عاجل:

قمة عربية طارئة في القاهرة: التحديات والسيناريوهات المستقبلية لإدارة غزة (هآرتس)

  • ٢٩

 

هآرتس - تسفي برئيل

 

اذا لم يحدث أي تطور مفاجيء فانه غدا يتوقع عقد مؤتمر القمة العربية في القاهرة، استمرارا للقمة المصغرة التي عقدت في الشهر الماضي في الرياض. الهدف الاصلي للقمة كان طرح خطة واقعية لادارة قطاع غزة في المرحلة الثانية في الاتفاق. ومن اجل تخطيط المرحلة الثالثة التي سيبدأ فيها إعادة الاعمار. ولكن القرار احادي الجانب من قبل إسرائيل، وقف ادخال المساعدات الإنسانية الى القطاع، يضع الدول العربية أمام تهديد جديد يثير القلق. هذه عملية يتم تفسيرها كخطوة أولى قبل استئناف الحرب – اذا لم يتم إيجاد حل فوري لها فهي يمكن أن تتسبب بإعادة تهجير مئات آلاف سكان غزة الذين عادوا الى شمال القطاع، والتسبب بالضغط العسكري على جنوب القطاع، وبعد ذلك ربما أيضا احياء خطة الترانسفير. منذ أن اعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته، بخطوة هزت البلاط الملكي والجمهوري في الدول الجارة، يبدو أنها أخذت في الخفوت.

امام هذا التهديد يبدو أن خطوات الدول العربية من جهة، وخطوات إسرائيل والولايات المتحدة من الجهة الأخرى، تجري في خطين متوازيين يصعب الآن رؤية كيفية التقاءهما. النقطة الوحيدة التي يتفق عليها الأطراف هي أنه لا يمكن لحماس في أي مرحلة أن تكون شريكة في إدارة القطاع. تصريحيا، حماس أبلغت مصر، وبعد ذلك في رسالة للجامعة العربية، بأنها مستعدة لتبني أي حل لادارة القطاع. “سواء عن طريق تشكيل حكومة توافق وطني تتكون من تكنوقراط، خبراء ومهنيين فلسطينيين، أو بواسطة تشكيل لجنة دعم مدنية كما اقترحت الحكومة المصرية”، هذا ما كتب في نهاية الأسبوع في الرسالة التي أرسلها رئيس المجلس القيادي في حماس محمد درويش. ولكنه أوضح بأن حماس ستعارض أي حل يقترح وضع قوات اجنبية غير فلسطينية في القطاع، وأضاف بأن هدف حماس هو التوصل الى اتفاق على بنية جديدة لـ م.ت.ف “على أساس التعاون بين جميع الفصائل الفلسطينية”، بما في ذلك بالطبع حماس والجهاد الإسلامي. أي أن حماس لا تنوي حل نفسها كاطار تنظيمي، ناهيك عن نزع سلاحها، “حتى إقامة دولة فلسطينية مستقلة”. في هذه القضية موقف حماس له وزن كبير في هذه الاثناء، لكن أيضا وضع قوة متعددة الجنسيات أو قوة عربية في القطاع، أو نقل غزة لسيادة مصر بشكل مؤقت، كما اقترح يئير لبيد، كل ذلك غير موجود الآن على الاجندة، وذلك بسبب معارضة مصر الشديدة. القيادة العسكرية في مصر تطالب بشدة بأن تنفذ إسرائيل كل بنود الاتفاق الذي وقع مع حماس. لا سيما البند المتعلق بانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا. مصادر في مصر اقتبست في موقع “العربي الجديد”، قالت بأن الجيش المصري يعارض أي تنازل مصري في هذه القضية.

مصدر دبلوماسي مصري سابق، مطلع على المزاج السائد في قصر الرئاسة قال أمس “قضية محور فيلادلفيا ليست فقط مسألة امنية تكتيكية أو مسألة تخرق اتفاق كامب ديفيد”، حسب قوله سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا توفر لها القوة للتقرير متى وهل تفتح الحدود بين غزة وشبه جزيرة سيناء، وهكذا تسمح لمئات آلاف الغزيين اجتياز الحدود والتركز في الأراضي المصرية. “النتيجة يمكن أن تكون كارثة”، أوضح المصدر. “لأن الجيش المصري يمكن أن يجد نفسه في وضع يجب عليه فيه اطلاق النار على المواطنين الهاربين لمنع دخولهم، والأخطر من ذلك هو الوصول الى مواجهة عسكرية مع القوات الإسرائيلية”.

