عاجل:

أحداث الشمال السوري تهدّد لبنان.. ومشاورات عاجلة في مجلس الأمن (الجمهورية)

  • ٢٧

كان الاهتمام منصبّاً داخلياً على ملف التعيينات الامنية والادارية وعلى الوضع في الجنوب بتطوراته المتمثلة باستمرار الخرق الإسرائيلي لوقف اطلاق النار وعدم استكمال الانسحاب الى الحدود، لكنه تحول بين ليلة وضحاها الى الشمال السوري الذي يشهد ما يشبه التطهير العرقي على يد قوى النظام، بذريعة ملاحقة «فلول النظام» السابق، ما ادّى حتى الامس الى سقوط أكثر من 1000 قتيل غالبيتهم الساحقة من المدنيين العلويين ومن طوائف اخرى، وحصول موجة نزوح جديدة في اتجاه شمال لبنان ومناطق اخرى، وسط مخاوف من امتداد شرارة ما يجري الى الاراضي اللبنانية نظراً للوضع الامني الهش السائد على الحدود اللبنانية ـ السورية.

فيما كانت أنظار المسؤولين اللبنانيين تتركّز على تنظيم حملة ديبلوماسية مكثفة بهدف دفع إسرائيل إلى الوفاء بالتزاماتها الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها التي تصاعدت كماً ونوعاً، تحول الاهتمام في اليومين الماضيين إلى الأحداث التي شهدتها محافظتا طرطوس واللاذقية في الساحل السوري، والتي تخللتها حالة من التوتر الشديد تتخذ طابعاً سياسياً وطائفياً. ويتأثر لبنان بهذه الأحداث من خلال الزخم الذي تشهده حركة النزوح السوري من هذه المنطقة نحو لبنان. ولكن أيضاً بالاتهامات التي رماها بعض الموالين للحكم السوري الجديد لـ«حزب الله» بالتورط في هذه الأحداث إلى جانب من سمّوهم «فلول النظام السابق».

وهذا الاتهام خطر جداً وفق مصادر سياسية بارزة، لأنّه قد يفتح لبنان على تطورات لا أحد يعرف ما يمكن أن تقود إليه في سوريا. ولذلك، سارع «الحزب» يوم السبت إلى الإعلان في بيان صادر عن مكتب العلاقات الإعلامية فيه، أنّ «بعض الجهات دأب على الزج باسم «حزب الله» في ما يجري من أحداث في سوريا، وعلى اتهامه بأنّه طرف في ‏الصراع. وهو ينفي بشكل واضح وقاطع هذه الادعاءات، ويدعو وسائل الإعلام ‏إلى توخي الدقة في نقل الأخبار وعدم الانجرار وراء حملات التضليل التي تخدم أهدافاً سياسية وأجندات ‏خارجية مشبوهة».

مجلس الأمن

وقد ارتفعت الأصوات الدولية المندّدة بالمجازر ضدّ المدنيين في الساحل السوري. فأعلن نائب الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي، انّ «سلطات روسيا والولايات المتحدة طالبتا بعقد مشاورات عاجلة ومغلقة لمجلس الأمن الدولي بسبب العنف الموجّه ضدّ المدنيين في غرب سوريا». واشار الى «اننا نتوقع أن تخصص الرئاسة الدنماركية للمجلس وقتاً لها» في العاشرة صباح اليوم بتوقيت نيويورك.

ودان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو «مجازر تُرتكب بحق أقليات في سوريا». وحضّ السلطات الانتقالية على محاسبة المسؤولين عنها. واشار في بيان، الى أنّ «الولايات المتحدة تدين الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين، بمن فيهم الجهاديون الأجانب الذين قتلوا الناس في غرب سوريا في الأيام الأخيرة»، لافتاً الى انّ «الولايات المتحدة تقف مع الأقليات الدينية والإتنية في سوريا، بما في ذلك المجتمعات المسيحية والدرزية والعلوية والكردية، وتقدّم تعازيها بالضحايا ولأسرهم». وأضاف: «يجب على السلطات الانتقالية في سوريا محاسبة مرتكبي هذه المجازر بحق أقليات في سوريا».

واكّد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، انّ «الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين في سوريا غير مقبولة ويجب ضمان حماية السكان».

موقف إسرائيلي

وفي اسرائيل نفى رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي تصريحات نُسبت إليه أمس عن تبعية الأردن وسوريا، وأنّ دمشق ستكون جسراً للوصول للفرات والعراق وكردستان»، لافتاً الى انّ «الفيديو مفبرك وأطالب بحذفه فوراً».

