في أول مقابلة له منذ توليه الرئاسة، قدم الرئيس اللبناني جوزاف عون، رؤيته لعدد من الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية الداخلية، إضافة للعلاقات لبنان العربية والدولية، وأبرز التحديات والفرص التي تواجهه.
وقال عون لصحيفة "الشرق الاوسط" أن في قيادة الجيش كان النطاق العسكري والأمني هو الأساس، بينما في القصر الجمهوري هناك مجالات أوسع تشمل الاقتصاد والدبلوماسية والشؤون الأمنية والعلاقات مع الدول.. وأن القيادة في الجيش تتسم بحرية أكبر، بينما في القصر الجمهوري يكون مُقيداً بالبروتوكولات والمواعيد".
واعتبر عون أن اللبنانيين قد تعبوا من الحروب التي خاضتها بلادهم لصالح الآخرين، وأن لبنان يستحق فترة من الهدوء الاقتصادي والسياسي بعد هذه المعاناة الطويلة، كما عبر عن أمله في بناء دولة متكاملة.
فيما يتعلق بالعلاقات مع إيران، أوضح أن لبنان يسعى إلى بناء علاقات مع جميع الدول على أساس الاحترام المتبادل، وأكد أنه يجب أن تكون العلاقات مع إيران صداقة مع جميع اللبنانيين وليس مع فئة معينة منهم.
وأكد أن احتكار الدولة للسلاح هدف قابل للتحقيق إذا تم اتباع المسار الصحيح واستنادًا إلى الظروف الملائمة، مشيرا إلى أن مفهوم السيادة يعني حصر قرارَي الحرب والسلم والسلاح بيد الدولة، ومشددا أن الجيش يجب أن يكون المنتصر في تأمين البلاد واستقلالها.
وأوضح أن استراتيجية الأمن الوطني تشمل جميع عناصر قوة الدولة (العسكري، الاقتصادي، الإعلامي) لضمان حماية لبنان، وتحديد مهمة الجيش بوضوح.
وحول المقاومة، أوضح أن الدولة هي المسؤولة أولاً عن حماية أرضها، وهي صاحبة القرار في مقاومة أي احتلال. وإذا تطلب الأمر، يمكنها الاستعانة بشعبها أو أطراف أخرى وفقًا لاحتياجاتها.
فيما يتعلق بالقرار 1701، أكد التزام الدولة بتطبيقه على كامل الأراضي اللبنانية، بدءًا من الجنوب، أما بالنسبة للتوقيت، فأكد أن الدولة جاهزة للعمل لتحقيق هذه الأهداف، لكنه رفض تحديد توقيت معين، مشيرًا إلى أهمية التحرك بسرعة ولكن بتأنٍ.
وأوضح عون إلى تجاوب كامل من الأطراف في الجنوب بشأن تطبيق القرار 1701، مشيدا بخطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي أكد دعم المقاومة للدولة اللبنانية ومشاركتها في بناء دولة قوية وعادلة تحت سقف اتفاق الطائف. كما أثنى على مواقف كتلة الوفاء للمقاومة ورئيسها الحاج محمد رعد في دعم الحوار والمسؤولية الدبلوماسية للدولة، واصفا علاقته برئيس مجلس النواب نبيه بري بأنها "أكثر من ممتازة".
فيما يتعلق بالضغوط الأميركية، يوضح أن أي ضغوط محتملة ستخضع للتوافق الوطني، ويؤكد أن الإصلاحات المطلوبة من الدول، بما فيها أميركا، ليست ضغوطًا بل مساعدات لبناء الدولة، مثل الإصلاحات الاقتصادية والمالية ومحاربة الفساد.
بالنسبة لتشكيل الحكومة، أشار إلى أنه لم يكن صعبًا وأن الحكومة تم تشكيلها بسرعة، ومؤكدا أنه ورئيس الحكومة نواف سلام، بالتعاون مع رئيس البرلمان نبيه بري، كان هدفهم تشكيل حكومة تلبي آمال الشعب، مشيرًا إلى أن الحكم على الحكومة سيتم بناءً على أدائها وإنجازاتها المستقبلية.
وحول احتلال الجيش الإسرائيلي خمس نقاط في جنوب لبنان رغم الاتفاق الذي تم برعاية أميركية وفرنسية والذي كان يحدد الانسحاب في 18 فبراير، اعتبر عون إلى أنه تم تمديد المهلة بشرط الانسحاب النهائي، لكن الإسرائيليين لم يلتزموا، وهو ما يزعج لبنان. من الناحية العسكرية، يرى أن هذه النقاط لم تعد ذات قيمة استراتيجية بسبب التطور التكنولوجي، مثل الطائرات المسيّرة والأقمار الاصطناعية.
فيما يخص العلاقة مع أميركا، يعتبر عون أن العلاقة مع الولايات المتحدة ضرورية للبنان، حيث أن المساعدات العسكرية من أميركا تشكل الجزء الأكبر من الدعم للجيش اللبناني. ويشير إلى أنه لم يكن هناك ضغط أميركي على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية، وهو ما يثير تساؤلات حول موقف الإدارة الأميركية. معبرا عن تفاؤله بالعلاقة مع واشنطن رغم الصعوبات.
كما يتحدث عن زيارة السعودية باعتبارها خطوة تعبيرية عن الاحترام، نظرًا للعلاقة التاريخية بين البلدين، ويأمل أن تسهم الزيارة في تحسين العلاقات الاقتصادية وتعزيز التعاون بين لبنان والسعودية، وإزالة العوائق التي كانت موجودة في الماضي.
وأشار عون عن مشاركته في القمة العربية في القاهرة، موضحًا أن القمة الطارئة مخصصة لمتابعة القضية الفلسطينية، وأهميتها أن يكون هناك موقف عربي موحد، لكنه شدد على ضرورة متابعة تنفيذ القرارات بعد إصدارها، مشيرًا إلى أن المواقف بدون متابعة قد تكون "حبراً على ورق". كما ذكر أنه سيلتقي بعدد من القادة العرب على هامش القمة، مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر وملك الأردن، بهدف تعزيز العلاقات والتعاون.
فيما يتعلق بالعلاقات مع سوريا، يؤكد الرئيس اللبناني أن هدفه هو بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل للسيادة بين الدولتين، ومشيرا إلى أن الحكومة اللبنانية حصلت على الثقة وستعمل على تطوير علاقات مع سوريا في المستقبل. عند اللقاء مع الرئيس السوري في المستقبل، سيكون الموضوع الأكثر إلحاحًا هو ضبط الحدود بين البلدين، خصوصًا فيما يتعلق بالمهربين، بالإضافة إلى التفاوض على ترسيم الحدود البحرية والبرية، بما في ذلك مزارع شبعا.