كتب ناجي شربل وأحمد عز الدين:
عبّر رئيس الحكومة نواف سلام، عن الموقف الرسمي من زيارته إلى الجنوب الجمعة عبر حسابه على منصة «اكس» قائلا: «توجهت إلى الجنوب مع زملائي وزير الطاقة والمياه جوزيف الصدي ووزيرة البيئة تمارا الزين ووزير الأشغال العامة فايز رسامني. وكانت محطتنا الأولى في ثكنة بنوا بركات في صور، حيث وجهت الكلمة التالية الى أبنائنا في جيشنا الغالي وقوات ««اليونيفيل» وفيها: التحية لكل أبطال جيشنا الوطني ولشهدائه الأبرار، فأنتم عنوان الشرف والتضحية والوفاء، وأنتم العمود الفقري للسيادة والاستقلال.
وأضاف «الجيش هو المولج الدفاع عن لبنان، وعليه مسؤولية الحفاظ على أمن الوطن وحماية شعبه وصون سيادته ووحدة وسلامة أراضيه».
وتابع «الجيش اللبناني يقوم اليوم بواجباته بشكل كامل، ويعزز انتشاره بكل إصرار وحزم من أجل ترسيخ الاستقرار في الجنوب وعودة أهالينا إلى قراهم وبيوتهم».
وأكد سلام أن «الحكومة ستعمل على تمكين الجيش اللبناني من خلال زيادة عديده وتجهيزه وتدريبه وتحسين أوضاعه، مما يعزز قدراته من أجل الدفاع عن لبنان».
وقال «أود أن أعرب عن تقديري لدور اليونيفيل كقوة حفظ سلام تواجدت مع لبنان وجنوبه منذ عام 1978، وقدم عدد من عناصرها حياتهم من أجل تحقيق رسالتها. كما أشيد بتعاونها الوثيق مع الجيش والسلطات اللبنانية لتنفيذ القرار 1701، في سبيل تعزيز أمن واستقرار لبنان وجنوبه».
وأكد رئيس الحكومة في كلمته «رفض أي اعتداء على اليونيفيل، والعمل دون تهاون لتوقيف ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، ونحرص على القيام بكل الإجراءات لعدم تكرارها».
رئيس الحكومة انتقل من بيروت بطائرة مروحية الى الجنوب، وجلست الى جانبه وزيرة البيئة.
وبعد اجتماع في ثكنة بنوا بركات للجيش اللبناني بحضور قائد الجيش بالإنابة اللواء حسان عودة وقائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن ادكار لاوندوس، التقى سلام وفدا من أهالي الضهيرة كان قد تجمع أمام الثكنة للتعبير عن اعتراضهم على تواجد الجيش الإسرائيلي في جزء من البلدة. كذلك تجمع عدد من أبناء القرى والبلدات الحدودية المدمرة.
ونشرت مديرة مكتب رئيس الحكومة هند درويش عبر حساب سلام على «اكس» أثناء جولته الميدانية قوله: «أكدت أمام مجموعة من أهلنا في القرى الأمامية الذين تجمعوا أمام ثكنة بنوا بركات في صور، أنني وزملائي نشاركهم آلامهم، وأننا نضع على رأس أولويات الحكومة العمل على إعادة إعمار منازلهم وقراهم المدمرة وتأمين عودتهم الكريمة إليها، مكررا أن ذلك ليس وعدا، بل التزاما مني شخصيا ومن الحكومة».
وانتقل بعدها رئيس الحكومة إلى ثكنة اللواء فرنسوا الحاج في مرجعيون حيث استقبله قائد اللواء الخامس العميد الركن طوني فارس، ومنها إلى مدينة الخيام، حيث جال في أحيائها وسط الركام الذي خلفته القوات الإسرائيلية. وبعدها انتقل الى مدينة النبطية، حيث مشى في سوقها التجاري الذي دمرته الغارات الجوية الإسرائيلية. وفرض فوج المكافحة في الجيش اللبناني قبيل وصول الرئيس سلام إجراءات أمنية في المدينة.
في قصر بعبدا، استقبل رئيس الجمهورية العماد جوزف عون وفدا من دار الفتوى برئاسة المفتي بكر الرفاعي، نقل إليه دعوة من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى الإفطار الذي تقيمه دار الفتوى في 15 مارس لمناسبة شهر رمضان المبارك. وكانت سبقت اللقاء ترتيبات مع دار الفتوى بحسب معلومات خاصة بـ «الأنباء» لجهة حضور رئيس الجمهورية.