وكان رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست أشار الى انّ «سوريا يجب أن تكون تابعة لنا تماماً مثل الأردن من دون قدرات عسكرية»، مؤكّداً اننا «لن نسمح بظهور قوة عسكرية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد». ورأى أنّ «دمشق يجب أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة وسنضمن دخولها تحت سيطرتنا»، معتبراً أنّ «سوريا هي جسرنا للوصول إلى الفرات وسوف نصل إلى العراق وكردستان في المستقبل»، بحسب ما نقلت عنه قناة «الجزيرة».

دول الجوار

وفي غضون ذلك، استضاف الأردن، امس، اجتماعاً لمجموعة دول جوار سوريا على مستوى وزراء الخارجية وقادة الجيوش ومديري المخابرات بمشاركة تركيا وسوريا والعراق ولبنان.

وفي ختام الاجتماع، دانت المجموعة «عدوان إسرائيل على سوريا ومحاولات تدخّلها في الشأن السوري»، مؤكّدة أنّ «العدوان الإسرائيلي على سوريا يشّكل خرقاً للقانون الدولي وتصعيداً يدفع لمزيد من الصراع». وطالبت «مجلس الأمن بوقف عدوان إسرائيل على سوريا وضمان انسحابها من كل الأراضي السورية». ودانت «كل المحاولات التي تستهدف أمن سوريا وسلمها وسيادتها».

وقال وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي في مؤتمر صحافي مشترك، إنّ «أمن سوريا واستقرارها جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة». واضاف: «الاجتماع أكّد الموقف الموحّد لمحاربة الإرهاب ومكافحة داعش، ندعم سوريا بما يحقق أمنها واستقرارها». ولفت إلى أنّ «إسرائيل تحاول خلق حالة من الفوضى وذرائع لتحقيق أهدافها بالمنطقة».

من جانبه، قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، «من المهم فتح حوار سوري يشمل جميع مكونات الشعب لتحقيق الاستقرار». وتابع: «محاربة داعش تتطلّب دعماً إقليمياً ودولياً، واستقرار العراق ينبع من استقرار سوريا».

وفي السياق، قال وزير الخارجية التركي حقّان فيدان، إنّ بلاده تدين سياسات إسرائيل التوسعية في سوريا. واضاف: «ندعم كل الخطوات لحفظ أرواح كل السوريين، يجب أن يبقى جميع مكونات الشعب السوري بعيداً عن إذكاء النعرات». وأكمل وزير الخارجية التركي: «نواصل مكافحة تنظيم داعش. واجتماعنا وضع خطة تشمل غرفة عمليات مشتركة لمواجهة الإرهاب».

أما وزير خارجية لبنان يوسف رجي فقال: «استقرار سوريا مهمّ لاستقرار لبنان، ولدينا ملفات لمعالجتها منها ترسيم الحدود وتهريب السلاح». بدوره، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني: «مستعدون للاستمرار في العمل المشترك من أجل مستقبل أفضل للمنطقة». واضاف: «نحمي كل مكونات الشعب السوري ولا نميز بينها ولن نسمح بتكرار مآسي الشعب السوري». واعتبر انّ «الحكومة السورية الجديدة هي الضامن للسلم الأهلي، لن نسمح لأي جهة أن تأخذ دور الدولة وكل من تورط في الانتهاكات سيحال للقضاء».

لجنة تحقيق

في هذه الأثناء أعلنت الرئاسة السورية تشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث السّاحل السّوري أُنيطت بها مهمّات «الكشف عن الأسباب والظّروف والملابسات الّتي أدّت إلى وقوع تلك الأحداث، التّحقيق في الانتهاكات الّتي تعرّض لها المدنيّون وتحديد المسؤولين عنها، التّحقيق فـي الاعتداءات على المؤسّسات العامّة ورجال الأمن والجيش وتحديد المسؤولين عنها؛ وإحالة من يثبت تورّطهم بارتكاب الجرائم والانتهاكات إلى القضاء». وشدّد على أنّه «يتعيّن على جميع الجهات الحكوميّة المعنيّة، التّعاون مع اللّجنة بما يلزم لإنجاز مهامها»، مشيرًا إلى أنّه «يحقّ للجنة الاستعانة بمن تراه مناسبًا لأداء مهامها، على أن ترفع تقريرها إلى رئاسة الجمهورية في مدّة أقصاها 30 يومًا من تاريخ صدور هذا القرار».

