عاجل:

الدول العربية تبلور موقفا موحدا تجاه خطة ترامب للترحيل (معاريف)

  • ١٤

فكرة الترحيل التي طرحها دونالد ترامب اصابت العالم العربي بالذهول، مع التشديد على مصر والأردن المرشحتين الاساسيتين، من ناحيته، لاستيعاب الفلسطينيين الذين سيجلون من غزة. فضلا عن التصريحات العربية التي ردت ردا باتا اقوال الرئيس الأمريكي وأعربت عن معارضة مطلقة لنقل الفلسطينيين من القطاع، بدأ تراكض دبلوماسي متفرع غايته بلورة موقف عربي موحد، كمنحى بديل لا يتضمن الترحيل. ومؤخرا انعقدت في الرياض قمة عربية ضيقة وبعدها تقررت قمة طواريء عربية في 4 اذار في القاهرة. 


إحساس الضغط في الدولتين المركزيتين اللتين ذكرا صراحة في واشنطن كان قاسيا على نحو خاص. فقد أجل الرئيس السيسي زيارته المخطط لها في واشنطن (معقول انه يفضل الوصول الى البيت الأبيض مزودا بموقف عربي موحد)، ونزعت وسائل الاعلام المصرية القفازات وانتقدت ترامب، وان كان بنبرة منضبطة. تجاه رئيس الوزراء نتنياهو كان النقد في مصر اكثر حدة بكثير. في القاهرة فوجئوا على ما يبدو بتصريحات السفير لايتر التي جاء فيها ان مصر تنفذ “خروقات جدية” في اتفاق السلام، مثلما في تقارير بهذه الروح أيضا في وسائل الاعلام الإسرائيلية. 


مشوق وشاذ بقدر لا يقل الايضاح الذي نشره جهاز الامن في إسرائيل بان المنشورات في الأسابيع الأخيرة في الشبكات الاجتماعية وفي وسائل الاعلام والتي تدعي بان الجيش المصري يستعد بقوات معززة في سيناء بشكل يخرق اتفاق السلام، ليست صحيحة. فالمنشورات التي تشير الى أن واشنطن كفيلة بان تستخدم المساعدات الاقتصادية لمصر كي تضغط عليها تعتبر كأمر من شأنه أن يضعضع الاستقرار في الدولة وحكم السيسي ويخدم الاخوان المسلمين. 


في الأردن الإحساس قاس بقدر لا يقل. وبالتأكيد بعد زيارة الملك الى واشنطن وتكرار ترامب علنا لافكار “الريفييرا الامريكية” في غزة. عمان تشعر بالاهانة، ولا سيما حين ابقى الملك في واشنطن على نبرة منضبطة ودبلوماسية افضل ما يستطيع. من ناحية المملكة الهاشمية فان أفكارا من هذا القبيل تشكل تهديدا وجوديا على الدولة. مروان معشر، وزير الخارجية الأردني سابقا وصف هذا جيدا في مقال بعنوان “على ترامب ان يعرف بان  تهديدات وجودية لن تؤدي الى صفقة”. 


اقوال ترامب في “فوكس نيوز” التي جاء فيها أنه يعتقد بان هذه “خطة جيدة”، ولكن “انا لن افرض هذا. انا ببساطة سأنتظر، واوصي بهذا”، كفيلة بان تبث رسالة مهدئة، لكنها بالتأكيد لم تخفف المخاوف في الدولتين.


كما أسلفنا، ليس واضحا بعد كيف سيصاغ الجواب العربي. من جملة تقارير وتقديرات يبدو أنه سيعرض خطة شاملة لاعمار غزة، دون أن تكون حاجة لاخلاء مسبق للسكان، في ظل إيجاد صيغة لا تتضمن بقاء حماس في الحكم. هذه النقطة تخلق صعوبة لا بأس بها في ضوء حقيقة أن حماس بقيت في المنطقة مع سيطرة وان كان نطاقها ليس واضحا لكنها بالتأكيد موجودة، وبالتالي ستكون حاجة لموافقتها. من جهة أخرى، لا تزال على حالها معارضة إسرائيل لادراج السلطة الفلسطينية في الحكم في غزة.


دولة أساسية في عملية بلورة الموقف العربي هي السعودية. السؤال هو كيف ستناور السعودية بين معارضتها للترحيل وواجبها تجاه “التضامن العربي والفلسطيني”، بخاصة حين يتركز هذا في المصالح الحيوية لدولتين عربيتين مركزيتين، هما مصر والأردن، وبين منظومة علاقاتها مع إدارة ترامب. تحظى الرياض بمكانة مركزية في واشنطن، جسدت جيدا في اختيار الرياض استضافة المحادثات الامريكية الروسية في موضوع الحرب في أوكرانيا (في وسائل الاعلام العربية كان هناك من شبه هذا اللقاء بمؤتمر يالطا في نهاية الحرب العالمية الثانية).  


ان أفكار ترامب حول الترحيل استقبلت بحماسة من جانب الحكومة في إسرائيل، وبالموافقة من جانب معظم محافل المعارضة. فضلا عن الإخفاق الأخلاقي الواضح، إسرائيل ملزمة بان تأخذ بالحسبان التداعيات الخطيرة على مصر والأردن. خطوات تعتبر كتهديد على مصالح حيوية أولى في درجتها، نهايتها خلق صدوع في الثقة وفي مدى ذخر اتفاقات السلام مع إسرائيل.

المنشورات ذات الصلة