عاجل:

ملف السلاح مفتوح... وإسرائيل تعتدي وتهدّد وسلام للجنوبيين: سننال ثقتكم بالأفعال والإعمار (الجمهورية)

  • ٢٤

الوجهة الحكومية الأولى بعد نَيل الثقة في المجلس النيابي، كانت الجنوب المدمّر، في زيارة لافتة لرئيس الحكومة نواف سلام قدّم من خلالها رسالة التزام للجنوبيِّين بإعادة ما هدّمه العدوان الاسرائيلي، والعمل الدؤوب لدعم الجيش اللبناني وتمكينه، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس. ويأتي ذلك بالتزامن مع تأكيد قوات «اليونيفيل» التزامها دعم سكان جنوب لبنان ودعم الجيش اللبناني وانتشاره لاستعادة الأمن والاستقرار. في وقت واصلت إسرائيل خروقاتها واعتداءاتها على المناطق اللبنانية، وإطلاق التهديدات بمواصلة استهداف «حزب الله».

جولة سلام

شملت جولة الرئيس سلام برفقة الوزراء جو الصدي وتمارا زين وفايز رسامني، صور والنبطية وقرى ما تسمّى الحافة الأمامية، ولاسيما مرجعيون وبلدة الخيام المدمّرة، واطّلع على الوضع الكارثي الذي سبّبه العدوان الإسرائيلي فيها.

وأكّد سلام للجنوبيِّين أنّ «الحكومة تضع في رأس أولوياتها العمل على إعادة إعمار منازلهم وقراهم المدمّرة وتأمين عودتهم الكريمة اليها»، مشدّداً على أنّ «ذلك ليس وعداً بل التزام مني شخصياً ومن الحكومة».

ووجّه سلام التحية للجيش اللبناني، مؤكّداً انّه، العمود الفقري للسيادة والاستقلال، وهو المولج الدفاع عن لبنان، وعليه مسؤولية الحفاظ على أمن الوطن وحماية شعبه وصَون سيادته ووحدة وسلامة أراضيه. وهو يقوم اليوم بواجباته بشكل كامل، ويُعزّز انتشاره بكل إصرار وحزم من أجل ترسيخ الاستقرار في الجنوب وعودة أهالينا إلى قراهم وبيوتهم».

وأكّد «أنّ الحكومة ستعمل على تمكين الجيش اللبناني من خلال زيادة عديده وتجهيزه وتدريبه وتحسين أوضاعه، ممّا يعزّز قُدراته من أجل الدفاع عن لبنان».

وأعرب عن تقديره لدور قوات «اليونيفيل» مشيداً بتعاونها الوثيق مع الجيش والسلطات اللبنانية لتنفيذ القرار 1701، في سبيل تعزيز أمن واستقرار لبنان وجنوبه». رافضاً «أي اعتداء على اليونيفيل» ومؤكّداً «العمل من دون تهاون لتوقيف ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، ونحرص على القيام بكل الإجراءات لعدم تكراره».

عون: انطلاق العمل

في سياق سياسي متصل، أكّد رئيس الجمهورية جوزاف عون أمام زواره أنّه «أصبح في إمكان الحكومة التي نالت ثقة المجلس النيابي، الانطلاق بالعمل لخدمة اللبنانيِّين بكل مسؤولية». مذكّراً بما سبق وذكره في خطاب القَسَم من ضرورة الإستثمار «بالعلم ثم العلم ثم العلم»، ومشدّداً على أنّ ثروة لبنان هي في شبابه المثقف «الذي يتخرّج بمعظمه من مدارسكم. ونحن نريد أن يبقى شبابنا متجذّراً بأرضه».