الشرع والفلول

وقال الرئيس السوري احمد الشرع في كلمة له مساء امس «إنّ سوريا تواجه خطر فلول النظام السابق، ولا خيار أمام الفلول سوى الاستسلام فوراً، وأنّ سوريا لن تنجرّ إلى حرب أهلية». وأوضح أنّه «لن يتمّ التسامح مع فلول النظام السابق، وسيُحاسب كل من تورط بدماء المدنيين». وأكّد «تجريم أي دعوة أو نداء يدعو للتدخّل بشؤون سوريا، أو أي دعوات لبث الفتنة»، مشدّداً على أنّه لن يسمح لأي قوى خارجية أن تجرّ سوريا إلى حرب أهلية. ولفت إلى أنّه «سيتمّ التواصل مع الأهالي في الساحل السوري للاستماع إليهم».

اليازجي

وتوجّه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس ​يوحنا العاشر يازجي​، خلال ترؤّسه قدّاس الأحد في دمشق، إلى الشرع​، قائلًا: «لقد باركنا لكم وهنّأناكم بانتصار الثّورة، وكذلك بتولّيكم منصب رئاسة الجمهوريّة. وأنتم الآن السيّد الأوّل ورئيس البلاد، ونريدكم رئيسًا على ​سوريا​ الواحدة الموحّدة بمناطقها وألوانها وأطيافها وعشائرها ومذاهبها كافّة». وشدّد على أنّ «الأحداث الدّامية الّتي تحصل في السّاحل السّوري، قد خلَّفت العديد من القتلى والجرحى من المدنيّين ومن قوّات الأمن العام. ولكن أولئك القتلى ليسوا جميعهم من فلول النّظام، بل إنّ أغلبيّتهم من المدنيّين الأبرياء والعزَّل ومن النّساء والأطفال».

واضاف اليازجي: «لقد أُجبر سكان بعض المناطق على مغادرة منازلهم، ثمّ تمَّ رميهم بالرّصاص وقتلهم، ومن ثمّ سرقة بيوتهم وممتلكاتهم وسيّاراتهم، كما حدث في بانياس- حي القصور مثلًا»، مبيّنًا أنّ «أيقونة السيّدة العذراء تُحطَّم وتُداس وتُنتهك حرمتها. وهي مريم العذراء الّتي يكرِّمها معنا جميع المسلمين، والّتي خصَّها القرآن الكريم بسورةٍ كاملةٍ «سورة مريم»، وذكر أنّ الله اصطفاها وجعلها أكرم نساء العالمين».

وتوجّه إلى الشّرع، بالقول: «ليس هذا هو خطابكم، وهذه الأعمال تتنافى ورؤيتكم لسوريا الجديدة بعد انتصار الثّورة. لذا، نداؤنا إليكم أن توقفوا بحكمتكم وجهودكم هذه المجازر، أوقفوها فورًا وأعطوا الشّعور بالأمان والاستقرار لجميع أبناء سوريا بكلّ أطيافهم».

وشدّد على أنّ «نداءنا إليكم أن تدفعوا باتجاه المصالحة الوطنيّة والسّلم الأهلي والتّعايش السّلمي واحترام الحرّيّات كقيمة عليا في المجتمع القائم على مبدأ المواطنة، كما تعلنون وتعبِّرون عن ذلك بشكل دائم. فلتسقط الطّائفيّة ويحيا الوطن، ولتحيا سوريا حرّة أبيَّة».

وقد اصدر البطاركة ورؤساء الكنائس في سوريا بياناً مشتركاً دانوا فيه بشدّة أي تعدّ يمسّ السلم الأهلي، واستنكروا ورفضوا المجازر التي تستهدف المواطنين الأبرياء، واكّدوا ضرورة وضع حدّ لهذه الأعمال المروعة التي تتنافى مع كل القيم الإنسانية والأخلاقية.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ حصيلة الخسائر البشرية في أحداث الساحل السوري حتى مساء السبت بلغت 1018 شخصاً، من بينهم 745 مدنياً تمّت تصفيتهم في مجازر طائفية وهم علويون ومسيحيون، فيما ارتُكبت مذبحة في مدينة بانياس بقتل المسلحين كاهن رعية كنيسة سيدة البشارة الخوري غريغوريوس بشارة مع افراد من عائلته.