وقال رئيس الجمهورية أمام وفد اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان برئاسة رئيس الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر، وضم عددا كبيرا من المؤسسات التربوية الخاصة من مختلف الطوائف: «إن القطاع التربوي، العام والخاص يشكل أولوية لنا، ومن واجباتنا الوقوف الى جانبه لمعالجة مختلف قضاياه ومشاكله. وأصبح بإمكان الحكومة التي نالت ثقة المجلس النيابي الانطلاق بالعمل لخدمة اللبنانيين بكل مسؤولية». وذكر بما سبق أن ذكره في خطاب القسم من ضرورة الاستثمار «بالعلم ثم العلم ثم العلم»، مشددا على أن ثروة لبنان هي في شبابه المثقف «الذي يتخرج بمعظمه من مدارسكم. ونحن نريد أن يبقى شبابنا متجذرا بأرضه».
كما استقبل الرئيس عون مفتي عكار الشيخ زيد زكريا مع وفد هنأه بانتخابه رئيسا للجمهورية ونيل الحكومة الثقة. وقال: «عيني على عكار كما كانت في السابق»، مؤكدا متابعته لملف الطرقات المقفلة بين لبنان وسورية.
وأعاد رئيس الجمهورية التأكيد على أنه لا وجود لمناطق حاضنة للإرهاب في لبنان، وعلى تدني نسبة الجريمة فيه مقارنة بغيره من الدول رغم كل الصعوبات التي يعاني منها، مشددا في المقابل على أن ثمة من يحاول خلق النعرات الطائفية والمذهبية لغاية في نفس يعقوب، «لا يجب أن نتأثر بها وهنا يكمن، من خلال مواقعكم، دوركم الأساسي في التأكيد على أهمية مرجعية الوطن خارج أي اصطفاف من هذا النوع».
وقال: «خبرنا على مر السنوات كيف تدمر البلد واقتصاده وكيف دفع الثمن الشعب اللبناني من كل الطوائف والمذاهب، ولم يقتصر الأمر على طائفة أو مذهب، فلبنان الدولة هو الذي يحمي لا لبنان الطوائف، وعلينا أن نستغل صورة لبنان التنوع في علاقاتنا مع الخارج»، آملا أن «نتمكن من إعادة بناء الدولة والبلد من جديد لأولادنا ولأحفادنا، وذلك بالتعاون معكم ومع جميع اللبنانيين».
إلى ذلك، تتصدر ثلاثة ملفات اهتمام الحكومة وتشكل أولوية وهي: الإعمار والإصلاح وتنفيذ اتفاق وقف لإطلاق النار كاملا بين إسرائيل ولبنان، على رغم تعدد القضايا المتراكمة من الاقتصاد إلى الكهرباء إلى الإدارة التي تمثل عصب الدولة.
وقالت مصادر لـ «الأنباء»: «لا تستطيع الحكومة الذهاب بعيدا في تنفيذ بيانها الوزاري، ما لم تواجه موضوع تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية اليومية، وسعي العدو الإسرائيلي الى إقامة منطقة عازلة على الحدود، ولو بطريقة غير مباشرة من خلال تمركز جنوده في التلال السبع، وشل الحركة في المناطق المحيطة بهذه المواقع المحتلة من خلال منع المدنيين من الاقتراب منها».
وأضافت المصادر: «ستجد الحكومة نفسها محاصرة بالممارسات والتصريحات الإسرائيلية اليومية الاستفزازية، وآخرها لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي أعلن أنه حصل على ضمانات للبقاء في المناطق الحدودية، من دون تحديد أي سقف زمني لهذا الاحتلال، وسط معلومات عن مزيد من الضغوط على لبنان في موضوع تنفيذ القرارات ذات الصلة باتفاق وقف إطلاق النار، خصوصا موضوع حصر السلاح بيد الدولة. وقد تبدو المهمة غير سهلة مع استمرار العدوان الإسرائيلي الذي يتجاهل قوات الأمم المتحدة واللجنة الخماسية».
