عاجل:

آلية دولية لصوغ استقرار سوريا الجديدة (معهد دراسات الأمن القومي)

  • ٣٢

كتب تشاك فرايليخ، جاليا ليندشتراوس وكارميت فالنسي في معهد دراسات الأمن القومي:


يظهر في سورية واقع جديد في أعقاب صعود النظام الإسلامي إلى سدة الحكم، ويخيّم الغموض على الطبيعة المستقبلية لهذا الواقع، لكن من المتوقع أن يشكل مخاطر وفرصاً لإسرائيل. لقد تم إخراج إيران من سورية، لكن من المتوقع أن تعمل على تجديد وجودها على أراضي الدولة؛ ومن المتوقع أن تلعب تركيا دوراً محورياً في تشكيل سورية الجديدة ــ وهو ما قد يؤدي إلى احتكاك سياسي وعسكري مع إسرائيل، وفي السيناريو الأسوأ، قد يؤدي إلى صراع عسكري. وفي الوقت نفسه، ربما تكون تركيا هي الطرف الإقليمي الوحيد المتورط في سورية بشكل مباشر، والذي يملك الدافع والقدرة على إرسال قوات برية للمساعدة في تشكيلها. ولذلك، من وجهة نظر إسرائيل، قد تلعب تركيا دوراً إيجابياً في تقليص، أو منع خطر اندلاع الأعمال العدائية بينها وبين النظام السوري الجديد، أو الميليشيات التابعة له، أو القوى الأُخرى في سورية.

بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية، أصبحت سورية دولة فاشلة ومفككة. ويسعى الأطراف المعنيون في المنطقة، وفي الساحة الدولية، بما فيهم إسرائيل، إلى تحقيق الاستقرار في سورية، ويدرك هؤلاء أن هذا يتطلب التعاون وكثيراً من الموارد، وتُشكل المصالح المشتركة أساساً للمبادرة المقترحة.

الفكرة المركزية


إنشاء آلية دولية بقيادة الولايات المتحدة، وبمشاركة تركيا ودول الخليج (السعودية والإمارات وقطر) ومصر والأردن، ومجموعة الدول الثلاث - فرنسا وألمانيا وبريطانيا - ودول غربية أُخرى، والأمم المتحدة، وأيّ دولة أُخرى، بما فيها روسيا، ترغب في اعتماد المبادئ الأساسية (الشروط المرجعية) للآلية المقترحة أدناه لصوغ الاستقرار في سورية.

ويجب التشديد على أن التدخل الإسرائيلي في الآلية المقترحة سيؤدي، على ما يبدو، إلى فشلها مسبقاً. ولذلك، من المهم أن تكتفي إسرائيل بطرح الفكرة على الإدارة الأميركية واتخاذ الإجراءات للعمل معها لضمان مصالحها الحيوية.

أهداف المبادرة


تهدف السياسة المقترحة إلى تحقيق عدد من الأهداف المهمة للأمن القومي الإسرائيلي:

استقرار سورية والتقليل من مخاطر الاحتكاك العسكري بينها وبين إسرائيل.

 الاستفادة القصوى من التدخل التركي في سورية والتقليل من المخاطر على إسرائيل.

التقليل من مخاطر تجدُّد النفوذ الإيراني وإعادة تمركُزه في سورية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا يشكل ركيزة أساسية لتحرُّك واسع النطاق لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط في اليوم التالي للحرب المتعددة الجبهات ضد إسرائيل.

المبادئ الأساسية:


سورية مستقلة، ذات سيادة، وموحدة. نظام سوري معتدل يحترم حقوق الإنسان وجميع مواطني البلد، بغض النظر عن الدين، أو القومية، أو الجنس، مع صوغ حلّ متفّق عليه لحماية حقوق الأقليات.

الانتقال التدريجي إلى الحكم الديمقراطي، بما في ذلك إجراء الانتخابات، بوتيرة تتفق مع القدرات العملية لسورية.