بري: حفظ لبنان

بدوره، وفي كلمة له لمناسبة حلول شهر رمضان، توجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري: «إلى اللبنانيين عامة والمسلمين خاصة بالتهنئة، آملاً بأن يكون شهر رمضان المبارك والذي يتزامن هذا العام مع اقتراب بدء الصوم الكبير لدى أبناء الطوائف المسيحية الكريمة، مناسبة يتلاقى فيها الجميع لاستحضار كل القِيَم والمثل الإيمانية السامية بما تجسّده هاتان المناسبتان المباركتان صبراً وتآزراً وتراحماً وتعاوناً في سبيل حفظ كرامة الإنسان والتخفيف من معاناته وبلسمة جراحه وتأمين حقه في العيش الكريم . وأولاً وآخراً لحفظ لبنان. فحب الأوطان من الإيمان».

الإعمار

وإذا كان ملف الإعمار يشكّل محور العمل الحكومي في هذه المرحلة، فإنّ الشغل الأساس في هذا السبيل كما تقول مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، يتركّز على توسيع مصادر التمويل العربية والدولية لتمكين لبنان من إتمام هذا الأمر، والدفع في اتجاه ترجمة سريعة للوعود التي قُطعت للبنان في هذا المجال، على أن تسبقها وتواكبها خطوات حكومية سريعة في مجال الإصلاحات والإجراءات التي من شأنها أن تعزّز ثقة المجتمع الدولي بلبنان.

السلاح... السلاح

في موازاة ذلك، يبرز ملف معقّد، يبدو أنّه يتقدّم على ما عداه في أوساط محلية وخارجية. إذ إنّ ملف الإعمار وإن كان يحظى بمواقف داعمة دولياً، فإنّه، وفق معلومات موثوقة لمصادر سياسية رفيعة، «يفتقد إلى الحماسة التطبيقية لهذا الدعم وتوفير المساعدة اللازمة للحكومة لتجاوز هذا التحدّي الخانق بآثاره الاجتماعية على شريحة واسعة من الشعب اللبناني».

وقالت المصادر عينها لـ«الجمهورية» إنّه «تبعاً لما ينقله الديبلوماسيّون والموفدون من بعض العواصم، يبدو أنّ ملف إعادة الإعمار يشكّل بنداً متأخّراً عن البند الأول في أجندة الدول والمتعلق بسلاح «حزب الله» ونزعه ليس فقط جنوبي الليطاني، بل شمالي النهر».

على أنّ الأخطر في ما كشفته المصادر الرفيعة أنّها تخشى أن يكون استمرار إسرائيل في احتلالها النقاط الخمس مرتبطاً بنزع سلاح «حزب الله». كما أنّها لا تخرج من حسبانها أن تشهد المرحلة المقبلة ضغوطاً متعدّدة المصادر حول ملف السلاح، واتخاذه ذريعة للابتزاز في ملف المساعدات لإعادة الاعمار».

واشنطن: خطر السلاح

ضمن هذا السياق، يبرز ما نسبه عائدون من الولايات المتحدة الأميركية إلى مسؤول أميركي كبير لناحية تحميل «حزب الله» مسؤولية الحرب «جراء مغامرة أقدم عليها ورتبت عواقب وخيمة، ليس عليه فحسب بالهزيمة القاسية التي مُني بها، بل على لبنان بصورة عامة، بالدمار الكبير الذي لحق به وتعميق أزمته».

ووفق ما سمعه العائدون فإنّ «الأولوية الأساسية للإدارة الأميركية توفير الدعم للجيش اللبناني كالتزام دائم، لتمكينه من أداء دوره ومهمّاته كجهة معنية وحدها دون غيرها بضمان الأمن والاستقرار في لبنان. وتبعاً لذلك لم يَعُد مقبولاً استمرار احتفاظ «حزب الله» بالسلاح لما يرتّبه ذلك من مخاطر على لبنان، ومسّ بالدولة اللبنانية، التي ترى واشنطن أنّ مسؤولية كبرى تقع عليها في هذا المجال، إذ لا يمكن لأي دولة تحترم نفسها أن تسمح بوجود سلاح غير شرعي في أيدي جهات غير شرعية، ينطوي على مخاطر جمّة، ليس بالنسبة إلى الأمن الوطني فحسب، بل بالنسبة إلى أمن المواطن أيضاً».

