عاجل:

إقرار آلية التعيينات يطلق الالتزامات الإصلاحية (النهار)

  • ٣٣

يُعد إقرار مجلس الوزراء آلية للتعيينات الإدراية خطوة متقدمة وطليعية في وضع الالتزامات الإصلاحية لحكومة الرئيس نواف سلام موضع التنفيذ أو الشروع في التنفيذ، علماً أن رصد الصدقية الكاملة للحكومة والوزارات في نقل الإدارة العامة من زمن مهترئ إلى زمن إصلاحي سيكون عاملاً أساسياً في الرقابة على هذه العملية الشديدة الاهمية. كما أن الدلالات البارزة الأخرى لإقرار الآلية يتصل بالرسالة التي سيتلقفها المجتمع الدولي حيال استجابة الحكومة والعهد الجديد للمطالب الدولية في الإصلاح الذي سبق لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون أن كرّر أنه ضرورة داخلية قبل أن يكون مطلباً دولياً، فيما ارتسمت صورة التأييد الأساسية لتكليف رئيس الحكومة نواف سلام بتشكيل الحكومة إلى خلفية مقارباته الإصلاحية في الدرجة الأولى. وثمة بعد ثالث بارز لإطلاق آلية التعيينات يتمثل في التوازن بين الأولويات، إذ أن الأولويات الأمنية الماثلة في التحديات التي يواجهها لبنان على حدوده الجنوبية مع إسرائيل كما التحديات القائمة على حدوده الشرقية والشمالية مع سوريا، لم تحجب أو ترجئ إطلاق مسار التعيينات الذي تحتاج إليه عملية إعادة ترميم الإدارات والقطاع العام كأولوية غير خاضعة لمزيد من التريث والإرجاء تحت أي ذرائع وحجج ولو كانت أولويات أخرى ملحة.

وإذ أُقرت الآلية في الجلسة الثانية لمجلس الوزراء المخصصة لهذا الملف التي عقدت في السرايا أمس برئاسة الرئيس سلام، علم أن لا جلسة للحكومة اليوم في بعبدا لأن اسم حاكم المصرف المركزي الجديد لم يتم التوافق حوله بعد. وفي هذا السياق أفاد مطلعون على أجواء الوزير السابق جهاد أزعور أن الاخير غير معنيّ إطلاقاً بكل الكلام المتداول إعلامياً في شأن تولّيه حاكمية مصرف لبنان وإنه يكرّر للمستوضِحين أنه لم يطرح نفسه يوماً مرشّحاً للحاكمية، علماً أنها عُرِضَت عليه في السابق مرّتين، وهو ليس معنياً بالتالي بكل الأخبار والتحليلات التي تضعه في سباق مع آخرين لهذا المنصب.

وأعلن الرئيس سلام أن إقرار آليّة للتّعيينات الجديدة “يجسّد شعار الحكومة وهو بناء دولة القانون والمؤسّسات” قائلاً: “لا دولة من دون إدارة. ونحن نسعى إلى أن تكون إدارة مرافق الدّولة حياديّة ونزيهة وفاعلة وتحمي المواطن، وتؤمّن الخدمة العامّة بأعلى درجات الجودة، لا بخدمة المناطق والمذاهب والطوائف، بل تقوم على الكفاءة والجدارة وليس على المحسوبيّة أو الزبائنية”.

وأوضح أنّ “الآليّة التي اعتمدناها تستهدف الإدارة بركيزتها الأساسيّة، وهي مواردها البشريّة، من خلال اعتماد الأكثر كفاءة”، مشيرًا إلى أنّ “هذه الآليّة تعتمد على تسعة مبادئ، هي: الأولويّة، التنافس، العلنيّة، الشموليّة، عدم تضارب المصالح، المرونة والمداورة، المشاركة، التنوع والشمول، والشفافيّة والمساءلة”. ولفت سلام إلى أنّ “آليّة التعيينات ترتكز على التعيين من داخل الملاك ومن خارجه، وأدعو موظّفي القطاع العام في الفئة الثانية إلى التقدّم إلى الفئة الأولى، فالدولة بحاجة إلى دمٍ جديد”، مؤكداً اعتماد مبدأ المناصفة في وظائف الفئة الأولى من دون تخصيص أيّ وظيفة لأي طائفة كما تنص المادة 95 من الدستور. وقال: “نسعى إلى إعادة النظر في هيكليّة الإدارات والمؤسّسات العامّة ومعالجة موضوع التوظيف العشوائي، وحلّ مشكلة الشغور الكبير في الإدارة، الذي نتج عن قلّة الكفاءات”. وأعلن سلام أنّ مجلس الوزراء شكّل الأسبوع الماضي لجنة وزاريّة لدراسة عمل القطاع العام وتحديثه، ولجنة أخرى لدراسة موضوع التحوّل الرقمي في القطاع العام.

