يحشد الحزب «التقدمي الاشتراكي» قوته التجييرية الحزبية والشعبية والمناصرين في مختلف المناطق اللبنانية وعلى نحو كبير، عشية احيائه الذكرى الـ 48 لاغتيال مؤسسه كمال جنبلاط، على أساس انها هذه المرة محطة مفصلية ومتميزة عن سابقاتها.
ساحة قصر المختارة والشوارع المؤدية اليها امتلأت بالأعلام اللبنانية والحزبية، وباللافتات التي تحيي المناسبة وتحمل مواقف لصاحب الذكرى، مع صور عملاقة رفعت فوق الساحات.
ومن المتوقع بحسب المعلومات المتوافرة لـ «الأنباء» ان يعلن الرئيس السابق للحزب وليد جنبلاط موقفا متقدما بخصوص ملف اغتيال والده، والذي سبق واتهم به مرارا وعلنا النظام السوري المخلوع أيام الرئيس الأسبق حافظ الأسد، مسميا وقتذاك اللواء ابراهيم حويجي، والقول انه اشرف على تنفيذ الهجوم على سيارة والده على طريق بعقلين ـ ديردوريت (قضاء الشوف).
المعلومات التي تفاعلت معها التطبيقات الإعلامية كثيرا من ان الإدارة السورية الجديدة ألقت القبض على الحويجي، أثناء الاحداث التي حصلت أخيرا على الساحل السوري، جاءت متضاربة ودون تأكيد أو نفي رسمي لهذا الأمر.
جنبلاط الذي كان الاغتيال هاجسه طيلة تلك الاعوام وحمله نعش والده الذي شكل المنطلق لزعامته وارتداء عباءة الزعامة، يستطيع وحده طي الملف بحسب توقيته المناسب، وهو تلقى أخيرا بإيجابية كبيرة رسالة «أخوية» من رئيس مجلس النواب نبيه بري بالمناسبة تؤكد عمق العلاقة بينهما، ولجهة «تأكيد موقفكم الراسخ بالحفاظ على الانتماء العربي والإسلامي وحرصكم على أن تكونوا جزءا لا يتجزأ من الدولة، ان في سورية أو في لبنان والبقاء دوما إلى جانب فلسطين وقضيتها العادلة، وعدم الوقوع في فخ مخططات العدو، وهذا ما شكل ضمانته على الدوام دور وموقع وليد «بيك» جنبلاط، المؤتمن على هذا الإرث الكبير، وخيار أهلها الأوحد في الشرق المتنوع والمضطرب».
أما رسالة نائب وزير الخارجية الروسي لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، التي هدفت لإثبات موقع زعامته السياسية للدروز عموما مع روسيا خصوصا، فقد شددت على «تعزيز أواصر العلاقة مع المختارة»، مشيرا على نحو لافت إلى «استمرار تلك العلاقة مع وليد جنبلاط ونجله النائب تيمور، بصفتهما زعيمي الطائفة الدرزية الأبرز».
كلام بري وبوغدانوف شكلا دخولا مباشرا على الواقع الدرزي الذي تعيشه الطائفة راهنا، امتدادا إلى سورية، في ظل اضطراب العلاقات الدرزية ـ الدرزية التي تحكمها المواقف على مستوى البلدين.
وفيما أشيعت أجواء نقلتها تطبيقات إعلامية عن التوصل إلى شبه اتفاق ما بين الرئاسة الروحية المتمثلة بالشيخ حكمت الهجري ومجموعة من الشخصيات في محافظة السويداء مع الإدارة السورية الجديدة مشابهة لتلك التي حصلت مع «قسد»، عادت ونفت أوساط الهجري حصول أي اتفاق.
وفي هذا السياق، قالت مصادر قيادية في الحزب «التقدمي الاشتراكي» لـ «الأنباء» ان الزعيم الدرزي سيركز في محاور كلمته على هذا الموضوع، انطلاقا من موقفه الثابت في رفض أي مشروع إسرائيلي للرهان على التحالف مع الأقليات في المنطقة، أو لجهة إقامة دويلات طائفية ومذهبية، وان جنبلاط يراهن كثيرا على الوعي الدرزي في إدراك خطورة المشاريع التقسيمية المتجددة.
رسائل جنبلاط من خلال الحشد الشعبي الذي يعول عليه «التقدمي»، تأتي عشية الولوج رسميا في استحقاقات انتخابية، إحداها على الأبواب الانتخابات البلدية ولاحقا النيابية. ووسط الحالة المتعثرة درزيا، ستكون تلك الرسائل للداخل والخارج على حد سواء، وبما يتصل بحجم الزعامة الجنبلاطية، بعد العديد من المحطات السياسية والوطنية التي حصلت أخيرا، بحيث ستكون بمنزلة الانعكاس للمزاج الشعبي حيال التعاطي معها.
وعليه، تقول المصادر ذاتها ان «جنبلاط سيؤكد المؤكد بالنسبة اليه، حيال الموقع الذي يجب ان تكون عليه الطائفة عموما»، وما سيعلنه سيكون بمعزل عن رمزية واستدامة مناسبة ذكرى والده كمال جنبلاط، بعدما كان يواظب على احيائها سنويا على مدى 48 عاما بوجه نظام انتهى وزال.
مصادر سياسية محايدة تطرح السؤال، عما اذا كان السعي للحشد الشعبي والروحي عبر حضور مشايخ من الطائفة والجماهيري العام، سيكون الوقت المناسب لكي يعلن جنبلاط بنفسه طي الذكرى. وتصبح فكرة كمال جنبلاط مسارا ونهجا وطريقا حضاريا للأجيال، وتأكيدا جديدا على مصالحة الجبل الوطنية التي ختمت بدورها الجرح الذي رافق جزء منه حادثة الاغتيال بسقوط أبرياء من المسيحيين أيضا، بعدما اختار عنوانا أساسيا للمناسبة «صبرنا وصمدنا وانتصرنا».