القطاع ومصر. قوات الاحتياط العاملة هناك حصلت على تعليمات للاسراع واغلاق انفاق
التهريب الاخيرة قبل الاخلاء المخطط له.
اذا اراد نتنياهو فان خروقات
حماس والمحاولة الطموحة الى العودة الى عمليات الحافلات ستوفر له المبرر المريح
لوقف تنفيذ الصفقة. في هذه الاثناء الجيش الاسرائيلي يستعد لاحتمالية اعادة اقتحام
قطاع غزة، ورئيس الاركان القادم ايال زمير، الذي سيتسلم منصبه بعد عشرة ايام، يقوم
ببلورة خطة عمل توصل بأنها هجومية بشكل خاص. من الصعب التحرر من انطباع أن نتنياهو
يقوم بفحص مفاقمة ازمة جديدة، ربما من خلال تأخير اطلاق سراح السجناء الذين تعهدت
اسرائيل باطلاق سراحهم في اطار الصفقة.
هذا الامر يثير تساؤل آخر حول
قدرة القيادة الامنية العليا على عرض رأي مستقل ومواجهة ضغوط نتنياهو. بالاساس
يطرح سؤال حول قدرة الجيش البري، المتعب والمتآكل، على الدخول الى عملية برية
طويلة اخرى في القطاع. اذا كانت هذه العملية مقرونة بتأجيل المرحلة الثانية في
الاتفاق، أي التخلي عن المخطوفين وتركهم للموت شبه المؤكد، فانه يتوقع أن تثور
ايضا مقاومة من قبل الجمهور.
هذه التطورات يراقبها باهتمام
الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، الذي يواصل كل يوم اطلاق التصريحات حول الوضع في
القطاع، التي لا ينجح أي أحد غيره على فهمها. في ساحات اخرى تحرك ترامب يبدو واضح
أكثر ومقلق جدا. ففي نهاية الاسبوع قام باقالة رئيس الاركان في امريكا تشارلز
براون واستبدله بضابط لا توجد له تجربة مناسبة، في اطار حملة تطهير واسعة يقوم بها
في القيادة الامنية الامريكية. ولكن من المثير اكثر للاستغراب خيانته لاوكرانيا،
التي يخطط ترامب لابقائها وحدها تقريبا أمام قصف روسيا المستمر. الاسرائيليون
الذين يعتقدون أن كل ذلك لا يضرهم، وأن دعم الرئيس الامريكي مضمون دائما لاسرائيل،
يمكن أن يكتشفوا بأنه تنتظرهم خيبة أمل مؤلمة.