عاجل:

مأزق السياحة في لبنان: ضرائب تقتل الحلم؟! (آراء حرة)

  • ٩١

عصام شلهوب

في زوايا المدن العتيقة، وعلى شرفات المقاهي المطلة على البحر، لطالما تنفّس لبنان عبق الحياة، واستقبل زوّاره بابتسامة الضيافة ودفء الشمس. لكن اليوم، تقف السياحة على أعتاب أزمة، تُثقلها ضرائب متزايدة، وتُحاصرها سياسات مالية لا تُبشّر بمواسم ذهبية كما كان يُرجى.

موازنة 2025، التي جاءت كصفعة أخرى في وجه اقتصادٍ مترنّح، لم تُراعِ أهمية السياحة كركيزة أساسية للدخل الوطني. فبينما كانت الفنادق تستعد لاستقبال ضيوف الصيف، وبينما كان أصحاب المطاعم يعقدون الأمل على موسم مزدحم، جاءت القرارات كريح عاتية، تقتلع الاستقرار من جذوره. زيادة ضريبة القيمة المضافة، رفع رسوم التراخيص، وفرض ضرائب على الأنشطة الترفيهية، كلها عوامل تجعل لبنان أقل جاذبية مقارنة بجيرانه الذين يقدمون خدمات أرخص بامتياز، رغم أنهم لا يملكون نصف سحره.

كيف يمكن للسائح أن يتحمل كلفة إقامة تُصبح خيالية مع الضرائب الجديدة؟ وكيف لمستثمر أن يغامر في بلدٍ كلما حاول الوقوف على قدميه، أتته السياسات بعبء جديد يُلقي به أرضًا؟ أكثر من 150 مؤسسة سياحية كانت تستعد لإعادة فتح أبوابها بعد سنوات من المعاناة، لكن مع هذه الأرقام القاتلة، قد يجد أصحابها أنفسهم أمام خيار وحيد: الإغلاق الأبدي.

كان يمكن للحكومة أن تبتكر حلولًا تُوازن بين تحسين الإيرادات وإنعاش السياحة، بدل أن تُحمّل قطاعًا حيويًا هذا العبء القاتل. أين الحوافز؟ أين خطط الدعم التي تعيد للبنان ألقه؟ كيف يُمكن لبلدٍ يعاني من نزيف اقتصادي أن يفرض مزيدًا من الضرائب بدل أن يخلق بيئة استثمارية جاذبة؟

في المقاهي التي كانت تضجّ بالحياة، صارت المقاعد فارغة. في الشوارع التي لطالما غصّت بالزوار، خفتت الأصوات. السياحة ليست مجرد قطاع اقتصادي، بل هي نبض لبنان وروحه، فكيف يمكن أن تُخنق بهذه القسوة؟

رغم كل هذا، لا يزال الأمل قائمًا، فلبنان الذي نجا من الحروب والأزمات، لن يُسقطه إجراءٌ مالي. قد تمرّ العاصفة، وقد يعود الوهج إلى بيروت وجبيل وصيدا والبترون، لكن إلى أن يحدث ذلك، ستظل العيون شاخصة بحذر، تترقب إن كان القرار السياسي سيتجه نحو الحلول، أم نحو مزيد من الأعباء التي تدفن الحلم اللبناني يومًا بعد يوم.

المنشورات ذات الصلة