كتب ابراهيم ناصر الدين:
لولا بيان قيادة الجيش الحاسم حول الانتهاكات الاسرائيلية جنوبا، والتحذير من مخاطرها على الاستقرار والمنطقة، لظن اللبنانيون ان بلادهم تمر في حالة من الرخاء والاستقرار خصوصا ان الجلسة الحكومية بالامس لم تطرح الملف المتفجر من قريب او بعيد، كما لم تبصر التعيينات في جزئها الامني النور، كما كان يفترض، بعدما لم يكتمل التوافق على حسم اسم مدير عام الامن العام، فيما تم تبني موازنة 2025 كما اقرتها الحكومة السابقة وتم اصدارها بمرسوم، تتحضر بعض الجهات للطعن فيها. هذا الارباك في اخراج الموازنة الى النور دفع رئيس الحكومة نواف سلام الى تقديم تبريرات بعد الجلسة وتحدث عن تكليف وزير المال لمراجعة بعض الضرائب والرسوم، طالبا من اللبنانيين ان يحاسبوه على موازنة 2026. اما على الحدود الشرقية والشمالية فيبدو ان الامور تجاوزت مرحلة المناوشات اليومية ذات الطابع الطائفي لتتوسع الاشتباكات المسلحة في ريفي اللاذقية وطرطوس وتقترب من محيط مطار حميميم حيث تتمركز القوات الروسية، وسط غضب شعبي ترجم تظاهرات في المدن الساحلية اعتراضا على استهداف العلويين، فيما خرجت تظاهرات مناهضة للادارة السورية الجديدة في محافظة السويداء وسط انقسام درزي حيال كيفية التعامل مع الموقف المستجد من قبل اسرائيل التي اعلنت انها خصصت ملايين الدولارات لدروز سورية، وهو انقسام لم تسلم منه الطائفة في لبنان حيث يغرد الوزير السابق وئام وهاب خارج الاجماع الدرزي اللبناني.
وفيما تبلغت السلطات اللبنانية تحذيرات جدية من مصادر ديبلوماسية اوروبية حول ضرورة عدم اهمال الوضع على الحدود مع سورية في ظل عدم وضوح الصورة هناك، تبدو من اجواء الجلسة الحكومية امس ان الاصلاحات هي الهاجس والاولوية لدى الحكومة للحصول على المساعدات الخارجية. وقد تم تاجيل التعيينات الامنية الى الاسبوع المقبل، وفيما لم يتم بعد التوافق على اسم المدير العام للامن العام، علما ان رئيس مجلس النواب نبيه بري كان قد ابلغ ان الاسم الذي اقترحه لا مشكلة عليه، اما قيادة الجيش فقد تم التوافق على تعيين العميد ردولف هيكل على راسها.
ميدانيا أصيب عدد من الاشخاص، امس إثر اطلاق جيش العدو النار باتجاه أشخاص كانوا يجمعون الخردة بين بلدتي تل نحاس وبرج الملوك في قضاء مرجعيون، ما أدى إلى إصابة عدد منهم، وحلق الطيران الاستطلاعي والمسّير الاسرائيلي بشكل كثيف في أجواء القطاعين الغربي والاوسط، وصولا حتى مشارف مدينة صور والساحل البحري... وقد حذر الجيش اللبناني، الخميس، من أن إمعان إسرائيل في اعتداءاتها يهدد استقرار البلاد وينعكس سلبا على أمن المنطقة. وقالت قيادة الجيش، في بيان، إن «العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على سيادة لبنان برا وبحرا وجوا، وآخرها سلسلة عمليات استهداف لمواطنين في الجنوب و (منطقة) البقاع (شرق) إلى جانب استمرار احتلاله لأراض لبنانية، وخروقه المتمادية للحدود البرية». وأضافت محذرة: إمعان العدو الإسرائيلي في اعتداءاته يهدد استقرار لبنان، وينعكس سلبا على الاستقرار في المنطقة، كما يتنافى تماما مع اتفاق وقف إطلاق النار.
