في الشكل، يعيش المشهد السياسي اللبناني، العالق في مداري زيارتي رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الى المملكة العربية السعودية ومصر ومقررات جلسة مجلس الوزراء، هدوءا، وان مفتعلا، وسط غليان امواج المحيطين الاقليمي والدولي في ضوء ارتفاع منسوب التوتر والتهديد بين «اسرائيل» المدعومة من الادارة الاميركية وايران وحلفائها، في دليل الى المدى الممكن ان تتجه نحوه الاوضاع في ظل الدعم الاميركي اللامحدود لتل ابيب، الماضية في تحذيراتها وخروقاتها على كل المحاور وفي لبنان بشكل خاص من خلال الغارات التي تنفذها يومياً جنوباً وبقاعاً.
فالرئيس الاميركي الذي، منذ وصوله الى البيت الابيض، شغل العالم بقراراته ومواقفه، مستمر في الحفاظ على موقعه «كترند»، خصوصا في ظل موقفه الجديد من ايران، والذي احتل صدارة الاهتمام الديبلوماسي، مع ما له من تداعيات على منطقة الشرق الاوسط، والعالم، سواء ذهبت الامور الى الحل الديبلوماسي او العسكري.
تطورات ابقت العين على التحديات الماثلة جنوبا، والتي لم يكن ينقصها سوى دخول مئات المستوطنين المتطرفين بحماية جنود الاحتلال الى مقام ديني يهودي في تلة الشيخ العباد عند اطراف حولا واحداث تغيير في الخط الازرق، في مؤشر واضح لاستباحة السيادة اللبنانية، وحرية الحركة للاسرائيليين داخل الجنوب وصولا الى العمق اللبناني. انتهاك لم يقف عند اطراف حولا، وفقا لمصادر محلية، انما اضيف الى مجموعة من «المناطق العازلة»، على طريق كفركلا – العديسة، مزرعتي بسطرة والضهيرة الفوقا، قرب رأس الناقورة، وبين رميش وعيتا الشعب، حيث يتعرض كل من يقترب منها من المواطنين اللبنانيين الى اطلاق نار، هذا دون اغفال التوغلات البرية، وشن الغارات والاغتيالات وعمليات الاستطلاعات في العمق، وصولا الى البقاع، تزامنا مع تفعيل انذاراته في الجنوب من خلال لجنة الاشراف على تطبيق وقف اطلاق النار، عند رصد اي حركة يزعم انها مشبوهة.
وكان ليل امس، شهد على مدى نصف ساعة، اكثر من ثلاثين غارة، استهدفت عددا من القرى الجنوبية، جنوبي وشمالي نهر الليطاني، في اطار عملية ادرجها بعض الاعلام الاسرائيلي تحت عنوان «الضربة الاستباقية، بعد رصد «تحركات مشبوهة لتنفيذ عمل عسكري ما»، علما ان هذه المواقع بغالبيتها كان سبق وتم الاشتباه فيها ومداهمتها سابقا.
مصادر مقربة من حزب الله سخرت من الحجج الاسرائيلية، معتبرة ان «تصعيد العدو الاسرائيلي يؤكد استمرار الكيان في عدوانيته وعدم التزامه اتفاق وقف الاعمال العدوانية وقضمه اجزاء جديدة من الاراضي اللبنانية، ما يطرح التساؤلات حول دور لجنة الاشراف التي تكتفي بتأمين الغطاء والذرائع للاسرائيلي ليستهدف لبنان تمهيدا لاملاءات وشروط تتوافق مع مستجدات وتطورات تجري في سورية والمنطقة، «فالحكومة اللبنانية تكتفي بالتفرج وكأن ما يحصل خارج اراضيها، وهو أمر مؤسف يجب الاقلاع عنه فالسيادة والوطنية تبدأان من حدود الجنوب».
وختمت المصادر مستبعدة عودة الحرب جنوبا، على اعتبار أنه ليس هناك من طرف ثان يحارب، حيث لا الدولة ستحارب ولا الأمم المتحدة ستقف بوجهها، كما أن حزب الله سلم الأمر إلى الدولة، كاشفة ان اخطر ما يجري التحضير له، هو حرب جديدة ضد إيران، ومن هذا المنطلق تقوم «اسرائيل» بتحييد كل الأماكن التي يمكن أن تؤثر فيها في حال نشوب حرب واسعة، رغم ما أشار إليه رئيس الاركان الجديد من أن العام الحالي هو «عام حرب مع إيران ومع أطراف أخرى من الممكن أن تكون غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان»، حيث في النتيجة، الإسرائيلي يود تصفية ما يسميها «التوابع الإيرانية» من أجل التصدي لإيران بشكل أكثر ارتياحًا.