خاص – "إيست نيوز" –
على الرغم من مرور 48 عاما على اغتيال الزعيم كمال جنبلاط في ظروف تعددت السيناريوهات بشأنها والتي تناولت تلك الجريمة في توقيتها وشكلها وما خلفته من ردات فعل، ليس من السهل استيعابها حتى اليوم وقد تجاوز بعضها مجموعة المبادرات التي اطلقها نجله وليد جنبلاط منذ ذلك التاريخ لمحو اثارها وخصوصا على مستوى العلاقات الدرزية مع مسيحيي الجبل الذين يتقاسمون معظم قراه دون غيرهم من الطوائف والمذاهب.
والى هذه الملاحظات التي لا بد منها لا يمكن تجاهل بعض المحطات التي استغلها نجله وليد جنبلاط، لطي تلك الصفحة السوداء فكانت تلك الوثيقة التاريخية التي وقعها مع الرئيس امين الجميل في العام 2000 قبل ان يتوج مبادراته مع زيارة البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير في 5 آب 2001 وما أحدثته من زلزال وطني أحيا من خلالها الحاجة الى مصالحة تاريخية لا يستطيع احد ان يتجاهل او يتجاوز مفاعيلها الايجابية التي تعززت في خطوات متلاحقة ما زالت قائمة حتى اليوم بعد ان ترجمتها خطوات مماثلة في ما سمي بـ "انتفاضة الاستقلال" في 14 آذار 2005 بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل ان تتحول نهجا انفتاحيا اعتمده الحزب التقدمي منذ ذلك التاريخ.
وبالعودة الى الذكرى الثامنة والأربعين لاغتياله، تحضر الذكرى هذا العام وكان الجريمة قد حصلت بالامس القريب، والدافع الى هذه الصورة المنتظرة حدثان كبيران:
- أولهما سقوط "نظام الأسدين" في دمشق في 8 كانون الأول العام الماضي وهو الذي حمله نجله وليد جنبلاط ومعه اللبنانيون من حلفائه وخصومه مسؤولية تلك الجريمة وإن كان لكل منهما دافع او سبب مختلف عن الآخر فدانه الاول ورغب الثاني بإعطاء تلك الجريمة طعما او مثالا آخر لكل من نازع او عارض ذلك النظام.
- وثانيهما الإعلان قبل ايام، وتحديدا في 6 آذار الجاري من دمشق ايضا عن اعتقال رئيس المخابرات الجوية السابق المتهم بالإشراف على اغتيال كمال جنبلاط اللواء إبراهيم حويجة وهو الذي كان بدوره وموقعه بطلا مسلسل السيناريوهات الامنية والقضائية والسياسية التي رافقت التحقيق في تلك الجريمة وتداعياتها.
وأمام هاتين المحطتين وجد الحزب التقدمي مناسبة لاعطاء الذكرى ما تستحقه من أهمية بالغة في ظل هذين الحدثين اللذين ايقظا في أذهان اللبنانيين وخصوصا محبي جنبلاط الأب تلك الجروح البليغة التي تركتها الجريمة في حينه. ولتتحول إلى مناسبة شعبية كما تم التخطيط لها بعد الحدث الاول وقد يسبق ابناء الجبل ومعهم قياديون من كل لبنان التحضيرات الاشتراكية للمناسبة وتقديم صورة غير مسبوقة. وإن كان الجبل قد عرف مثيلات لها في سنوات سابقة لكنها قد لا تكون بهذا الحجم المتوقع اليوم.
وفي كل الحالات فان ذكرى اغتيال كمال جنبلاط تحتفظ بطعم وطني اكبر مما يتصوره البعض، ولكن ما يجري على الساحة الدرزية السورية اليوم من سوابق لم يعرفها تاريخ المنطقة منذ أكثر من خمسين عاما. وقد يعطيها ابعادا اكبر بكثير، لان ما ستشهده المختارة سيشكل رسالة واضحة الى كل من يعنيه الأمر وسيزيد من وضوح هذه الرسالة ما سيطلقه وليد جنبلاط من مواقف بما هو متوقع من اشارات لما تتعرض له الساحة الدرزية في سوريا ولبنان من مؤامرات تورط فيها دروز اسرائيل من أصدقاء رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو ، وبعض من رموز دروز سوريا مع احتساب دور صغير لبعض دروز لبنان وإن كانت لا تقاس باحجام الاخرى في أي وجه من وجوهها.