منع إعادة تمركُز إيران وحزب الله في سورية.

سورية دولة مستقرة، سياسياً واقتصادياً، ولا تشكل تهديداً لأمن جيرانها، بما في ذلك حظر استضافة العناصر "الإرهابية" وتفكيك كلّ الأسلحة البيولوجية والكيميائية على أراضيها، تحت إشراف دولي.

الحفاظ على حدود آمنة ومتفَّق عليها مع جيران سورية: إسرائيل والأردن والعراق ولبنان.

انسحاب كافة القوات الأجنبية من سورية وحلّ كافة القوات العسكرية غير الحكومية، بوتيرة تتناسب مع عملية الاستقرار، بالتنسيق مع الشركاء في الآلية المقترحة، وبموافقة النظام.[1]

تعزيز وتنسيق إعادة البناء الاقتصادي في سورية، والعودة الآمنة، وإعادة توطين اللاجئين والنازحين السوريين الراغبين في ذلك، بمن فيهم أولئك الذين لجأوا إلى تركيا ولبنان والأردن ودول الاتحاد الأوروبي.

 ينتهي عمل الآلية الدولية بناءً على طلب من سورية.

بنية الآلية الدولية ووظائفها


سيتم إنشاء لجنة توجيهية عليا من جميع الأعضاء في آلية العمل الدولية لصوغ سياساتها، بقيادة الولايات المتحدة، وبالتنسيق مع الحكومة السورية، التي ستحتفظ بحق النقض لقراراتها. وستكون اللجان الفرعية المخصصة تابعة للجنة التوجيهية، وستعمل وفقاً لتقديراتها.

اللجان الفرعية ومَن يتولى رئاستها:

لجنة الإصلاح السياسي والقانوني - تترأسها الدول الأوروبية الثلاث فرنسا وألمانيا وبريطانيا

لجنة الأمن (بما في ذلك حلّ القوات العسكرية غير الحكومية) - تتولاها تركيا.

لجنة الترميم الاقتصادي – تترأسها المملكة العربية السعودية، أو الإمارات العربية المتحدة.

لجنة اللاجئين – تتولاها المملكة العربية السعودية، أو الإمارات العربية المتحدة.

لجنة الفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية – تتولى رئاستها الأمم المتحدة (قوة الأندوف [قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك]).

ويحقّ لكلّ الأعضاء الانضمام إلى اللجان الفرعية والمساهمة في نشاطاتها مثلما يريدون.

الفوائد لإسرائيل:


قد يزيد إنشاء الآلية وتنفيذ مهماتها في احتمالات إعادة إعمار سورية والمساهمة في سورية المستقبلية المعتدلة، التي لا تشكل تهديداً عسكرياً لإسرائيل، ولا منطقة تنطلق منها التهديدات تجاه إسرائيل.

الحد من طموحات تركيا وتحركاتها في إطار آلية دولية، بهدف الحد من تأثيرها السلبي في سورية، مع الاستفادة من مساهمتها الإيجابية المحتملة في المجال الأمني.

التقليل من خطر الصراع السياسي، وحتى العسكري، بين إسرائيل وتركيا بشأن القضية السورية.

تقليص النفوذ المستقبلي لإيران وحزب الله في سورية.

ضمان استمرار وجود منطقة عازلة بين إسرائيل وسورية، لكن فقط، في مقابل الانسحاب من المنطقة العازلة التي أنشأتها إسرائيل بعد انهيار نظام الأسد بأكملها، بما في ذلك جبل الشيخ.

السلبيات


من الممكن أن يتقدم بعض أعضاء الآلية بطلب إدراج قضية الجولان والقضية الفلسطينية ضمن المبادئ الأساسية للآلية. وهذا الاحتمال يتطلب تنسيقاً وثيقاً مع الولايات المتحدة لإحباطه، باعتبارها رئيسة الآلية.

الفوائد بالنسبة إلى سورية


الاعتراف (على الأقل بحكم الأمر الواقع) بالنظام الجديد ومصالحه.