ويُضيف العائدون بناءً على ما سمعوه من المسؤول الأميركي الكبير: «إنّ أصدقاء لبنان وفي مقدّمهم الولايات المتحدة، ينظرون بأمل كبير إلى عهد الرئيس جوزاف عون وإلى الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام، ولاسيما لناحية تأكيد حقّ الدولة في احتكار حيازة السلاح واستخدامه، ومسؤوليتها وحدها في حماية المواطن وضمان الأمن في لبنان، والنأي به عن أن يكون منصة لخلق توترات».

جبهة السياديّين

يتناغم ذلك مع قراءات سيادية ترى في الأفق فرصة لإنهاء ملف السلاح، إذ ترى «أنّ «حزب الله» في حال احتضار، لأنّه أُصيب بضعف كبير جداً، والهزيمة التي تلقّاها أفقدته قدرته على المبادرة، بل وعلى الاستمرار، وجعلته محاصراً من الخارج بعدما قُيِّدت إيران وكُبّلت دولياً، وأُقفلت أمامه طريق سوريا، ومحاصراً في الداخل بانحدار وضعه وحضوره ودوره إلى حال لا يُحسد عليه، وفَقَد قدرة تحكّمه ولم يَعُد يسبح في مياه داخلية صافية، فأمامه جبهة سياسية عريضة تزيد عن ثلاثة أرباع الشعب اللبناني، تعارض منهجه، وضدّ سلاحه واحتكاره قرار الحرب والسلم، ولا تريد أن تتكرّر فترة إمساكه بمفاصل الدولة وقرارها. فضلاً عن أنّ العهد الرئاسي والحكومي الجديد يحول دون ذلك».

وبحسب القراءات السيادية، فإنّ «عاملاً أساسياً يعزّز تراجع الحزب، هو إدراكه أنّ أيّ مجازفة من قبله بأي عمل عسكري، باتت تشكّل مخاطرة كبرى بالتسبّب بالمزيد من التهجير والخراب والدمار. ثم إنّه بعد اتفاق وقف إطلاق النار بات مقيّداً بالكامل، لأنّ حرية حركته جنوبي الليطاني لم تعد ممكنة، كما أنّه لا يستطيع أن يخرج على القرار 1701 الذي يحظى بإجماع دولي وإجماع داخلي على تطبيق مندرجاته وتعزيز الجيش لتأمين وحماية الحدود الجنوبية».

وتخلص القراءات السيادية إلى تأييد ودعم توجّه الدولة اللبنانية إلى اعتماد الخيار الديبلوماسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس، وهو الأمر الذي يؤمل أن يحقق نتائجه المرجوّة بالاستناد إلى الدعم الدولي والالتزام باستعادة لبنان لسيادته على كامل أراضيه».

الحزب لم ينتهِ

على أنّ هذه القراءات يدرجها مسؤول وسطي بارز في خانة «الإفراط في المبالغة». بقوله لـ«الجمهورية»: «إنّ «حزب الله» لم ينتهِ، فهو بلا أدنى شك يعاني وضعاً صعباً، لكنّه يبدو قادراً على النهوض إنما ذلك قد يستلزم بعض الوقت. لكن في الوقت الراهن، فإنّ صعوبة وضعه يبدو أنّها لا تسمح له بالتحرّك على ما كان عليه في السابق، ولذلك حسناً فعل بانكفائه في هذه الفترة - وهذه خطوة ذكية - بترك مسؤولية استرجاع التلال الخمس اللبنانية للحكومة للتحرك ديبلوماسياً ودفع العدو الإسرائيلي إلى الانسحاب من تلك النقاط».