انتهاك السيادة
وفي انتهاك صلرخ للسيادة اللبنانية، افادت قناة «اي 24» الصهيونية بأن جيش العدو يستعد لإدخال مئات اليهود للصلاة في قبر الحاخام راب آشي الموجود جزء كبير منه داخل الأراضي اللبنانية، ويقع ضريح الحاخام آشي المزعوم على تلة الشيخ العباد اللبنانية، وكان الجيش الإسرائيلي منع اليهود المتدينين من الوصول إلى المنطقة في شباط الماضي لأسباب أمنية، قبل أن يتراجع عن ذلك. وقام اليهود المتدينون على مدى أسبوع بترميم الضريح، وأصر هؤلاء على الدخول إليه لممارسة الصلوات فيه، وقذفوا قوات الجيش بالحجارة، مما جعل الشرطة تعتقل بعضهم.
تهور حكومة نتانياهو
وفي سياق الانتقادات الداخلية لتوجهات رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، قالت صحيفة «هارتس» الصهيونية ان إسرائيل اصبحت تشبه شبكة السوبرماركت التي تدهورها إدارتها الفاشلة نحو الهاوية، ولكنها تواصل وتفتح المزيد من الفروع، وتبث أن كل شيء على ما يرام. وقالت ان « هذه الإدارة لن تسمح لـ “جهات معادية”، مثل لجنة تحقيق رسمية، بفحص سلوكها الذي استمر سنوات وتسبب بالضرر والدمار الأكثر فظاعة في تاريخ الدولة. هي تشير إلى “الإنجازات الكبيرة” التي حققتها، مثل تصفية قادة حزب الله وحماس، وشخصيات إيرانية رفيعة وعلماء إيرانيين، وكأن في ذلك ما يقلل الخسارة الخيالية التي حدثت تحت قيادتها. هذه الإدارة تواصل خرق الاتفاقات بشكل فظ، التي هي نفسها صاغتها ووقعت عليها، وكأنها كانت بطاقات لا قيمة لها».
اقرار يخرق وقف النار
واقرت الصحيفة بان «إسرائيل» خرقت اتفاق وقف إطلاق النار بدعم من أمريكا، وما زال الجيش الإسرائيلي يحتفظ بعدد من «المواقع الدفاعية» في لبنان. ومثلما في غزة، فمن غير المعروف متى ستنسحب إسرائيل من هناك. آلاف سكان الشمال يأملون العودة إلى روتين الحياة، وترميم بيوتهم وحقولهم والعودة إلى المدارس. ولكن الشعور بالأمن الذي وعدوا به يشبه ما حصل عليه حتى الآن سكان غلاف غزة.
مغامرات اسرائيلية
وخلصت «هآرتس» الى القول» إمبراطوريات أكبر وأقوى من إسرائيل سبق واستخلصت الدرس التاريخي الصعب: الوجود العسكري في المناطق المحتلة لا يعتبر ضمانة للأمن. اما حكومة إسرائيل فتطمح إلى الإثبات أن إمبراطوريات أكبر منها أخطأت، ومن المؤسف أن مواطنيها هم من يدفعون التكلفة.
قرارات حكومية
داخليا، جدد رئيس الجمهورية خلال ترؤسه اولى جلسات مجلس الوزراء غداة نيل الحكومة الثقة التأكيد على امتلاك مجلس الوزراء مرجعية القرار لا الاحزاب ولا الطوائف، مبشراً بامكان رفع الحظر عن سفر السعوديين الى لبنان وتسهيل تصدير المنتجات اللبنانية الى المملكة حالما تبتهما. علما ان زيارة حكومية موسعة مرتقبة بعد عيد الفطر. وقد عقد مجلس الوزراء امس جلسة في قصر بعبدا وأصدر جملة قرارات اهمها يتعلق بالاصلاحات والوضع المالي والتعيينات. واقر بمرسوم مشروع موازنة 2025. كما طلب من خمسة سفراء الاستمرار في تسيير اعمال سفاراتهم بعد 9 الجاري الى حين البت بأوضاعهم.
مرجعية القرار
خلال الجلسة، قال رئيس الجمهورية جوزيف عون «مجلس الوزراء يملك مرجعية القرار وليس الاحزاب ولا الطوائف ونحن هنا لاتخاذ القرارات وليس للتعطيل ونحن تحت انظار الجميع واتمنى على الوزراء الالتزام بسرية المداولات داخل الجلسة». اضاف: طلبتُ من ولي العهد السعودي العمل على رفع الحظر عن سفر السعوديين الى لبنان، وتسهيل تصدير المنتجات اللبنانية الى المملكة، والطلبان حالياً قيد الدرس وفق ما ورد في البيان المشترك الذي صدر بعد الزيارة.