كما أن وزير الإعلام بول مرقص أوضح “أننا استبقينا على دور الوزير في آلية التعيينات، فالوزير المعني يقترح قائمة بأسماء المرشحين من خارج الملاك والقرار محفوظ لمجلس الوزراء”. وأضاف أن “إطلاق آلية تجيز التعيين من خارج الملاك من خلال تحديد الكفاءات من قِبل الوزير المعني بالتنسيق مع وزير الدولة لشؤون التنمية الإداريّة”، مشيراً إلى أن “المهل قصيرة لكي لا تأخذ آليّة التعيينات وقتاً طويلاً واللجنة المكلّفة ستجري مقابلة مع كلّ مرشّح على حدى وتنظّم محضراً”.

كما قال مرقص إن “سلطة الوصاية يعود لها أن تقترح تمديد أو تجديد ولاية رئيس وأعضاء مجلس الإدارة على مجلس الوزراء”، معلناً عن “تشكيل لجنة وزاريّة تضمّ عدداً من الوزراء مهمّتها متابعة عودة النازحين ويمكنها الاستعانة بمن تراه مناسباً من أصحاب الاختصاص لمتابعة الموضوع”. وأوضح أيضاً أنه “لم يتمّ بعد إلغاء شهادة البريفيه، ومجلس الوزراء لم ينظر بعد في الأمر وسيدرس اقتراح وزيرة التربية”.

افطار بعبدا

وطرحت مواضيع الساعة في الاجتماع الثلاثي الذي عقد بين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام مساء أمس قبيل الافطار الذي أقامه الرئيس عون في قصر بعبدا وضم حشداً من الحضور الرسمي والنيابي والسياسي والديني والديبلوماسي. ولفت في الكلمة التي القاها رئيس الجمهورية في المناسبة تشديده المركّز على الوحدة الداخلية والوطنية أساساً لكل شرعية. ومما قال في هذا السياق: “أدركتُ أنّ شرعيةَ أيِ سلطةٍ في لبنان، لبنانَ الكيانِ والوطنِ والدولة، هي في أن نكونَ معاً. أن نحيا معاً وأن نُحيي حياتَنا معاً. أن نُصلي معاً وأن نصومَ معاً ونفطرَ معاً. أن نقاومَ معاً. وأن ننتصرَ معاً. أن نفرحَ زمناً، أو نحزنَ للحظةٍ معاً. وأن تكونَ معيّتُنا هي ترياقُنا، لنمسحَ حزنَ اللحظة، ونؤبّدَ فرحَ كلِ لحظةٍ معاً. وفي كلِ الأحوال وشتّى الأزمان، أن نبقى معاً. أما أن يكونَ رئيسُ الجمهورية هو رمزُ وحدةِ الوطن، فأدركتُ أن هذا يعني ويقتضي، أن أكونَ أنا وأنتم جميعاً هنا تحت هذا السقفِ بالذات. سقفُ دولتِنا ووطنِنا وميثاقِنا لأنّ وحدتَنا هي أغلى ما نملكُ وأعظمُ ما نملك هي قوتُنا وحصانتُنا ومِنعتُنا وقدرتُنا، هي سلاحُنا الأمضى وثروتُنا الأغنى وخيرُنا الأبقى. بوحدتنا، هنا، نحفظُ وطنَنا من كلِ عدوانٍ وأطماع”.