وعمّا إذا كان واثقاً بنجاح الجهد الديبلوماسي في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس، قال المسؤول: «الدولة كما سمعنا جميعاً مصمِّمة على خوض الحرب الديبلوماسية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للتلال الخمس، وتؤكّد وجود تطمينات بأنّ المجتمع الدولي يقف إلى جانبها لتحقيق هذا الهدف. لكنّ مسؤولين كباراً يشكّكون باستجابة إسرائيل للجهد الديبلوماسي. أنا أتفق مع هذا الموقف، وأرى صعوبة كبرى تعتري المسار الديبلوماسي، وخصوصاً بعد إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي استمرار احتلال النقاط الخمس بموافقة أميركية لمدى زمني غير محدّد. أعتقد أنّ القرار النهائي في ما خصّ الانسحاب هو بيَد الأميركيِّين، والجهد الديبلوماسي ينبغي أن ينصبّ في اتجاههم، فوحدهم القادرون على إلزام إسرائيل بالانسحاب، وغير ذلك مضيعة للوقت».

موقف الحزب

في موازاة ذلك، استفسرت «الجمهورية» مسؤولاً في «حزب الله» حول حقيقة وضع الحزب وموقفه ممّا يثار حول سلاحه والمطالبات بنزعه، فأجاب: «تعرّضنا إلى خسارات صحيح وخسرنا قادتنا، لكنّنا لم ننتهِ، ولن ننتهي، خصومنا يُريدون ذلك، ويستسهلون الكلام عن هزيمة وما شاكل ذلك، لكنّهم يعلمون أنّنا سنُخيِّب أملهم ولن نحقق لهم ما يُريدونه. أمّا في موضوع السلاح فالمقاربات التي تتناوله من دائرة الخصوم والأعداء في رأينا مقاربات فارغة لسنا بصدد الدخول في سجالات حيالها، وكل شيء في أوانه».

وفي الإطار نفسه، أبلغ أحد كبار مسؤولي «الثنائي» إلى «الجمهورية» قوله: «الجهة الوحيدة التي تعرف تماماً إن كانت المقاومة قد هُزمت أم لا هي إسرائيل... فليسألوها وليتابعوا ما تقوله صحافتها ومسؤولوها ومستوطنو الشمال. صحيح أنّ «حزب الله» تلقّى بلا شك ضربات موجعة، لكنّه لم يُهزم والشاهد على ذلك هو أنّ اسرائيل لم تتمكن من تحقيق أهدافها كاملةً. وفي اللحظة التي تمّ التوصّل فيها إلى اتفاق وقف اطلاق النار كان «حزب الله» لا يزال قادراً على ضرب العمق الإسرائيلي وخصوصاً تل أبيب. ولو كانت قد حققت انتصاراً على «حزب الله» فهل كانت ستطلب هي وقف اطلاق النار، وتنسحب من معظم المناطق التي توغلت اليها في الجنوب؟ فيما المستوطنون الإسرائيليّون لم يعودوا إلى الشمال، خوفاً من علم لـ«حزب الله» مرفوع على أحد المنازل المدمّرة على الحدود». أضاف: «أمّا في ما خصّ ملف السلاح فهو مرتبط بالحوار المنتظر حول الاستراتيجية الوطنية للدفاع، وهذا الأمر رهن بما سيقرّره رئيس الجمهورية في شأن الحوار، علماً أنّ مداولات تجري في بعض الأوساط تعكس الرغبة في إطلاق هذا الحوار في المدى المنظور».

ورداً على سؤال عن الموقف من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، أضاف: «هذا الأمر برسم راعيَي اتفاق وقف إطلاق النار ولجنة مراقبة تنفيذه التي ترأسها الولايات المتحدة، والدولة اللبنانية أخذت على مسؤوليتها متابعة هذا الأمر. فيما «حزب الله» ملتزم بمندرجات اتفاق وقف إطلاق النار وبتطبيق القرار 1701 جنوبي الليطاني. وبطبيعة الحال هذا الأمر لا يعني شمالي الليطاني، وبالتالي فإنّ المطالبة بنزع السلاح الآن، في ظل الاعتداءات والخروقات والتهديدات واستمرار الاحتلال أمرٌ ينطوي على خطر جسيم على لبنان بصورة عامة».


المنشورات ذات الصلة