كتب ناجي شربل وأحمد عز الدين:
من الرياض إلى القاهرة، سعى رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزف عون إلى تكريس حضور الدولة اللبنانية عبر الموقع الرسمي الأول فيها، في الميدان العربي، بعد غياب طويل بداعي الشغور الرئاسي بين 31 أكتوبر 2022 و9 يناير 2025.
وقد عمل رئيس الجمهورية على خطين، أولهما التواصل مع الأشقاء العرب وترميم ما انقطع من علاقات، بزيارة إلى المملكة العربية السعودية افتتح بها جولاته الخارجية بعد انتخابه. والثانية استعادة لبنان دوره العربي الريادي، وهو الذي قدم الكثير في سبيل القضية الفلسطينية، وتعب في المقابل من حروب الآخرين على أرضه، بحسب الموقف الرسمي الذي أبلغه الرئيس عون إلى رئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قاليباف في زيارته إلى لبنان مؤخرا.
وقد حرص الرئيس عون على تكريس الدور العربي الحاضن للبنان، في مقابل تأكيد سلطة الدولة اللبنانية وسيادتها على كامل أراضيها من دون شريك، وترجم من خلال تأليف حكومة الرئيس نواف سلام التي التزمت في بيانها الوزاري حصرية السلاح للدولة اللبنانية، وفقا لما جاء في خطاب القسم للرئيس عون يوم انتخابه في المجلس النيابي.
وأكدت المملكة العربية السعودية والجمهورية اللبنانية «أهمية تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة على الساحتين الإقليمية والدولية»، بحسب «وكالة الأنباء السعودية». كما أكدا «أهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، وبسط الدولة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، والتأكيد على الدور الوطني للجيش اللبناني، وأهمية دعمه، وضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية كافة».
جاء ذلك في بيان مشترك صدر في ختام زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية جوزف عون إلى المملكة، وعممته «وكالة الأنباء السعودية» ونقلته «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.
وكان رئيس الجمهورية وجه برقية لدى مغادرته الرياض إلى القاهرة، إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء السعودي، قال فيها: «صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية: يطيب لي وانا أغادر أجواء المملكة العربية السعودية الشقيقة ان اشكركم على الحفاوة التي لقيتها والوفد المرافق خلال زيارتي إلى الرياض، والتي تعكس عمق ما يربط لبنان بالمملكة من علاقات أخوية متجذرة عبر التاريخ. لقد أرست محادثاتنا الأسس الصلبة لمرحلة جديدة من العلاقات بين بلدينا الشقيقين، توافقنا على تفعيلها وتطويرها في المجالات كافة.
اني اذ أجدد شكري، اتمنى ان تنقلوا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عميق تقدير اللبنانيين لمواقفه التاريخية تجاه لبنان وشعبه، متطلعا إلى لقاء قريب مع سموكم لاستكمال البحث في المواضيع التي أثرناها خلال محادثاتنا».
هذا، وتبدأ ورشة الحكومة الإصلاحية بعد عودة الرئيس عون من القمة العربية، وسط ضغوط مزدوجة تتعرض لها الحكومة ومعها الدولة بشكل عام.
ضغوط داخلية وخارجية على أكثر من صعيد. ففي الشق الداخلي، وبحسب مصادر مطلعة، تحدثت إلى«الأنباء»، سيبادر نواب «حزب الله» إلى توجيه الانتقادات إلى الحكومة من باب استمرار انتهاك السيادة اللبنانية من قبل الجيش الاسرائيلي. وسيكررون الإشارة يوميا إلى ان صبر «الحزب» لن يدوم طويلا، وانه لا خيار عن المقاومة لحماية الوطن وسيادته.الا ان المصادر رأت ان الأمور لن تتخطى الاحتجاجات، انطلاقا من مواقف «الحزب» التي سبقت انتخاب رئيس الجمهورية وتسمية الرئيس نواف سلام لتشكيل الحكومة، وصولا إلى منح الحكومة الثقة كاملة من قبل نواب «الحزب».
وكانت مراجع لبنانية عبرت عن خشيتها من لجوء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى معالجة أزماته الداخلية، بالهروب إلى الأمام من خلال استئناف الحرب على لبنان. سواء الحرب المفتوحة التي توقفت في 27 نوفمبر 2024، أو من خلال توسيع الهجمات التي تقوم بها إسرائيل عبر الغارات التي تشمل معظم المناطق اللبنانية وآخرها مساء الاثنين في البقاع قرب الحدود مع سورية، بحجة ان «حزب الله» لا يلتزم بالاتفاق ويعيد بناء قوته جنوب الليطاني. وقد عمد الجيش الإسرائيلي عبر المسيرات، إلى توجيه تحذيرات إلى الأهالي باللغة العربية في قرى وبلدات حدودية عبر مكبرات الصوت في هذا السياق.
وتوقفت المراجع اللبنانية عند عجز حكومة نتنياهو عن إقناع المستوطنين بالعودة إلى الحدود الشمالية لإسرائيل، بذريعة غياب المنطقة العازلة على الحدود مع لبنان، على غرار ما تم في قطاع غزة وسورية. ورأت المراجع ان هذا الأمر دفع بوزير الدفاع الاسرائيلي والقيادة العسكرية إلى التهديد بفتح حرب على لبنان.