عاجل:

الاستحقاقان النيابي والبلدي في الميزان المسيحي (نداء الوطن)

  • ٢٠

أصبحت الانتخابات البلدية والاختيارية على الأبواب، ولو تأجلت قليلاً لأسباب تقنية، ومن الواضح أنها ستكون هذه المرة اختباراً استثنائياً قبل عام من الانتخابات النيابية، لا سيما بعد التطورات الأخيرة التي تجعل الجميع أمام الامتحان لمعرفة أثر هذه التطورات على القوى والأحزاب السياسية، وما هي نقاط ضعفها وقوتها.

وفي قراءة للمشهد الانتخابي "بلدياً"، فقد عُلم أن "القوات اللبنانية" ستخوض هذه المرة بشكل صريح الانتخابات البلدية والاختيارية، ليس من باب إثبات الوجود، بل قبل ذلك من باب الإيمان بأن البلديات هي النواة الأبرز لأي سلطة محلية، وبخاصة مع تنامي الاقتناع والحاجة إلى اللامركزية الموسعة التي تمثل جانباً من جوانب الإصلاح العتيد، وتشكل إحدى ضمانات محاربة الفساد الذي ينخر مفاصل الدولة المركزية، باعتبار أن الرقابة على أدوات الإدارة المحلية أسهل وأكثر فاعلية.

وبحسب مصادر "القوات اللبنانية"، فإن التجارب التي مر بها لبنان أخيراً من الانهيار المالي مروراً بأزمة جائحة كورونا، وصولاً إلى تداعيات الحرب الأخيرة التي ورط "حزب الله" لبنان بها، أكدت على الأهمية الاستثنائية للمجالس البلدية في معالجة الكثير من الأمور والمشكلات، وفي مواجهة الكثير من التحديات، فنجحت البلديات في تعويض ما عجزت عنه الدولة في مجالات عدة، وشكلت شبكة أمان لشرائح واسعة من المواطنين، على رغم ضيق الإمكانات المادية واللوجستية، فكم بالحري عندما تتأمن الموارد الكافية للبلديات كي تقوم بأدوارها المفترضة.

وتلفت المصادر إلى أن البلديات ومن خلالها الاتحادات البلدية في المناطق، لم تتمكن من تقديم كل ما يمكن تقديمه، نتيجة العراقيل المفتعلة أحياناً من بعض من يمسك بالسلطة المركزية، سواء مادياً أو إجرائياً، مع العلم أن الاتحادات البلدية على سبيل المثال، تتمتع بسلطات واسعة وقدرات نوعية في إطار مهماتها الإنمائية والتطويرية.

ولأن المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة حق لكل مواطن ولكل مجموعة من المواطنين المنضوين في أحزاب أو تجمعات أو هيئات أهلية ومحلية، ولأن "القوات اللبنانية" تؤمن بمفاعيل العمل الجماعي، وبقدرة الأحزاب بما لديها من إمكانات وحضور شعبي على دعم العمل البلدي عندما تتولاه مجالس توحي بالثقة، فإن "القوات اللبنانية" قررت خوض الاستحقاق البلدي وبدأت الاستعدادات العملية له على مختلف الصعد.

وتلفت المصادر إلى أن "القوات" لا تسعى إلى الإمساك بأكبر عدد من المجالس البلدية، بقدر ما تسعى إلى اختيار أفضل الأشخاص للخدمة وتوفير الأفضل للأهالي والسكان. ولذلك، فإن التركيز سيكون خصوصاً على معيار الكفاءة والنظافة أولاً، فإن توافَر هذا المعيار لدى أشخاص حزبيين فسيتم اختيارهم مع الأخذ في الاعتبار الحسابات المحلية والعائلية حيث ينبغي، أما إذا لم يتوافر من الحزبيين من يتمتعون بهذه الميزات، لا سيما للمراكز القيادية، فسيكون الخيار لأشخاص غير حزبيين وقريبين من طروحات "القوات" ومبادئها، فالمهم هو نجاح المجالس البلدية الأمر الذي يشجع على تعزيز صلاحياتها وعلى تعميم معايير الكفاءة والنظافة.

أما على خط "التيار الوطني الحر"، فإنه سيخوض الانتخابات البلدية في إطارها التنموي والبلدي كما أعلن، وهو يعوّل عليها لقياس حضوره الشعبي لا سيما في بعض المدن والبلدات الكبيرة، في ضوء الانتكاسات التي حلت بـ "التيار" على أكثر من صعيد والتراجع في شعبيته نيابياً وعلى صعيد الانتخابات الطلابية والنقابية.

ويبدو أن رئيس "التيار" النائب جبران باسيل  يراهن على لعب دور الضحية لاستجلاب التعاطف، بداعي أنه أصبح في صفوف المعارضة، بل إنه أبرز مكوناتها، لا سيما بعدما "تفرق الحلفاء والعشاق". على أن أخصام "التيار"، وحتى من لا يخاصمونه بل يريدون إصلاحاً حقيقياً وسيادة ناجزة، لن يفوّتوا فرصة للتشديد على محاسبة جميع المرتكبين والمتورطين في الفساد والصفقات والمحاصصات والمقايضات، خلافاً للأصول وللشفافية والنظافة، وهذا يعني شمول المحاسبة بعض وجوه "التيار" بشكل أو بآخر في ملفات معينة، وبخاصة تلك التي تتعلق بالطاقة والكهرباء والمياه، لأن تغييب المحاسبة لن يكون لمصلحة إصلاح حقيقي يبنى على صخرة الحقيقة، ويتعزز بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب.

ومن الواضح أن الكلام على المحاسبة هو أكثر ما يزعج "التيار الوطني الحر" الذي يتمسك بشعار "ما خلّونا"، بل إنه لا يجد غضاضة في اتهام أبرز حلفائه أي "حزب الله"، بعرقلة رؤيته الإصلاحية في الحكومات المتعاقبة، علماً أن الوقائع تثبت أن التحالف كان أشبه بتوافق صريح على تبادل الخدمات بين تغطية لسلاح "الحزب" من جهة، مقابل التغطية على الصفقات والهدر وزرع المحاسيب والأزلام في مختلف مواقع السلطة والإدارة من جهة أخرى.


المنشورات ذات الصلة