خاص – "ايست نيوز"
تصدرت الأحداث الدموية التي شهدتها بلدة "حوش السيد علي" على الحدود الشرقية – الشمالية بين لبنان وسوريا مقدمات نشرات الأخبار الرئيسية واهتمامات الأعلاميين على مدى الايام الاخيرة بحثاً عن مجموعة من الحقائق المتوفرة واخرى ما زالت مخفية على كثيرين ممن أجروا مقاربة لما جرى بعدما تعددت المعالجات السياسية والديبلوماسية قبل ان تتحول المشكلة لتكون في عهدة وزارتي الدفاع وجيشي البلدين في لبنان وسوريا.
وقبل الدخول في فصول من مسلسل المعالجات الجارية لوقف العمليات العسكرية فيها كانت البلدة محط انظار المهربين من جانبي البلدين في مرحلة شهدت ضمورا في اعقاب سقوط نظام الاسد مطلع كانون الاول من العام الماضي بعدما تغير المحيط الامني السوري وفقدان دوريات الهجانة السوريين ومعهم ضباط وافراد من "الفرقة الرابعة" في المنطقة من رعاة هذه الشبكات والتي حولت البلدة ومناطق متاخمة لها من يمينها وشمالها معابر غير شرعية لكل ما يراد نقله من الاسلحة والممنوعات.
وكما بات معروفا فقد اهتزت العلاقات بين هذه المجموعات من لبنانية وسورية وارتفعت موجة التصعيد بعد احداث الساحل السوري وما رافقها من مجازر بحق المدنيين واقتتال لم تتمكن السلطات السورية الناشئة من تطويقها بالسرعة التي كان يمكن ان تضمن منع ما زهق من ارواح بريئة من المدنيين السوريين وازدياد موجات التهجير الى المناطق اللبنانية المجاورة للحدود.
وبعيدا من هذه التفاصييل فقد ادى اشتباك بين مجموعة من المهربين واللصوص الى مقتل ثلاثة سوريين لم تعطي السلطات السورية تاكيدا على هوياتهم. فبعدما قيل انهم من الجيش السوري الناشىء قيل انهم من اللصوص والمهربين الذين كانوا ينوون السرقة وقد ادى مقتلهم الى اعمال عنف متبادلة ادت في نتيجتها بعد ثلاثة ايام الى اكثر من 7 شهداء من اللبنانيين وحوالى 70 قتيلا سوريا من مختلف الاطراف مهربين وعسكريين من فصائل الجيش الجديد لكنها ادت الى تدمير كامل لعشرات المنازل والمنشآت في المنطقة قبل التوصل بين وزيري الخارجية في البلدين ومنهما الى عهدة وزيري الدفاع.
وعليه قالت مصادر المعلومات ان ما سبق هذه الخطوة ان اعطى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون توجيهاته الى وزير الخارجية يوسف رجي الذي كان يشارك في اعمال مؤتمر بروكسل الخاص بالازمة السورية لاجراء اللازم من الاتصالات بنظيره السوري اسعد الشيباني. وقالت معلومات رسمية انهما "بحثا التطورات الحاصلة على الحدود اللبنانية - السورية وجرى الاتفاق على متابعة الاتصالات بما يضمن سيادة الدولتين ويحول دون تدهور الأوضاع".
وفي المعلومات التي في حوزة "ايست نيوز" ان الوزير رجي ابلغ نظيره السوري بخطورة ما يجري وانه لا بد من القيام باي عمل مشترك لوقف ما يجري هناك باسرع وقت ممكن وضرورة احترام الحدود بين البلدين وعدم القبول باي توغل. فرد عليه الشيباني بالمثل مؤكدا بانه ليس هناك اي توجه للمس بسيادة الاراضي اللبنانية وانه لا يجوز ان تتطور الامور الى اي مواجهة لبنانية - سورية محملا المسؤولية لمسلحي "حزب الله" فرد عليه رجي بمضمون البيان الصادر عن "حزب الله" بعدم علاقته بما يجري وان المشاركين في الاشتباكات هم من اهالي المنطقة.
ومع اعترافهما المتبادل بخطورة الوضع وصعوبة معالجة ما كان سائدا من فلتان في المنطقة اتفقا على نقل الملف الى وزيري الدفاع في البلدين واعطى رجي نظيره السوري المهندس مرهف ابو قصرة رقم هاتف وزير الدفاع اللبناني اللواء ميشال منسا للتواصل بينهما وترتيب الوضع باسرع وقت ممكن، وهو ما حصل بفارق وقت قصير كان التواصل قد تم بين الوزيرين.
وبناء على ما تقدم اتفق الوزيران منسا وابو قصرة على وقف فوري لاطلاق النار على ان تنتقل المنطقة المتوترة الى عهدة جيشي البلدين وقطع دابر اي مسلح غير شرعي من الجانبين وهو ما تحقق قبل ان تتفلت الامور بين الفينة والاخرى لتتكشف النتائج في العثور على مخزن ذخيرة نسب الى "حزب الله" يحتوي على اطنان من القذائف المدفعة والقاذفات الصاروخية والمختلفة. كما انتهت المواجهات في حصيلتها الاولية تدميرا كاملا للمنازل ومنشآت تجارية وزراعية وصناعية لا يوجد من يوفر التعويضات المالية على اصحابها في ظل افلاس الدولتين اللبنانية والسورية.
على كل حال وبمعزل عن التعقيدات التي ما زالت قائمة والتي لا تنبىء بحل نهائي وشامل في منطقة اعتاد سكانها على كل الاعمال الخارجة على القانون بمختلف وجوهها. فالمنطقة تعيش فوق صفيح ساخن يجعل الحل رهن تفاهم على سد الثغرات في مناطق حدودية فالتة من اي رقابة ورعاية شرعية وهو ما يستلزم وقتا اضافيا لا يمتلك التحكم به اي طرف حتى اليوم. ولذلك فان السيناريوهات المقبلة ستبقى متعددة الوجوه الى ما لا نهاية محددة.