عاجل:

رغم جهود التنويع.. سعر النفط أبرز تحديات اقتصادات الخليج في 2025

  • ٤١

على الرغم من جهود الحكومات الخليجية الجارية على قدم وساق لتنويع الاقتصاد في معظم الدول، ما تزال إيرادات النفط تشكل نصيب الأسد من ميزانية هذه البلدان، ما يجعل سعر النفط وإنتاجه يمثلان العنصر الأساسي والأقوى تأثيرًا على أداء اقتصادات هذه الدول. 

يرى محللون أنه رغم معدلات النمو الجيدة التي تحققها اقتصادات دول الخليج مدعومةً بالإصلاحات الداخلية، والمبادرات التنموية، إلا أن سعر برميل النفط يُعد أبرز التحديات التي ستواجه دول الخليج في عام 2025، خاصة في ظل التراجع المستمر لأسعار الخام.

وفقدت أسعار النفط نحو 20% من أعلى مستوى سجلته في منتصف يناير الماضي، في ظل الضبايبة التي تخيم على مسار الاقتصاد العالمي، بعد قرارات الرئيس الأمريكي ترامب الخاصة بالتعريفات الجمركية، وخفض الإنفاق الفيدرالي، الأمر الذي يفرض مزيدًا من القتامة على التوقعات الاقتصادية لأكبر منتج ومستهلك للخام، كما ينذر بنشوب حرب رسوم جمركية عالمية.

تشمل العوامل الهبوطية أيضًا خطط “أوبك+” لزيادة الإنتاج، وضعف الطلب في الصين، أكبر مستهلك للخام في العالم، حيث طلبت بكين من المصافي الابتعاد عن صنع الوقود الأساسي مثل الديزل والبنزين، ووسط توقعات متباينة بشأن الإنتاج الأمريكي، يضاف إلى ذلك المخاوف الجيوسياسة.

ويجري تداول خام برنت القياسي حاليًا حول 56 دولارًا للبرميل، مقارنة مع سعر بلغ 75 دولارًا بداية العام الجاري.

في ظل هذه الضغوط على قطاع النفط، من المرجح أن تتأثر سلبًا معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج، وإن كان استمرار القطاعات غير النفطية في تحقيق نمو ملحوظ قد يخفف من وطأة هبوط أسعار الخام.

يقول  محلل شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “تي إس لامبارد” (TS Lombard)، حمزة جلال الكعود إن الطلب الصيني على النفط سيبدأ في التراجع تدريجيًا، مع تزايد الاعتماد على الطاقة البديلة خاصة مع تزايد استخدام وسائل النقل الكهربائية. 

ويبدي سكوت ليفرمور، كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط في “أكسفورد إيكونوميكس”، تفاؤله بشأن آفاق النمو في دول الخليج، متوقعًا أن تظل المنطقة من بين الأفضل أداءً اقتصاديًا على مستوى العالم، لكنه حذر من أن التخفيضات المحتملة في إنتاج النفط وتراجع الأسعار قد تؤثر على معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، لكن نمو القطاعات غير النفطية القوي قد يعوض ذلك.

أضاف أن الوضع المالي لدول الخليج لا يزال متينًا رغم الضغوط، وأن التضخم لا يزال معتدلًا مقارنة بالأسواق الأخرى، لكنه أشار إلى أن ارتفاع أسعار العقارات في بعض المدن الكبرى مثل الرياض ودبي قد يفرض ضغوطًا تضخمية محدودة.

واستبعد حدوث ركود اقتصادي في المنطقة، متوقعًا استمرار الأداء الإيجابي على مدار العام الجاري رغم التحديات التي تواجه أسواق النفط العالمية.  

يرى صندوق النقد الدولي أن اقتصادات منطقة الخليج تواجه مخاطر متوازنة في المدى القريب، مرجحًا أن تسجل اقتصادات منطقة الخليج بصفة عامة نموًا حقيقيًا بنسبة 3.5% في عام 2025، تسارعًا من نمو تقديري عند 1.4% في عام 2024، على أن يبلغ النمو الحقيقي 4.6% في السعودية و5.1% في الإمارات خلال 2025.

أما وكالة “فيتش” فتتوقع أن تتجاوز أسعار النفط في 2025 المستوى اللازم لتحقيق التعادل في ميزانيات معظم دول الخليج العربي، وذلك رغم توقعها تراجع سعر الخام بفعل تواضع نمو الطلب ووفرة المعروض العالمي. 

وخفضت الوكالة في تقرير لها توقعها لمتوسط سعر النفط في 2025 إلى 70 دولارًا للبرميل من تقدير سابق عند 80 دولارًا، لكنها أشارت إلى أن الإصلاح المالي والإنفاق الرأسمالي الكبير يعززان قدرة الدول الخليجية على استيعاب أسعار النفط المنخفضة.

حول مساهمة القطاع غير النفطي في اقتصادات الخليج، أوضح محلل شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “تي إس لامبارد” أن إيرادات المشاريع غير النفطية التي تم تدشينها مؤخرًا وخاصة في 2024، ستبدأ في التدفق خلال السنوات الثلاث المقبلة، متوقعًا نمو قطاع التعدين والمشتقات النفطية في السعودية خلال العام الجديد.

توقع صندوق النقد الدولي أن يستمر القطاع غير النفطي في دول الخليج خلال العامين الحالي والمقبل، في وتيرة النمو التي حققها في السنوات الأخيرة، ليكون قاطرة النمو في هذه الدول التي تسعى لتنويع اقتصاداتها بعيدًا عن النفط، متوقعًا أن يبلغ نمو القطاع غير النفطي في دول الخليج 3.7% العام الجاري، ليتسارع إلى 4% خلال العام المقبل. 

ويرجع الفضل في ذلك إلى كون استراتيجيات التنويع الاقتصادي في دول الخليج سارت بوتيرة “مقبولة أو مرتفعة نسبيًا، إذا ما قورنت بمعدل النمو العالمي”، وفقًا لأزعور على هامش الإعلان عن تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

المنشورات ذات الصلة