ضمان سيادة واستقلال سورية.

خلق التزام دولي وإقليمي مستمر لتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار في سورية.

منح حق النقض تجاه الآلية الدولية، لكن مع بعض القيود على حرية العمل، نظراً إلى ضرورة التنسيق معها.

إقامة علاقات بين سورية والولايات المتحدة والدول الغربية.

استئناف العلاقات مع الدول العربية والعودة إلى العالم العربي.

الفوائد بالنسبة إلى تركيا


الاعتراف بمصالحها ودورها في سورية، بما في ذلك الدور العسكري.

تقاسُم العبء لتحقيق الاستقرار في سورية

عودة اللاجئين إلى سورية.

منع الاستقلال الكردي -السوري.

تقليص نفوذ إيران في سورية والمنطقة بشكل عام.

السلبيات


تراجُع حرية عمل تركيا، باعتبارها الطرف الأجنبي الرئيسي في سورية اليوم.

الفوائد بالنسبة إلى الدول العربية (السعودية، الإمارات، قطر، مصر، الأردن):


استقرار سورية.

تقليص الخطر الحقيقي المتمثل في التنافس بين مختلف دول الخليج في إطار جهود إعادة الإعمار في سورية.

الحد من ازدياد النفوذ التركي والقطري في سورية (وهذا يشكل ضرراً لهما)

 الحد من خطر تجدُّد الوجود والنفوذ الإيراني في سورية ومنعه.

 الضرر (بالنسبة إلى مصر والأردن): استقرار نظام إسلامي.

الفوائد للولايات المتحدة:


من شأن الآلية المقترحة أن تساعد في تعزيز التحرك الواسع لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط (تعزيز العناصر المعتدلة وإضعاف العناصر المزعزِعة للاستقرار)، مع نفوذ أميركي.

الحد من خطر اندلاع أزمة دولية، من شأنها أن تجعل من الصعب على الرئيس ترامب طرح قضايا ذات أهمية أكبر، في نظره.

إن تحقيق الاستقرار في سورية سيندرج ضمن الجهود الشاملة الساعية لزيادة الضغط على إيران واحتوائها.

إن استقرار سورية على أساس آلية دولية بقيادة الولايات المتحدة، من شأنه أن يمنح رئاسة ترامب إنجازاً في وقت مبكر من ولايتها، من دون الحاجة إلى استثمار موارد أميركية كبيرة.

التوصيات السياسية – إسرائيل


يجب البدء فوراً بالحوار مع إدارة ترامب، بهدف إقناعها بالعمل على إنشاء الآلية الدولية لتشكيل واستقرار سورية، أيضاً لأن الرئيس لا يولي أهمية كبيرة لسورية، وأجندته مخصصة بشكل أساسي للقضايا الداخلية، مع إعطاء القضايا الخارجية أولوية أكثر. ويجب التشديد على أن هذا المقترح يشكل ركيزة أساسية للعملية الاستراتيجية الشاملة التي يقودها الرئيس لتحقيق الاستقرار في المنطقة وإنشاء بنية أمنية إقليمية، واحتواء إيران وإضعافها، وتعزيز التطبيع السعودي - الإسرائيلي.

يجب النظر إلى الخطوة المقترحة، باعتبارها جزءاً من سياسة شاملة لاستقرار الساحة الشمالية، وبالتالي، يجب بذل محاولة لإقناع الإدارة بتوسيعها إلى لبنان، سواء كفكرة منفصلة، أو كآلية مشتركة لكلا الساحتين.

وفي الوقت نفسه، وبغضّ النظر عن ذلك، يجب البدء بحوار فوري وسرّي مع تركيا لتقليل احتمالات الاحتكاك بينها وبين إسرائيل في سورية، وفي هذا الإطار، إنشاء آلية/قناة لإزالة النزاع بين القدس وأنقرة.

__________

المنشورات ذات الصلة