نفس المصدر أضاف أيضا بأن التفسير الذي تم تقديمه في مصر لقرار إسرائيل وقف ادخال المساعدات الإنسانية هو أنه يستهدف ليس معاقبة حماس أو استخدام الضغط عليها لتشكيل خطة جديدة لاتفاق تبادل المخطوفين – بل من اجل تحويل طرد الغزيين من القطاع الى أمر ملموس. المساعدات الإنسانية كسوط يمكن اجبار بواسطته الدول العربية على طرح حل مقبول لمسألة استمرار تواجد حماس في القطاع

ولكن خلافا لتفسير مصر، الذي يعتبر تطبيق الاتفاق مع حماس ضمانة لوقف التهديد على مصر، يبدو أن إسرائيل لا تبحث عن حل اداري أو سياسي لقضية تواجد حماس في غزة. اذا حكمنا على الأمور حسب تصريحات رئيس الحكومة نتنياهو والوزراء فان هدف إسرائيل هو تدمير حماس وتخليد سيطرة إسرائيل في القطاع، “طالما كانت حاجة الى ذلك”. من هنا فان اقتراحات عربية لادارة القطاع بواسطة قوة عربية أو قوة متعددة الجنسيات، ناهيك بواسطة السلطة الفلسطينية، لا تعتبر جزء من خطة العمل التي تنوي إسرائيل تبنيها. حسب رأيها طالما أنها تحظى بالدعم الأمريكي الكامل لأي قرار تتخذه، بما في ذلك خرق اتفاق إعادة المخطوفين الذي تم التوصل اليه بضغط امريكي وحصل على وصفه بالانجاز المهم للرئيس ترامب، فانها تستطيع أن ترسم مسار المفاوضات مع حماس ومع دول الوساطة. هذا المسار يؤدي الى الهدف الاستراتيجي الذي تطمح اليه، حتى لو كان سيموت خلاله المزيد من المخطوفين أو أن احتمالية التطبيع مع السعودية ستدفن نهائيا

اطار زمني صارم

بناء على ذلك أيضا احتمالية تطبيق اقتراح مصر المؤقت الجديد الذي نشر عنه أمس، غير واعدة. فهو ينص على أن وقف اطلاق النار سيستمر لاسبوعين، فيهما سيتم تحرير مخطوفين أحياء واموات على دفعتين. مصر تتعهد بزيادة نشاطات الرقابة واحباط العمليات على طول محور فيلادلفيا (حسب الخطة التي اقترحها الامريكيون في السابق)، في نفس الوقت استئناف المفاوضات حول استكمال المرحلة الثانية في الصفقة. إسرائيل قامت بنفي وجود هذا الاقتراح المصري، أيضا ما سمي بخطة ويتكوف، التي تبناها نتنياهو – التي بحسبها نصف المخطوفين سيتم اطلاق سراحهم في اليوم الأول من تطبيق الخطة، وبعد ذلك اذا تم التوصل الى اتفاق حول وقف دائم لاطلاق النار سيتم اطلاق سراح باقي المخطوفين – سيصعب تنفيذها. حماس في الحقيقة رفضت الخطة، لكن حتى لو حماس وافقت عليها فان القسم الثاني فيها كان سيواجه عائق بسبب موقف إسرائيل الثابت والحازم الذي يعارض وقف اطلاق النار بشكل دائم. فعليا كانت ستبقي نصف المخطوفين في أسر حماس، مقابل الاتفاق القائم الذي تطبيقه، على الأقل نظريا، يمكن أن يعيد جميع المخطوفين الى بيوتهم.

على هذه الخلفية من غير الواضح ماذا سيحقق وقف المساعدات الإنسانية عدا عن استعراض للقوة. حماس التي لديها احتياطي كبير من البضائع التي خزنتها خلال وقف اطلاق النار، حيث دخلت في حينه الى القطاع 600 شاحنة غذاء ودواء كل يوم، يمكنها حسب التقديرات أن تصمد وتوفر احتياجات السكان لاسابيع، وربما لاشهر، وبالتأكيد ابعد من الفترة التي تم تحديدها لاستكمال المرحلة الثانية من المفاوضات. المعنى هو أن الجدول الزمني سيواصل تعريض حياة المخطوفين للخطر، في حين أن حماس يمكنها تنظيم نفسها والتمركز في القطاع بدون أن يتعين عليها تنفيذ دورها في الاتفاق الذي خرقته إسرائيل.

لكن هذه فترة زمنية حاسمة فيها إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها انتظار تأثير الضغط الإنساني على حماس. لا أحد يعد بأنه في هذه الفترة الزمنية لن تحدث تطورات دبلوماسية وسياسية تملي سلوكها. في الواقع لا توجد حاجة الى تعليق الآمال على القمة العربية، لكن يوجد للسعودية وزن ثقيل في رسم سياسة ترامب في الشرق الأوسط، سواء تم اختيارها من قبل ترامب لاستضافة المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا حول الحرب في أوكرانيا، أو لكونها ستكون الوسيطة بين الولايات المتحدة وايران. الرياض التي تعهدت باستثمار 600 مليار دولار في عهد ترامب في أمريكا، تبنت خطة مصر لادارة غزة، وهي من شأنها أن تشكل الدولة الرئيسية في الدفع قدما بحل اداري في القطاع من اجل منع استئناف الحرب.

ترامب اعطى إسرائيل يد حرة للعمل في غزة، لكن السعودية ملتزمة تجاه مصر والأردن بمنع تنفيذ خطة الترانسفير، وهو ما قد يؤدي اليها وقف المساعدات الإنسانية واستئناف الحرب. ولا يقل أهمية عن ذلك هو تعهد ويتكوف الشخصي باطلاق سراح جميع المخطوفين. وحتى الآن لم يصرح بصورة تدل على أن استئناف الحرب يمكن أن يدفع قدما بتحقيق هذا الهدف.

 

المنشورات ذات الصلة