أضاف عون: “بوحدتنا هنا، نستعيدُ كلَ حقوقِنا ونحررُ كلَ أرضنا ونستعيدُ كلَ أسرانا. بوحدتنا هنا، نحققُ ازدهارَ شعبِنا واستقرارَ مجتمعِنا واستقلالَ بلدِنا. بوحدتنا هنا، نُعيدُ بناءَ ما تدمّر. ونضمنُ ألا نسمحَ بالدمارِ مجدداً أو دورياً. بوحدتنا هنا، نزرعُ الفرحَ في عيونِ أبنائنا والأملَ في نفوسِهم. فنحصدَ مستقبلاً يليقُ بالتضحيات والشهادات… ويُشبهُ لونَ تلك العيون. بوحدتِنا هنا، نقومُ بعد أيِ كبوة. وننتصرُ بعد أيِ نكسة. ونبلسمُ أيَ جرحٍ حتى يبرأ. ونبتسمُ لكلِ غدٍ، إيماناً منا بأنه سيكونُ أفضل. بوحدتنا هنا، لا تكونُ جماعةٌ منا مكلومة. ولا حقوقَ لنا مهضومة. ولا فئةَ عندنا مظلومة”.

بين “الحزب” ورجي

في المشهد الداخلي برز موقفان لـ”حزب الله”، أولهما يدعم الجيش في مهمته في البقاع الشمالي، والآخر يتهم وزير الخارجية يوسف رجي بإعطاء الذريعة لاعتداءات إسرائيل على لبنان. وقد أشاد رئيس تكتل “نواب بعلبك – الهرمل” النائب حسين الحاج حسن بـالجيش اللبناني “الذي قام بدوره وحشد ‏قواته ودخل إلى بلدة حوش السيد علي اللبنانية” ودعا العشائر والعائلات وأبناء المنطقة إلى “احتضان الجيش اللبناني والوقوف معه ، لأننا ما زلنا ‏نؤمن بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة”.

أما عضو “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب ابراهيم الموسوي فاتهم وزير الخارجية بأنه “ذهب بعيداً في افتراءاته لاتهام “حزب الله” بالتنصل من وقف إطلاق النار في موقف ‏خطير جداً ينقلب ‏على الثوابت الوطنية وسياسات الحكومة ويعطي العدو تبريراً لاعتداءاته وصكّ براءة ‏مفتوح للمضي في إجرامه”.‏

ولكن الوزير رجي قال في حديث جديد أمس عن تحميله “المقاومة” مسؤولية ما حصل: “لست أنا من يحملها المسؤولية، بل الوقائع هي التي تؤكد ذلك”، مشدداً على أن “الدولة اللبنانية سترفع شكوى ضد الحكومة الإسرائيلية لمحاسبتها على الجرائم التي ارتكبتها بحق لبنان، إذ لا يمكن مسامحتها بما تسببت به من دمار هائل وأضرار بشرية، لكننا نسأل في المقابل من تسبب بكل هذه الخسائر، ومن ادعّى مساندة غزة ومن أعلن مراراً وتكرارا أنه سيحرر القدس؟”. وإذ دعا رجي إسرائيل إلى “الانسحاب الفوري من النقاط الخمس التي احتلتها ووقف عملياتها العدائية”، اعتبر أن “الشرط الأساسي لوقف إطلاق النار كان الالتزام بتنفيذ القرار الدولي 1701 بكامل مندرجاته، وإحدى هذه المندرجات هي القرارات الدولية ذات الصلة التي هي 1559 و1680 والتي تتحدث عن حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وهذا لم يطبق بعد”.

ويتكوف: نثق بقدرة الحكومة اللبنانية

أكد المبعوث الرئاسيّ الأميركيّ الخاص ستيف ويتكوف على استقلالية لبنان في اتخاذه قراراته السيادية، مبدياً ثقته بالحكومة ومؤكداً أن الولايات المتحدة تدعم الرئيس اللبناني جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام.

ونفى مكتبه ما ورد في تقرير نشرته “النهار” بشأن لقائه في الدوحة شخصية لبنانية ومطالبته لبنان بالتواصل مع إسرائيل.

وأضاف: “لبنان دولة مستقلة تتخذ قراراتها السيادية بنفسها، ونحن نثق بقدرة هذه الحكومة على القيام بذلك، ولقد أكدت إدارة ترامب، بشكل علني وخاص، أن الولايات المتحدة تدعم الحكومة اللبنانية، بقيادة الرئيس جوزف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، في جهودها لبسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وتنفيذ الإصلاحات لتعزيز مؤسسات الدولة، وتلبية تطلعات الشعب اللبنانيّ”.


المنشورات ذات الصلة