تتزايد التعقيدات على وقع التدخلات الخارجية للوصاية الجديدة التي طبعت انطلاقة العهد الجديد وتشكيل حكومته الأولى. وفي ما يبدو استجابة للضغوط الخارجية في كل صغيرة وكبيرة، برزت الخلافات في ملف التعيينات، خصوصاً في المراكز الأمنية، وتحديداً تلك المحسوبة من حصة الطائفة الشيعية كالمديرية العامة للأمن العام، على وقع محاولات واشنطن والرياض إقصاء الثنائي حزب الله وحركة أمل عن أي دور في تسمية مرشحين لهذه المواقع. وقد بدا ذلك واضحاً من لقاء بعبدا الذي لم يستغرق أكثر من 20 دقيقة أمس، بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
ويأتي الاجتماع بعدَ عودة عون من زيارتَيه للرياض والقاهرة حيث شارك في القمة العربية الخاصة بالملف الفلسطيني. وهو كان قد أبلغ برّي بأنه سيلتقيه بعدَ عودته لوضعه في أجواء لقائه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان ولمناقشة بعض الملفات العالقة. وفُهِم يومها أن التعيينات خصوصاً في المواقع الشيعية تندرج في إطار هذه الملفات.
وكشفت مصادر متابعة أن «الساعات الأخيرة من الاتصالات والمساعي والمشاورات لم تصل إلى نتيجة إيجابية، وأن العقدة تتمثّل في موقع المدير العام للأمن العام». ورغم تأكيد مقرّبين من رئيس الجمهورية أنه «لا يرغب في أي صدام مع رئيس المجلس»، وحرصِ الطرفين على عدم إخراج هذا التباين إلى العلن، وتأكيدهما أن «المشاورات مستمرة»، قالت مصادر مطّلعة إن النقاش يدور حول 3 أسماء: العميد مرشد سليمان الذي يحظى بدعم الرئيس بري، والعميد محمد الأمين الذي سمّاه الرئيس عون، والعميد موسى كرنيب.
وتفيد المعلومات بأن استمرار الخلاف هو ما حال دون طرح ملف التعيينات على جلسة مجلس الوزراء أولَ أمس، تفادياً لخروج الخلاف إلى العلن. وقالت المصادر إن «هذا الكباش الخفي قد ينفجر في أي لحظة، خصوصاً أن مقاربة التعيينات في هذه المواقع، تجري وفق سياق لتشذيب حصة الثنائي في مواقع السلطة، خصوصاً تلكَ التي تدخل ضمن إطار العمل الأمني»، وفي ظل «ضغوط سياسية واقتصادية على الحكومة للبتّ في التعيينات واعتبارها جزءاً من الإصلاحات التي وُضعت كشرط لتقديم المساعدة للبنان.
وفيما غادر بري بعبدا من دون الإدلاء بأي تصريح، أعلنت رئاسة الجمهورية أن «الرئيس عون أطلع الرئيس بري على محادثاته في الرياض مع ولي العهد السعودي، واستعرض معه أجواء القمة العربية غير العادية التي عُقدت في القاهرة. كما تم بحث الأوضاع العامة والوضع في الجنوب».