وفي موضوع إعادة الإعمار، ذكرت المصادر: «من المعروف أن الأموال غير متوافرة، وأية مساعدات لم تظهر بعد وبالطبع ستكون مشروطة. لذا فان الحكومة مطالبة بطمأنة سكان القرى المدمرة. وفي هذا الإطار، هناك مسعى فرنسي لعقد مؤتمر لدعم لبنان يكون استكمالا للتحرك الفرنسي السابق للمساعدة في اعادة الاعمار والنهوض بالاقتصاد بمشاركة عربية».
وتتوقع المصادر أن تبدأ الحكومة عملها الفعلي بعد عودة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون من زيارته الى المملكة العربية السعودية ومشاركته في القمة العربية الاستثنائية في القاهرة يوم الثلاثاء المقبل، والتي رغم أنها مخصصة لمواجهة مشاريع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، فإنه وفقا لمصادر ديبلوماسية أن لبنان سيكون موضع اهتمام لافت. ومن هنا تقول المصادر بأن اجتماع الحكومة الأسبوع المقبل برئاسة رئيس الجمهورية، سيشهد ما يمكن أن تقدمه للشعب اللبناني حول سبل الانطلاق في مواجهة الملفات الملحة والتي لا تحتمل التأخير.
وأشارت الى تحرك ديبلوماسي لمواجهة التفلت الإسرائيلي من الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، ذلك أن استمرار الخروقات والعدوان الإسرائيلي اليومي، يهددان مصير الاتفاق ويضعان أمام الحكومة عراقيل ومطبات يصعب القفز فوقها.
في موضوع الإصلاح، لم تستبعد مصادر وزارية أن يعاد وضع قانون الانتخاب على طاولة البحث. وقد أثير هذا الأمر خلال جلسة الثقة، خصوصا ان رئيس الحكومة نواف سلام سبق أن شارك في صياغة مشروع قانون لم يكتب له النجاح، وهو ما سمي «مشروع فؤاد بطرس (سياسي لبناني راحل)». غير أن المصادر ترى ان الأحزاب والقوى السياسية غير جاهزة للبحث في مثل هذا النقاش في الوقت الحاضر.
وكان صدر عن وزارة الخارجية الأميركية بيان هنأت فيه باسم الولايات المتحدة الأميركية الشعب اللبناني على التصويت الناجح على الثقة التي نالتها الحكومة.
وأشاد البيان برئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، متمنيا للحكومة النجاح تحت قيادة الرئيس جوزف عون.
وقال البيان: «لقد حرم الشعب اللبناني لفترة طويلة من وجود هيئة حاكمة قادرة على توحيد البلاد وإعادة بناء مؤسسات الدولة اللبنانية». وجدد البيان «التأكيد على تعاون الولايات المتحدة مع الحكومة اللبنانية الجديدة لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة بشكل عاجل»، مشددا على استمرار الولايات المتحدة في دعم القوات المسلحة اللبنانية لتنفيذ وقف الأعمال العدائية.
كما تلقى الرئيس سلام برقية تهنئة من رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني بمناسبة نيل الحكومة الثقة، متمنيا له التوفيق في أداء مهامه.
كذلك هنأ الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط الرئيس سلام على ثقة مجلس النواب بالحكومة، متمنيا له «النجاح في تنفيذ الأهداف المهمة التي تضمنها البيان الوزاري للحكومة».
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة جمال رشدي «أن أبو الغيط اعتبر أن الثقة التي حصلت عليها الحكومة الجديدة تشكل انطلاقة مهمة للعهد الجديد بما يحمله من تطلعات الشعب اللبناني، بعد المرحلة الصعبة التي مر بها خلال السنوات الماضية، والتي أعاقت تنفيذ إصلاحات جوهرية ولم تمكن لبنان من استرداد عافيته بعد».
في ميدانيات الجنوب، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية أن الجيش الإسرائيلي قام «بعملية تمشيط مكثف من موقع العاصي باتجاه منطقة الجدار بين ميس الجبل وبليدا»، الجمعة. كما سجل تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء القطاع الشرقي وتمشيط بالأسلحة الرشاشة في الأطراف الجنوبية لبلدة عيترون صباحا، تزامنا مع الاستعدادات لتشييع 130 شهيدا وشهيدة من أبناء البلدة.