أُسدل الستار على عمليات تسليم الأسرى في إطار المرحلة الأولى من صفقة التبادل بين «حماس» وإسرائيل، بعد حل أزمة بشأن إطلاق سراح الدفعة الأخيرة من الفلسطينيين، وطيّ هذه الصفحة مقابل تسليم جثث 4 رهائن إسرائيليين سلمتهم الحركة قبيل منتصف ليل الأربعاء.
وتنتهي يوم السبت المقبل المدة المحددة لوقف إطلاق النار في المرحلة الأولى، وهي 42 يوماً، ويسعى الوسطاء حثيثاً إلى إطلاق مفاوضات المرحلة الثانية قريباً، بينما تحاول إسرائيل، بدعم أميركي، الضغط باتجاه تمديد المرحلة الأولى طوال شهر رمضان الذي سيحل بعد نحو يومين، مقابل دفعات جديدة من صفقة التبادل.
وقررت إسرائيل إرسال وفد لها إلى مصر أو قطر من أجل بدء التفاوض بشأن الخطوة التالية من وقف إطلاق النار، وسط تأكيدات من حركة «حماس» بشأن استعدادها لبدء مفاوضات المرحلة الثانية، وأيضاً انفتاحها على إمكانية تمديد المرحلة الأولى.
ثمن مناسب
وترى «حماس»، كما أكدت قيادات في «الحركة» ومصادر من داخلها تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» في الأيام الأخيرة، أن معايير الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في المرحلة الثانية، أو حتى في حال تمديد المرحلة الأولى، لن تكون نفسها التي اتُّبعت سابقاً بشأن المحتجزين الذين صُنّفوا «حالاتٍ إنسانية»، من المدنيين الإسرائيليين أو المجندات.
وتقول مصادر قيادية من «الحركة» إن الثمن الذي ستدفعه إسرائيل يجب أن يكون متناسباً مع ما تبقى من محتجزين لدى الفصائل الفلسطينية التي ستقدم للوسطاء رؤية واضحة بشأن معايير صفقة التبادل في المرحلة المقبلة.
وأكدت المصادر أن «حماس» والفصائل ترى أنه لا يمكن أن يكون ثمن الإفراج عن هؤلاء المحتجزين هو نفسه الذي اتُّفق عليه في المرحلة الأولى بشأن «الحالات الإنسانية»، مشيرةً إلى أنها منفتحة على التفاوض بشأن المعايير، ولكنها تجزم بأنها لن تكون نفسها في السابق.
وكان موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، قد قال في تصريح لصحيفة «نيويورك تايمز» إن حركته ستطالب مقابل كل أسير متبقٍ لديها بالإفراج عما بين 500 وألف معتقل فلسطيني، مشيراً إلى أن من تبقى من محتجزين إسرائيليين جنود.
الأسرى المدنيون... والأسرى العسكريون
وتؤكد المصادر من «حماس» أن من تبقى في قبضة الفصائل هم من الجنود، وبعضهم ضباط، أُسروا من مواقع عسكرية بغلاف غزة في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وسبق أن قالت «حماس» وفصائل فلسطينية أسرت إسرائيليين إن بعض المحتجزين المفرج عنهم هم من الجنود والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إلا أن هذا كان يُقابَل بالنفي الدائم من الجانب الإسرائيلي.
وقالت حركة «الجهاد الإسلامي» إن أسيرتها أربيل يهود، التي سلمتها بعد إصرار إسرائيلي على الإفراج عنها، مجندة؛ إلا أن هذا قوبل بنفي من جانب إسرائيل التي أكدت أنها مدنية، وأفرج عنها مقابل 30 أسيراً فلسطينياً، مثلما انطبق في حالة المصنفين مدنيين إسرائيليين.
ووفق مصادر إسرائيلية، فإن جميع من أُفرج عنهم من المدنيين، عدا 5 مجندات دخلن في «الحالات الإنسانية»، بعد أسرهن من موقع «ناحال عوز» العسكري شرق مدينة غزة.
المحتجزون المتبقون
بتسليم جثث الإسرائيليين الأربعة مساء الأربعاء، من أصل 33 اتُّفق على الإفراج عنهم في المرحلة الأولى، يتبقى في قطاع غزة 59 محتجزاً إسرائيلياً، وفق ما تؤكد الإحصاءات الرسمية ومقر عوائل الرهائن الإسرائيليين.
وتشير أسماء المحتجزين لدى «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى إلى وجود 13 ضابطاً وجندياً بينهم، فيما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في تقرير أن بعضهم قُتل واحتُجزت جثته داخل غزة.
ومن بين الأسماء البارزة أساف حمامي، قائد اللواء الجنوبي في «فرقة غزة»، وهو أرفع رتبة بين المختطَفين، وكانت إسرائيل قالت إنه قتل في اشتباكات بمستوطنة «نيريم» شرق خان يونس، بينما التزمت «حماس» الصمت بشأن مصيره، مكتفيةً بالتلميح مرات عدة بأن لديها ضباطاً أحياء.
كما يظهر في القائمة عدد من الضباط الصغار، مثل عومر ماكسيم ناوترا، وهو قائد فصيل دبابات كان الجيش الإسرائيلي أعلن مقتله، فيما لم تعلق «حماس» على ذلك.
ويظهر من الأسماء المتبقية أن كثيراً منهم حراسُ أمن كانوا يعملون في مهام متنوعة، مثل تنظيم وحراسة حفل «نوفا» الذي كان مُقاماً في النقب الغربي خلال هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي بدأته «حماس» وأوقعت فيه العشرات بين قتيل وجريح وأسير، وفق الرواية الإسرائيلية.
كما ظهر 3 يعملون في مجال الإنقاذ الطبي مع مؤسسات إسرائيلية معروفة، وساهم بعضهم خلال الهجوم في محاولة إنقاذ الجرحى، فيما ظهرت أسماء عناصر يُعتقد أنهم من الشرطة الإسرائيلية لكنهم أُسروا من منازلهم.
ولا يُعرف ما إذا كان التقدير الإسرائيلي بشأن مقتل كثير منهم صحيحاً، خصوصاً أن «حماس» فاجأت إسرائيل خلال المرحلة الأولى بوجود عدد كبير من الأحياء كانت تلمح إلى مقتل بعضهم سابقاً. وكان يُعتقد أن نحو نصف الـ33 قتلى، وأن محتجزين مثل أفراهام مانغستو الأسير منذ عام 2014 وهشام السيد المحتجز منذ 2015 قد لقوا حتفهم، إلا أنهم أفرج عنهم أحياء.
ويبدو أن «حماس» تتعامل مع من تبقى على أنهم جنود وعناصر في الأجهزة الأمنية المختلفة حتى وإن عملوا حراس أمن، ولذلك تصنفهم «عسكريين» لا يمكن أن يكون ثمن الإفراج عنهم هو نفسه الذي كان في المرحلة الأولى.
ويُعتقد أن «حماس» تعدّ هؤلاء، حتى وإن خدموا سابقاً في الجيش الإسرائيلي، جنوداً ما زال بالإمكان استدعاؤهم للخدمة الاحتياطية.
وتسعى «حماس» أساساً، كما تؤكد وتحرص دوماً، إلى إخلاء السجون الإسرائيلية من الفلسطينيين، خصوصاً من المحكوم عليهم بالسجن المؤبد أو لسنوات طويلة، وقد أفُرج فعلياً عن عدد كبير منهم خلال المرحلة الأولى.