عاجل:

الاختبار الداهم من سوريا… ماذا بعد الصمت؟ التعيينات الأمنية الخميس رهن توافق الرؤساء (النهار)

  • ٢٩

تصاعدت المخاوف في لبنان على المستويات الرسمية والأمنية والشعبية حيال انعكاسات الأحداث والتطورات الجارية في سوريا في ظل الأنباء عن مجازر مروعة شهدتها مناطق الساحل السوري منذرة باقتتال أهلي طائفي ولو أن آخر المعلومات تحدثت عن تراجع نسبي في الاشتعال الحاصل. ولعل ما زاد وتيرة المخاوف اللبنانية تمثّل في موجات النزوح الجديدة للسوريين الهاربين من جحيم الاقتتال الأهلي في الساحل السوري بحيث كانت مناطق عكار وجبل محسن في طرابلس مقصداً لألوف النازحين كما أن مناطق البقاع الشمالي “تأهلت” لتلقي دفعات مماثلة جديدة. وقدرت الأعداد الأولية للنازحين الذين وصلوا إلى عدد من البلدات العكارية وحدها بنحو عشرة آلاف نازح حتى البارحة. وبإزاء هذا الخطر الداهم الجديد بدا من المستغرب للكثير من الأوساط المعنية أن يلتزم كبار المسؤولين اللبنانيين الصمت المطبق فيما يفترض أن يرتب هذا التطور المثير للقلق استنفاراً على مختلف المستويات وخطة عاجلة لمنع تلقي لبنان كالعادة النتائج والتداعيات الأشدّ سلبية لمجريات التقلبات السورية. ذلك أن تداعيات الأحداث السورية عادت تثير المخاوف من تسرب تداعياتها الأمنية إلى لبنان إذ تتهم السلطات السورية الحالية “حزب الله” بالتورط مع فلول النظام الأسدي في الصراع. وأمس اتهم مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام السورية، علي الرفاعي، إيران و”حزب الله” بالوقوف وراء زعزعة الأمن في البلاد من خلال “فلول النظام السابق” وذلك تعليقاً على الاشتباكات الدامية التي وقعت بين القوات الأمنية وعدد من المسلحين الموالين للرئيس السوري السابق بشار الأسد، في الساحل السوري.

ولا يقف الأمر عند التطورات السورية وحدها إذ أن التصعيد الإسرائيلي في الجنوب وعبره بات يثير عوامل ريبة كبيرة في الأهداف التي ترمي إليها إسرائيل لجهة عرقلة وحشر السلطات اللبنانية في خانة الاستفزاز والإحراج في وقت لا تجد فيه المراجعات اللبنانية الضاغطة على الولايات المتحدة الأميركية أي استجابة مناسبة لردع التصعيد الإسرائيلي. ولذا ستكتسب الأيام الطالعة دلالات بارزة لجهة رصد ومعاينة كيف سيتصرف المسؤولون اللبنانيون في مواجهة التحدي المزدوج الذي دهم العهد والحكومة بعد شهرين فقط من انطلاقتهما وبدء مواجهة الأولويات والاستحقاقات الداخلية كالتعيينات وغيرها.

وفي سياق المعالجات الديبلوماسية للوضع التصعيدي على الحدود الجنوبية بدأت أمس المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت، زيارة إلى إسرائيل للقاء كبار المسؤولين الإسرائيليين. وستركّز المناقشات على تنفيذ تفاهم وقف الأعمال العدائية الذي تم التوصل إليه في 26 تشرين الثاني 2024، وقرار مجلس الأمن 1701.

وأفادت المعلومات أنه “تأكيداً لأهميّة تعزيز الأمن والاستقرار للسكان على جانبي الخط الأزرق، تواصل المنسّقة الخاصّة دعوتها لجميع الأطراف للحيلولة دون خلق أمر واقع جديد على الأرض، مشددةً على ضرورة المضي قدماً في تنفيذ الحلول التي نصّ عليها قرار مجلس الأمن رقم 1701″.

توافق… على المحك

أما في الوضع الداخلي، فنفت مصادر سياسية وثيقة الصلة بكل من قصر بعبدا وعين التينة وجود أي خلاف بين رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري حول ملف التعيينات. وأفادت مصادر عين التينة أن الدقائق العشرين التي أمضاها رئيس المجلس في بعبدا قبل أيام قليلة لا تعني أن الاجتماع كان قصيراً بسبب عدم التفاهم بين الرئيسين، بل على العكس تماماً كان استكمالاً للمشاورات الجارية سابقاً بينهما، وضرورياً لاستماع كل منهما إلى ما لديه من تحفظات أو ايجابيات حيال بعض اسماء القيادات الأمنية المطروحة، علماً أن الاجتماع لم يفض إلى معالجة التباينات حيال خيارات كل من الرجلين التي لا تزال على حالها، وتتطلب وفق المصادر المزيد من التشاور ومحاولات الإقناع.

