عاجل:

أيام رعب في اللاذقية وطرطوس: عودة «بالذبح جيناكم» (الأخبار)

  • ٣١

في ثلاثة أيام بلياليها مرّت على أهالي الساحل السوري من دون توقُّف للمجازر والانتهاكات التي يتعرّضون لها على أيدي فصائل مسلحة، وصفتها الحكومة السورية بـ«المنفلتة». ولم تستطع عائلات الضحايا في قرى ريف جبلة وبانياس، حتى تلك التي خرجت منها الفصائل، دفن جثامين أفرادها، في ظلّ استمرار المجازر، والمتزامنة أيضاً مع قصف مدفعي. ولفتت مصادر محلية إلى وجود مئات المفقودين في القرى والمدن، بعدما اقتادهم المسلحون إلى جهات مجهولة، مرجّحةً أنهم تعرّضوا لمجازر جماعية. كذلك، قال مصدر في بانياس إنه رصد عملية رمي جثامين في البحر.

ومنذ بدء شلال الدم، تلتحف عائلة أبو مهند، والتي تنحدر من قرية البهلولية، أشجار البراري بين الجبال، بعدما فرّ أفرادها من منزلهم، «خوفاً من التنكيل بهم، وحيث رائحة الموت في كل مكان». ويعيش أبناء الساحل ظروفاً لا إنسانية، في ظلّ انقطاع الكهرباء والمياه ضمن اللاذقية وبانياس، وبدء نفاد المؤن. أمّا العائلات التي هربت إلى الجبال والبراري، فليس لديها طعام أو مياه، ولا سقف يقيها القصف المدفعي الذي بات هاجساً يضاف إلى خشية هؤلاء من وصول الفصائل المتشدّدة إليهم.

واستباحت الفصائل المسلحة قرى ريف بانياس والقدموس بعد انسحابها من بانياس. وأكّد مصدر محلي في قرية حمام واصل، لـ«الأخبار»، أن القرية أُحرقت ونُهبت بالكامل، فيما عدد الناجين منها يكاد يُعدّ على أصابع اليد. وأشار المصدر إلى أن الهجوم على القرية بدأ مع دخول أرتال من آليات عسكرية وسيارات بيك آب، بالتزامن مع إطلاق نار عشوائي من الرشاشات. وفي هذه الأثناء، بدأت بعض العائلات الفرار في اتّجاه الجبل، فيما من بقي قُتل داخل منزله، بحسب المصدر الذي رجّح أن تكون الفصائل قد أحرقت المنازل بعد قتل مَن فيها، كما فعلت بعدد من المنازل والمحالّ في مدينة بانياس.

وقالت سالي، وهي ناجية من المجازر، لـ«الأخبار»، إن العناصر الذين اقتحموا منزلهم يتكلّمون لغة عربية فصيحة، ويبدو أنهم ليسوا سوريين، لافتةً إلى أن عناصر من الأمن العام السوري أخرجوهم من المكان الذي لجأوا إليه بعد اقتحام الفصائل المسلحة منزلهم. واستذكرت سالي، خلال حديثها إلى «الأخبار»، أول جملة قيلت لعائلتها لدى دخول المسلحين إلى المنزل: «بالذبح جيناكم». وتابعت: «سألوا العائلة بدايةً عن طائفتها، ثم عن وجود البنزين، والسبب، بحسب ما قال أحد العناصر، بلهجة غير سورية: كي نحرقكم». وبعد توسّل العائلة، اكتفى هؤلاء بسرقة سوار والدتها وبعض المال وقطع الأثاث من المنزل وهواتف محمولة، وغادروا وتوعّدوا بالعودة مساءً. وقالت: «نحن مدنيون عُزّل، لا سلاح لدينا ولسنا فلول النظام السابق، كل المجازر التي ارتُكبت هي بحقّ المدنيين».

من جهته، لفت الشاب محمد، وهو من حي العسالية في جبلة، إلى أن الفصائل المسلحة التي دخلت الحي كانت ترفع أعلاماً ورايات مختلفة، بعضها تشبه تلك التي يحملها تنظيم «داعش». وقال، في حديث إلى «الأخبار»، إن «الفصائل عمدت إلى قتل البشر والشجر وحرق كل شيء أمامها وسرقة المنازل والمحالّ والسيارات»، مشيراً إلى وجود مئات الجثث في الشوارع المنكّل بها بأبشع الطرق. وقالت نُعمة من قرية صنوبر، بدورها، لـ«الأخبار»، إن «كل رجال الضيعة تمّت إبادتهم بالكامل، لم يبق فيها سوى النساء ولا قدرة لهن على دفن جثامين أبنائهن».

ووفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فإن عدد ضحايا المجازر بلغ 1311 (بينهم 830 مدنياً)، فيما أكدت المصادر المحلية التي تواصلت معها «الأخبار» من مختلف قرى ومدن الساحل السوري على مدار ثلاثة أيام، أن الأعداد الحقيقية تتجاوز ذلك بكثير. وكان فريق من الأمم المتحدة دخل مساء إلى جبلة، وجال في أحيائها، من دون أن يلتقي مع أيّ من الأهالي فيها، بحسب ما أفاد به مصدر محلي في المدينة، تحدّثت إليه «الأخبار».


المنشورات ذات الصلة