عاجل:

إدارة ترمب تُسكت "صوت أميركا"... ومصير مجهول للإعلاميين العرب في "الحرة"

  • ٤١

في يوم وصف إعلامياً بـ"الأسود"، قررت إدارة الرئيس دونالد ترمب السبت الماضي وضع نحو 1300 موظف في "فويس أوف أميركا" VOA في إجازة إدارية، كما أعلنت إلغاء تمويل المؤسسات الشقيقة مثل "راديو أوروبا الحرة" و"راديو الحرية" و"راديو آسيا الحرة"، وشبكة إرسال الشرق الأوسط التي تشرف على قناة "الحرة" وجميع منتجاتها الرقمية ومنصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

هذه المؤسسات تقع جميعاً تحت إشراف وكالة الإعلام الأميركية العالمية USAGM، وتعود أقدمها إلى أكثر من ثمانين عاماً، وهي مخصصة للتوجه إلى شعوب بلاد وقارات أخرى. وبينما كانت مواجهة النازية سبباً في نشوء VOA، فإن القرار بإنشاء قناة عربية اتخذ في عهد الرئيس جورج بوش الابن بعد 11 أيلول / سبتمبر وحرب العراق، في محاولة لحجز مكان لوجهة النظر الأميركية في سوق مزدحمة حينها بالقنوات الناطقة بالعربية، كل بأجندتها.

"السبت الأسود" جاء بعد قرار تنفيذي وقعه ترامب الجمعة بالتقليص إلى الحد الأدنى أو إلغاء عديد من الوكالات الفيدرالية، منها وكالة الإعلام التي عليها وقف كل النشاطات غير المفروضة بقانون. ووقعت قرارات إلغاء التمويل مستشارة ترامب كاري لايك التي عيّنها مشرفة على الوكالة.

القرار لم يكن صادماً في ظل توجّه واضح لدى ترمب وماسك، وصولاً إلى كيري، بالتسويق بأنّ لا لزوم لهذه الوسائل الإعلامية لأن لا أحد يستمع إليها بحسب ماسك، أو لأنها باب هائل لإهدار أموال دافع الضرائب الأميركي بحسب لايك. والجميع كانوا ينتظرون الساعة الصفر،

ومن هؤلاء مئات من إعلاميي شبكة "MBN" ("الحرة") وموظفيها الذين هم بغالبيتهم من أصول عربية من كل الجنسيات، يتوزعون بين من يحمل الجنسية الأميركية وبين حاملي الإقامة الدائمة، إضافة إلى عشرات من الذين استقدمتهم المؤسسة في السنوات الأخيرة من وراء المحيطات، على أمل الحصول على بطاقة دائمة من خلال عملهم، ليتفاجأوا بعراقيل لا تنتهي حالت دون تحويل التأشيرة التي انضموا بواسطتها للمؤسسة إلى إقامة دائمة، في عرف مستمر منذ إنشاء "الحرة" سمح لآلاف الموظفين وعائلاتهم بالحصول على الجنسية خلال العقدين الفائتين. 

وإضافة إلى الموظفين في المقر الرئيسي في سبرينغفيلد في ولاية فيرجينيا، ثمة موظفو المكاتب الخارجية وأكبرها في دبي في الإمارات العربية المتحدة.

موظفو "الحرة" ارتاحوا بعض الشيء الجمعة، إلى موافقة الكونغرس على التمويل لبقية السنة المالية التي تنتهي في أيلول / سبتمبر المقبل، ليستيقظوا على "السبت الأسود" يحلّ بزملائهم في المؤسسات الشقيقة، ولتصلهم صباح الأحد رسالة داخلية على بريدهم الإلكتروني تطرح مستقبلهم ومستقبل مؤسستهم في المجهول.

بدأ المدير التنفيذي لـ MBN جيفري غدمن رسالته بالتعبير عن قلقه وإحباطه الشديدين بعدما أخبرته لايك "أننا لم نعد نستحق التمويل". ووصف غدمن الأمر بـ"المحيّر"، وقال إنه لن يتوقف عن النضال من أجل "شبكة إرسال الشرق الأوسط" ودافع الضرائب الأميركي الفخور بها والتي وصفها بـأنها "شوكة في خاصرة خصوم أميركا".

وقال غدمن: "نحن الشبكة الإخبارية الوحيدة باللغة العربية الممولة من الولايات المتحدة، وميزانيتنا الكلية تكلّف أقل من (ثَمَن) طائرتي أباتشي". وفي رد على الاتهام بالإهدار، ذكر بأنّ الشبكة في أيلول الماضي "أغلقت مكاتب وأنهت توظيف نحو 200 شخص، وقلّصت القوة العاملة بنسبة 25 في المئة، ووفرت عشرين مليون دولار، وبعد أشهر قليلة فرضت تجميداً للسفر واقتناء المعدات والتوظيف الجديد وزيادات الأجور والترقيات". 

وأعلن أن قرار لايك المحيّر والمضلّل كان ضربة للشعوب المحبة للحرية حول العالم، وأنها رفضت مقابلته كما أنها لم تقم بزيارة المقر الرئيسي للمؤسسة.

"مستقبل شبكة إرسال الشرق الأوسط في خطر". أكثر الاستنتاجات اختصاراً ووضوحاً في رسالة المدير التنفيذي الذي لم يقل ما الخطوة التالية التي ستتخذها إدارة الشبكة والمؤسسات الشقيقة لمواجهة هذا القطع المفاجئ للتمويل، وإن كانت ستلجأ على الأرجح إلى القضاء للبت في منع تمويل وافق عليه الكونغرس.

وكما المؤسسة، فإنّ مستقبل موظفيها العرب في خطر. حاملو الجنسية الأميركية أو "الغرين كارد" منهم سيجدون سوقاً ضيقة بشدة لمن له خبراتهم في العاصمة واشنطن. من يواجه معضلة فعلية هم عشرات من الذين جاؤوا مع عائلاتهم في السنوات الأخيرة وبدأوا بالتأسيس لحياة هنا، وقد عجزت المؤسسة عن تأمين إقامة دائمة لهم. هؤلاء لا يدرون أي مسلك قانوني يمكنهم اللجوء إليه إذا ما أطفأت المؤسسة أنوارها، فعقد العمل الذي يعملون على أساسه فيها ما أن تنتهي صلاحيته حتى تبدأ مهلة الشهر التي عليهم بعدها مغادرة أميركا مع عائلاتهم، وإلا صاروا مقيمين غير شرعيين. (النهار)


المنشورات ذات الصلة