قاسم

قال الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حديث لقناة «المنار» مساء امس انّ «اسرائيل لن تكتفي بما هي عليه، والمقاومة مستمرة في الميدان، ونحن مع بناء دولة قادرة وعادلة». واضاف: «اذا انعدمت المقاومة في لبنان فهل يبقى لبنان؟»، وقال: «عندما تصدّينا للانتخابات النيابية والبلدية والمشاركة في الحكومة تصدّينا لكي نمثّل الناس وتجربتنا رائدة». وتابع قاسم، «نحن الآن صابرون لأنّ الدولة مسؤولة ونحن أمام معادلات جديدة لن تترسّخ بطريقة «اسرائيلية»، وأكمل، «الهجمة السياسية علينا من قبل أميركا واسرائيل وبعض الأدوات في المنطقة ولبنان هي هجمة كبيرة جدًا جدًا». وقال: «لم يستقرّ وضع رئيس الحكومة نواف سلام ولكننا حريصون على التعاون معه، وأصل دخولنا الى الحكومة وإعطاء الثقة يعني أننا مددنا اليد للإيجابية، ونحن دخلنا الى الحكومة رغم كلام المبعوثة الأميركية». وأشار إلى أنَّ «أميركا تريد التدخّل في كلّ التعيينات، وليس من مصلحة لبنان أن يستمع لأيّة توجيهات أميركية واسرائيلية».

وعن العلاقة مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، قال قاسم: «هناك حرارة إيجابية، واخترنا الرئيس عون بالتوافق». وأكّد أنَّ «المعادلات الجديدة لن نتركها تترسّخ بطريقة «اسرائيلية» بل علينا ترسيخ معادلة تحمي مستقبلنا، وجماعة التطبيع سيدفعون أثمانًا أكثر». وقال: «نحن مع حصرية السلاح لقوى الأمن والجيش لضبط الأمن في لبنان». واعتبر انّ «اسرائيل خطر بكل المعايير ومن حق المقاومة أن تستمرّ ولا علاقة لها بإدارة الدولة سلاحها وحفظ الأمن، والإسناد لم يكن سبب الحرب على لبنان».

وأضاف: «الدولة مسؤولة عن إعادة الإعمار لأنّ اسرائيل اعتدت على مواطنين لبنانيين، ونحن لم نشنّ الحرب بل صدّيناها والإسناد ليس هو سبب الحرب، وعملية الإعمار هي جزء لا يتجزّأ من عملية الإصلاح والإنقاذ في البلد، على الحكومة أن تدرس بشكل دقيق كيف تقوم بعملية الإعمار بمواكبة مع خطوات الإصلاح والإنقاذ لتنهض بالبلد».

ووصف قاسم الرئيس الاميركي دونالد ترامب بأنّه «وحش يريد مصادرة العالم، وهو طاغوت ويعمل بطريقة وحشية ويرى العالم غابة»، محذّراً من انّ «الاعتداء على إيران له أثمان كبيرة جدًا وينعكس على المنطقة كلّها».

وقال، «من المبكّر القول الى أين تتّجه الأوضاع في سوريا، (...) وليس لنا تدخّل في سوريا ولا نستبعد تشكيل مقاومة ضدّ الاحتلال الاسرائيلي، ومؤشرات التقسيم في سوريا موجودة بقوّة». وتوجّه قاسم الى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي، قائلاً: «2000 خرق «اسرائيلي» حتى الآن وعلى وزير الخارجية أن يتحدث عن الخروقات الإسرائيلية، وهو يُعطي الذريعة لاسرائيل، ونحن لن نتوقّف عن المقاومة». وأضاف: «عندما توقّفنا يوم اتفاق وقف إطلاق النار توقّفنا مع قدرة موجودة، وكانت مراسلاتي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري متكررة وكنّا مهتمّين بوضعه في جوّ الجبهة».

وأكّد قاسم أنّ «المقاومة بخير ومستمرّة لكن جُرحت وتأذّت وبذلت تضحيات، أما من جهة الإسرائيلي فأكثر من 100 ألف مستوطن لم يعودوا حتى الآن الى الشمال». وشدّد على أنَّ «الاسرائيلي صاحب نظرة توسعية، وأنَّ إدخال الحاخامات على موقع العباد أكبر دليل على أننا أمام مشروع اسرائيلي كبير من المحيط الى الخليج». وقال: «لا علاقة لنا بأيّ اتفاق بين أميركا واسرائيل، والاتفاق أُعلن عبر وسائل الإعلام ولا يوجد بنود تحت الطاولة أو اتفاق سرّي وكلمة جنوب نهر الليطاني وردت فيه 5 مرّات، وهذا الاتفاق هو جزء من القرار 1701».


المنشورات ذات الصلة