عاجل:

لا تصغوا الى ادعاءآت المؤسسات المالية العالمية.. هكذا نحمي الودائع

  • ٧٥

كتب منير راشد رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية

تَخبٌط  أعضاء الحكومة يبدو جليا في معالجة الودائع. موقف رئيس الجمهورية كان واضحا جدا اذ اعلن في خطاب القسم " و عهدي ان لا أتهاون في حماية أموال المودعين". وتَعهد ايضا "بان يطعن بدستورية أي قانون يخالف أحكام الدستور". كما  وعد رئيس الحكومة  ان"ما يجب شطبه هو عبارة شطب الودائع" و ليس الودائع.

اما الوزراء المعنيون بالإصلاح يبدو انهم  يُبيتون نوايا مناقضة لتوصيات القيادات العليا. البعض في الحكومة (الاقتصاد و المال) يعتقد و يُروج  لافكار المؤسسات المالية الدولية  و هي ان المصارف  قبلت مخاطر مرتفعة عندما أقرضت مصرف لبنان و الدولة  وعليها  الآن دفع الثمن من أصولها وودائع المودعين لديها.

اولا-  المصارف لم تكن المُقرض الأكبر للدولة وكانت قروضها معلنة في الدين العام بالليرة و الدولار.

ثانيا - قروض المصارف لمصرف لبنان  بالدولار كانت دائما مخفية ومموهة ضمن  حساب ودائع المصارف لدى مصرف لبنان المعلنة  فقط  بقيمتها  الموازية بالليرة اللبنانية و حتى يومنا هذا. و هذه احدى الذنوب التي اقترفها مصرف لبنان ولا يزال. وهذا الاخفاء لم يخول المصارف معرفة  مدى تعرضها لمخاطر إقراض مصرف لبنان.

ولذلك، على الحكومة  عدم الاصغاء  ايضاً  لادعاءات  المؤسسات المالية العالمية  امثال  "ج. ب. مورغن" في تقريرها الأخير الصادر بتاريخ 4 شباط الماضي، وغيرها التي في الاساس لم  تنجز التقييم  الصحيح لاقتصاد لبنان و اشترت ما يقرب من 13 الى 15 مليار دولار من اليوروبوند . وتنادي هذه المؤسسات اليوم إلى ان لا مفر من  شطب الودائع  مقابل ديون الدولة  لتوفر لنفسها حصة أكبر من  ثروات الدولة من الذهب و غيره للتعويض عن خسائرها اولا.  

وتحاول هذه المؤسسات الموازاة بين سندات اليوروبوند و الودائع. و  لكن هناك فرق شاسع بين الاثنين،  الودائع  تنضوي تحت مظلة قانون النقد و التسليف  و تُؤمن الحماية لها من مصرف لبنان  والدولة. بينما  سندات اليوروبوند  يحميها فقط قضاء ولاية نيويورك.  ومن الغريب  ان البعض في الحكومة  الحالية  يعود الى تكرار الخطط  الفاشلة السابقة  المرفوضة من جميع الفئات و منها صندوق النقد الدولي،  فتعيد اقتراح انشاء "صناديق  استرداد" او " صناديق (عربات) ذات غرض خاص" وهمية .  كما وتحيي قرار التوقف  عن خدمة الدين و تصفه بالقرار الجريء. نعيد التذكير ان الخطط الفعالة  والعادلة تحافظ على الودائع بدلا من شطبها.

 ان البعض ايضا يستند الى خطة صندوق النقد الدولي  للحل التي اقترحت شطب معظم الودائع  بالدولار من ميزانيات المصارف و الحفاظ فقط على ودائع صغار المودعين بغض النظر عن ثرواتهم الاخرى.

صندوق النقد و بتوجيه من مجلس المدراء التنفيذيين فيه، عليه الحفاظ على سلامة  القروض (التسهيلات) المقدمة من الصندوق و الممولة من حصص الدول الاعضاء (الكوتا). الحرص على أموال  أعضاء صندوق النقد هو الهاجس الأول للصندوق وكذلك اموال المؤسسات المالية  الخاصة الدولية و ليس اموال المودعين في المصارف اللبنانية.

إن إعادة الجدولة للديون و تحقيق فائض أولي مالي لخدمة الدين هي الخطوة الأمثل لمعالجة الدين. و هذان ممكنان  في الوضع الحالي لاحتياطي مصرف لبنان واعتماد الإدارة الفعالة للسياسة المالية. لا يزال احتياطي  مصرف لبنان (من النقد الأجنبي والذهب)  من الاكبر عالميا  مما  يوفر السيولة المطلوبة  لمعالجة الازمة. 

ان التوقف عن خدمة الدين العام  ليس اجراءً جريئأً  كما يعتبر  البعض في الحكومة الحالية، بل هو ممن ادى الى تفاقم الازمة.

المنشورات ذات الصلة