ومن جانبه يشدد رئيس الحكومة نواف سلام على عدم اعتراضه على المشاورات الجارية حيال التعيينات لكنه يعمل على إعطاء صورة متقدمة وشفافة عن التعيينات المقبلة تختلف عن مقاربات الحكومات السابقة حيث يريد أن يكون للوزراء كلمتهم في هذه التعيينات وأنه من غير المنطق أن تمر سلتها بـ”خط عسكري”. واذا كانت التعيينات الأمنية غير محسومة بعد فإن الأمر نفسه ينطبق على المالية منها. وفي الجلسة الأخيرة بين سلام ووزير المال ياسين جابر لم يتم البحث في شكل نهائي في الاسماء المطروحة لتولي حاكمية مصرف لبنان.

ومن غير المستبعد أن تحسم التعيينات الأمنية والعسكرية في الجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء الخميس المقبل، ولكن على قاعدة التوافق بين الرؤساء قبل الجلسة، منعاً لتظهير أي خلافات على طاولة المجلس. وعلم أن المشكلة لا تزال تدور حول اسم المرشح لتولي مديرية الأمن العام، حيث يتمسك رئيس المجلس بمرشحه العميد مرشد سليمان في حين يفضل رئيس الجمهورية مدير المخابرات في البقاع العميد محمد الأمين. وتكشف المصادر أن التباين حول الاسمين لن يؤدي إلى مشكلة بل سيصار إلى تفاهم حول أحدهما قبل جلسة الخميس، علماً أن الاتفاق حول قيادة الجيش ومديرية قوى الامن الداخلي لم يبت بعد كذلك، رغم تقدم اسم العميد رودولف هيكل لقيادة الجيش على أي اسم آخر. ويبدو أن رئيس الجمهورية يصر على إتمام التعيينات الأمنية في الجلسة المقبلة للحكومة، نظراً إلى أولويتها، على أن يتبعها في جلسة لاحقة التعيينات المالية المتصلة بالحاكمية، لتنطلق بعدها التعيينات الإدارية، بالتوازي مع التشكيلات القضائية والديبلوماسية انطلاقاً من التفاهم بين الرؤساء، على أنه لن يكون ممكناً انجاز سلة متكاملة للتعيينات، بل على مراحل، وفق الآلية التي سيقرها مجلس الوزراء.

يشار إلى أنه على صعيد العلاقات اللبنانية- الأميركية أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عطلة نهاية الاسبوع أنه اختار ميشال عيسى ليكون سفيراً للولايات المتحدة لدى لبنان ووصفه بانه “رجل أعمال بارز وخبير مالي وزعيم يتمتع بمسيرة مهنية رائعة في مجال الخدمات المصرفية وريادة الأعمال والتجارة الدولية”. واعتبر كبير مستشاري ترامب للشؤون العربية والشرق الأوسط، مسعد بولس في حديث لـ”النهار” أن اختيار ميشال عيسى سفيراً أميركياً في بيروت يظهر مدى أهمية لبنان والجالية اللبنانية- الأميركية بالنسبة للرئيس ترامب، خاصة في ظل عقيدته الساعية إلى تحقيق السلام في المنطقة”. وقال بولس: “من المتوقع أن يتم الإعلان عن تعيين لبناني- أميركي آخر ليشغل منصب سفير الولايات المتحدة في إحدى الدول العربية. ومع تعيين توم باراك، سيكون هناك ما مجموعه ثلاثة سفراء من أصول لبنانية وسفير واحد من أصول يمنية في المنطقة”. ووصف بولس السفير المعيّن باأه “رجل محترم يتمتع بكفاءة عالية في المجال المصرفي وقيادة الأعمال. كما أنه من أشد الداعمين للرئيس ترامب، وسيخدم الولايات المتحدة بشرف وتميّز”. وتعود جذور عيسى إلى بلدة بسوس في قضاء عاليه. ووفق بولس، من المرجح أن يبدأ السفير الجديد بممارسة عمله في غضون ثلاثة أشهر تقريباً مكان السفيرة الحالية ليزا جونسون.

التصعيد الإسرائيلي

أما على الصعيد الميداني في الجنوب، فاستمرت أجواء التوتر والحذر تحكم مجمل الاجواء في المنطقة الحدودية. وأفادت هيئة البث الإسرائيلية، صباح أمس، أن “الجيش الإسرائيلي بدأ تمرينًا مفاجئًا لاختبار الجاهزية لعمليات التسلل في القواعد والمواقع في الشمال”.

وسجل ظهر أمس تحليق لمسيّرة اسرائيليّة في اجواء مدينة الهرمل على علو منخفض. وأفيد بعد الظهر عن استهداف الجيش الإسرائيلي أحد المواطنين في بلدة كفركلا برصاصتين، وتم نقله إلى مستشفى مرجعيون الحكومي. وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن “أن إطلاق العدو الإسرائيلي النار على مواطن في بلدة كفركلا أدى إلى إصابته بجروح وحالته حرجة”. وكانت بلدة كفركلا شيعت أمس 24 شهيداً في موكب جماعي. ولاحقاً، أفيد بأن جندياً في الجيش اللبناني قد توفي جراء أزمة قلبية بعد أن اطلق الجيش الإسرائيلي النار على الناس خلال مشاركتهم بمراسم تشييع 24 شهيداً في بلدة كفركلا، وهو من بلدة زوطر.


المنشورات ذات الصلة