ملف التعيينات
اما بعد الجلسة، فأعلن رئيس الحكومة نواف سلام، أنّ القرار اتّخذ بالعودة إلى عقد الجلسات في مكان مستقلّ تطبيقًا لاتفاق الطائف، موضحًا أنّه سوف يعلن عن المكان في الأسبوع المقبل.علما ان الاجراءات اللوجستية قد بدات للعودة الى المقر الحكومي في منطقة المتحف بعد عقدين على اقفاله. وفي ملف التعيينات اعلن سلام ان «تم الإتفاق على اعتماد آلية شفافة بشأنها كما تم البحث بلائحة تفصيلية للأمور المطلوبة من قبل كل وزارة وما هو المطلوب لتنفيذها». واضاف «إتفقنا على إعادة العمل بآلية شفافة للتعيينات الإدارية والهيئات الناظمة مع وزارة التنمية ومجلس الخدمة المدنية.
التمديد لسفراء
وخلال الجلسة، تم إقرار موازنة 2025 بمرسوم، وتم تكليف وزير المالية بإعداد مشروع خلال أسبوع لإعادة النظر بالرسوم الواردة في الموازنة. كما أقرّ مجلس الوزراء آلية تنفيذ الإصلاحات وفق الأولويّات. وقال وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي «نعمل على التشكيلات الديبلوماسية ونأمل أن تصدر قريبا وتم التمديد لـ6 سفراء ريثما يتم البت بوضعهم.
واشارت مصادر اطلعت على مداولات جلسة مجلس الوزراء في الشق المتصل بأوضاع السفراء من خارج الملاك في مراكز تتسم بأهمية خاصة في الخارج وهي السعودية، الامارات، بريطانيا، الجزائر وفنزويلا، ان ما اتفق عليه ليس تمديدا لهؤلاء، انما طُلب اليهم تسيير عمل السفارات لفترة موقتة والى حين البت باوضاعهم. وقالت لـ «المركزية» ان السفراء المشار اليهم يعتبرون مستقيلين اعتبارا من 9 الجاري، وتجنباً للفراغ في سفارات الدول المعينين فيها ونظراً لأهميتها، اتفق الرئيسان جوزاف عون ونواف سلام ووزير الخارجية يوسف رجي على تكليفهم تصريف اعمال سفاراتهم. واشارت الى ان الطلب لم يشمل سفير لبنان في فرنسا رامي عدوان كونه مستدعى ً لاسباب تأديبية.
اعفاء المتضررين
واعلن وزير الإعلام بول مرقص بعد إنتهاء الجلسة عن «إقرار مشروع قانون للمتضرّرين من الحرب الإسرائيلية لإعفائهم من بعض الضرائب والرسوم». وأضاف مرقص ان الموافقة تمت على تعيين 63 ضابط إختصاص في قوى الأمن الداخلي.
الانتخابات البلدية
من جهته، أعلن وزير الداخلية أحمد الحجار، أن «الانتخابات البلدية في موعدها ويمكن إجراؤها في الجنوب إما وفق «الميغا سنتر». أو في مراكز جاهزة في المناطق المتضرّرة.
غرق الشوارع
حياتيا، وغداة غرق الطرقات بالمياه امس الاول حابسة المواطنين في سياراتهم لساعات عند مداخل العاصمة، لفت وزير الأشغال العامة، فايز رسامني، إلى أنه عقد اجتماعًا صباح امس مع مديري الصيانة والطرق والمباني في الوزارة، إضافة إلى المتعهد المعني، للوقوف على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى غرق أوتوستراد سن الفيل – الدكوانة بالمياه يوم الأربعاء. وأكد رسامني، في حديث اذاعي، أن «التفتيش المركزي والجهات المعنية بدأت تحقيقًا دقيقًا ومفصلًا في الحادث لاتخاذ التدابير القانونية المناسبة». وأشار إلى الوضع المتردي للبنى التحتية الحيوية في لبنان، والتي تعاني من التدهور على مدار سنوات طويلة، مؤكداً أن «هذا الوضع يستدعي اتخاذ تدابير سريعة ومؤقتة، مثل الطلب من مجلس الوزراء تخصيص موازنة مالية عاجلة لبدء أعمال إعادة تأهيل البنى التحتية، بالإضافة إلى محاسبة المخالفين والمرتكبين.